مع كل مناسبة دينية تمر بها مصر ، خاصة الاحتفالات بذكرى مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يكتشف التليفزيون المصرى تحديداً والقنوات الفضائية عامة عدم وجود سوى عدد محدود من الأفلام يصل إلى 12 فيلماً فقط لعرضها في تلك المناسبة وغيرها من المناسبات ، والتى يرجع إنتاجها إلى سبعينات القرن الماضى، وتحديداً ما بين عامى 1951 1972 . ومن أهم الأعمال التى تعد علامة بارزة فى السينما المصرية فيلم "هجرة الرسول(ص)" للمؤلف حسين حلمى المهندس ، وسيناريو وحوار عبد المنعم شميس ، وأخرجه ابراهيم عمارة عام 1964 ، وقام ببطولته ماجدة وايهاب نافع ، بالإضافة إلى فيلم "الشيماء" الذى أُنتج عام 1972 ، عن قصة أحمد على باكثير ، وسيناريو وحوار عبد السلام موسى ، وإخرج حسام الدين مصطفى ، والذى تعتبره الفنانة سميرة أحمد من أهم اعمالها ، إن لم يكن أهمها على الإطلاق ، وشاركها بطولته الراحلين توفيق الدقن وأحمد مظهر، وغيرها من الأعمال منها بلال مؤذن الرسول إنتاج عام 1953 وبطولة يحيى شاهين وماجدة ، وتأليف وإخراج أحمد الطوخى ، وفيلم فجر الإسلام عن قصة عبد الحميد جودة السحار ، وإخراج صلاح أبو سيف ، وبطولة محمود مرسى ، وسميحة توفيق ، وإنتاج عام 1971. أما فيلم "الرسالة" الذى أخرجه الراحل مصطفى العقاد فهو أكثر الأعمال التى لاقت انتشاراً عالمياً ، وتم تقديمه بنسختين عربية وأجنبية ، وشارك فى النسخة الأجنبية نجوم عالميين ، وكانت العربية من بطولة عبد الله غيث في دور حمزة بن عبد المطلب ، أما الإنجليزية فمن بطولة أنطوني كوين بنفس الدور ، والبطولة النسائية للممثلة السورية منى واصف في دور هند بنت عتبة ، وأدت الممثلة العالمية أيرين باباس الدور نفسه في النسخة العالمية وتم ترجمته إلى 12 لغة. أما فيما يتعلق بإنتاج أعمال جديدة فمثل هذه الأعمال لا يقبل المنتجين عليها نظراً لتكلفتها الضخمة وعدم إقبال الجمهور عليها ، لذلك لابد من تعاون الشركات الإنتاجية بمشاركة بعض الدول العربية حتي نتمكن من إنتاج أفلام جيدة وحقيقية تعبر عن الواقع ، وهو ما طرح عدد من التساؤلات عن عدم إقدام المنتجين على إنتاج أفلام دينية على الرغم من إعلان عدد من الجهات عن عزمهم إنتاج أفلام تتصدى للإساءة التى تعرض لها الرسول الكريم مؤخراً ، ومن تلك الجهات نقابتى المهن التمثيلية ، والسينمائية ، وكذلك شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات ، مدينة الإنتاج الإعلامى ، وقطاع الإنتاج بإتحاد الإذاعة والتليفزيون. وأكد الفنان سامح الصريطى وكيل نقابة المهن التمثيلية أنه يبحث مع رجل الأعمال القبطي المصري إبراهيم زكي نوفل المهاجر منذ قرابة 40 عاماً للبرازيل إنتاج فيلم "عبقرية محمد" للكاتب عباس محمود العقاد لعرضه في أمريكا ، وذلك في رد فعل سريع من قبل الفنان للرد على الفيلم المسئ للرسول الكريم ، مؤكداً أنه يضع كل إمكانيات النقابة من أجل إنتاج الفيلم للرد على الإساءات ضد النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" والإسلام . فى الوقت الذى أكد فيه مسعد فودة نقيب السينمائيين أنه سبق وعقد إجتماعاً مع أعضاء مجلس النقابة بعد أزمة الإساءة للرسول ، تمّ الاتفاق خلاله على إنتاج فيلم جديد يحكي قصة حياة الرسول ، ويبرز سماحة خلقه وسمو رسالته بمشاركة عربية في الإنتاج والتمثيل ، مشيراً إلى أنه قام بتشكيل لجنة لتلقي النصوص للبحث عن مضمون مختلف لسيرة الرسول ، يختلف عن الأعمال القديمة التي تم تقديمها عنه ، ولازالت اللجنة تتلقى السيناريوهات. وأكد فودة أن النقابة سوف تقوم بإرسال خطابات إلى معظم الجهات المنتجة في مصر والعالم الإسلامي للمساهمة في هذا العمل ، كما أنه توجد الكثير من التبرعات المادية الجاهزة للمشاركة ، مشدداً على أنه سوف يعرض السيناريو الذي يتم الاستقرار عليه على الأزهر الشريف ، خاصة أنه من المقرر فور الاستقرار على السيناريو المناسب ستقوم لجنة من النقابة بتولي مسئولية اختيار المخرج وطاقم المشارك في التمثيل . بينما أختلف موقف الجهات الحكومية التى دعت إلى إنتاج أفلام جديدة مثل شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات ، ومدينة الإنتاج ، وقطاع الإنتاج بإتحاد الإذاعة والتليفزيون بعد أن أجمع مسئولى الجهات الثلاث أن الأزمات الاقتصادية التى تمر بها مصر هى السبب فى عدم توافر السيولة المادية لإنتاج مثل تلك الأعمال ضخمة الإنتاج والتى تليق بذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم ، بالإضافة إلى عدم توافر السيناريو الجيد الذى يغرى المنتجين للمشاركة مع الجهات الحكومية فى التصدى لإنتاج عمل ضخم كهذا . فى حين أعلنت حركة "أزهريون مع الدولة المدنية" عن تأييدها إنتاج فيلم عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم يتم ترجمته إلى 10 لغات من أجل إظهار الصورة الحقيقية له ، فى الوقت الذى أعرب فيه رجال دين وفنانون ومثقفون مصريون عن تأييدهم لاتجاه قطر نحو انتاج فيلم عالمي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحمل اسم "رسول الاسلام" بالمشاركة مع كبرى شركات الانتاج في هوليوود وبتكلفة تقدر ب 200 مليون دولار ، معتبرين أن من شأن هذه الخطوة تعريف الغرب بشخصية الرسول وبالدين الاسلامي الجليل والرد على الإساءات المتكررة للنبي الكريم ، وتصحيح صورته في أذهان شعوب الغرب الذي لا يعرف الكثير عن الاسلام وعن خاتم الأنبياء والمُرسلين. بالإضافة إلى رعاية الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ضمانة لخروج الفيلم بالمصداقية والمهنية العالية في التناول ، مما سيلعب دوراً مهما في تصحيح صورة الإسلام ، ووصفوا هذه الخطوة بالهامة والكفيلة بإظهار الوجه الحضاري الاسلامي وعظمة سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام ودوره المجيد في الدعوة الاسلامية. وأشاروا الى أنه بإمكان قطر بخبراتها الفنية والمادية والمعنوية والدينية وبعلاقاتها القوية مع معظم دول العالم ان تقدم فيلماً سينمائياً مشرفاً عن الرسول الكريم يتفوق على الافلام المبهرة التي قدمتها السينما الامريكية عن السيد "المسيح". وطالبوا الدول العربية بتشجيع الخطوة القطرية ومباركتها بالتأييد الفنى والمادى لإظهار الفيلم المنتظر ، لافتين الى ان تصدى قطر لهذه التجربة سيعيد للفيلم الديني والتاريخي العربي مجده في المنطقة العربية. وأكدوا أن وجود أسماء قوية في الوطن العربي تشرف على هذا المشروع الضخم في مقدمتهم الشيخ القرضاوي يرسخ مشاعر الامل والثقة في نفوس الكثيرين من أبناء الوطن العربي مسلمين ومسيحيين بأن المشروع السينمائي الجديد التي تنتجه دولة قطر سيكون بمثابة رد قوى على كافة الاساءات المتتالية والمتكررة في حق الدين الاسلامي والمسلمين والرسول الكريم . فى المقابل جاء قرر سينمائيون إيرانيون بإنتاج فيلم جديد عن حياة الرسول محمد "صلي الله عليه وسلم"، بتجسيد شخصية الرسول الكريم لأول مرة على الشاشة بمثابة صفعة للمنتجين العرب المتخاذلين عن إنتاج أفلاماً تدحض الاعتداءات على الرسول الكريم ، بعد أن قرر المنتج "مهدي هيدريان"، والسيناريست "كامبوزيا باتروفي"، والمخرج "ماجد مجيدي"، عمل الفيلم على شكل ثلاثة أجزاء ترصد حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) منذ ولادته وحتى وفاته ، مؤكدين أن حياة النبي أكبر من اختزالها في فيلم واحد . ورغم أن المخرج الإيراني يعلم تماماً خطورة الموقف وإشكاليته ، وكم الهجوم المتوقع عليه ، إلا أنه يبرر إقدامه على هذه الخطوة بأن نشر كتاب "آيات شيطانية" ، وإنتاج أفلاماً تسيء لشخصية النبي والقرآن الكريم والقيم الإسلامية ، كان الدافع له لتقديم مثل هذا الفيلم الكبير، لكشف غبار التضليل عن الوجه الناصع لهذا النبي الكريم" . وقد كشف المنتج والمخرج مالك العقاد عن صعوبة تقديم فيلم ضخم عن الرسول فى الوقت الحالى ، حيث أكد أنه فخور بفيلم الرسالة الذي قدمه والده الراحل مصطفى العقاد ، والذى يُعد من كلاسيكيات السينما ، وكان رسالة للعالم الغربي عن الاسلام ومدى سماحته وتقديم صورة واضحة عن رسالة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الي العالمين ، مشيراً إلى أنه يعتز بالنسختين العربية والانجليزية اللتان تم تقديمهما من قبل وأن النسخة العربية أوصلت إليه الاحاسيس التي من الممكن ان يشعر بها أي عربي مسلم من خلال الشخصية التي قدمها الفنان الراحل عبد الله غيث . وعن كونه كمنتج ومخرج لماذا لم يفكر في تقديم فيلم يرد علي الإساءة التي طالت الرسول في الفترة الماضية فقال "من الصعب في الوقت الحالي أن يتم تقديم عمل بهذه الضخامة لان الآليات غير متوفرة لأنه لا يوجد مؤلف جيد ملم بتفاصيل هذه المرحلة ومن الممكن ان يقدمها بشكل محترف". من جانبه أكد المخرج محمد فاضل على أهمية تقديم فيلم سينمائي ضخم عن حياة النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" قائلاً أنها خطوة قد تأخرت لسنوات طويلة منذ " فجر الاسلام" و "الشيماء" وغيرها من الافلام التاريخية الضخمة التي انتجتها السينما المصرية في عقود سابقة. ولفت فاضل إلى أن تصدى قطر لتقديم أول فيلم عن حياة "النبي محمد" وقيام الدكتور يوسف القرضاوي بالإشراف على مادته التاريخية سيدفع به الى الامام وسيخرجه من دائرة الهجوم النقدي والديني المنتظر ، مشيراً إلى أن الغرب قد أنتج عشرات الأفلام عن السيد المسيح تناولت مختلف وجهات النظر ، وكان من الأولى للمسلمين إنتاج فيلم عن قصة "النبي محمد" وغزواته وجهاده الكبير من اجل نشر الاسلام. فى حين أكد المنتج محمد حسن رمزي أنه وسط طغيان موجة الكوميديا التي غرقت فيها السينما حتى أذنيها منذ سنوات، فإن إنتاج فيلم سينمائي ديني ضخم يرصد الصورة الصحيحة للإسلام والرسول الكريم يُعد خطوة جديدة على السينما العربية ، وستقدم للعالم الغربي كرائعة من روائع الإنتاج العربي الجاد على غرار "الشيماء" و "فجر الإسلام" و "الرسالة" و "بلال مؤذن الرسول" و "وا إسلاماه". وأكد رمزي أن الفيلم سيكون عاملاً مساعداً في تصحيح صورة المسلمين في العالم الغربي ، ولكن الأهم من ذلك أن يعمل على ألا تقف الفتوى التي تحرم تجسيد أغلب الشخصيات التي حول الرسول أمام خروج عمل سينمائي متميز فنياً ، فمشاهد السينما يحتاج إلى أبطال يتحركون على الشاشة ويتحدثون عن أنفسهم ، ويحتاج الفيلم إلى توسيع قائمة إباحة تجسيد شخصيات التاريخ الإسلامي إلى الحد الذي يسمح بخروج فيلم عالمي بالفعل وغير مسبوق عن الرسول ، وألا يتحول الفيلم باهظ التكاليف إلى نسخة من الأعمال الدينية العربية التي لم تخرج من حيز الوطن العربي. عبد الجليل حسن المسئول الإعلامى للشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائى أكد أن إنتاج فيلم سينمائى عن الرسول ليس بالأمر السهل مثلما يتحدث البعض ، لأنه قبل الحديث عن الفيلم ينبغى الإلمام بكافة التفاصيل التحضيرية ، منها الحصول على موافقة الأزهر ورابطة العالم الإسلامى ، بل ودعمهما أيضاً ، بالإضافة إلى مشاركة عدد من الجهات لإنتاج عمل ضخم يليق برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخرج بشكل جيد ، لأن فيلم كهذا لن يخاطب مصر فقط ، بل سيكون الهدف الأساسى منه مخاطبة العالم كله لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام ، ولنبى الإسلام ، ناهيك عن عامل الوقت ، حيث يتطلب العمل وقت طويل حتى يخرج للنور المخرج يسرى نصر الله أكد أن العبرة بالفيلم ، خاصة أن الأنبياء فى النهاية بشر ، نافياً أن تكون لديه أى مشكلة فى تجسيد الأنبياء على الشاشة ، لأنه دائماً لا ينظر لأى موضوع على أنه محظور أو غير محظور ولكن هل الفيلم جيد أم لا ، إلا أنه عاد ليؤكد أنه لا ينكر أن اتخاذ قرار بتقديم عمل عن نبى يكون صعباً ، لأنه أحياناً يكون تصور الناس لهذه الشخصيات يختلف عما يُقدم ، ولكن يجب أن ننسى أصل الشخصية وننظر إلى الموضوع وهل أشبعه فنياً وإنسانياً أم لا . الفنان السورى جمال سليمان أكد أنه لا يمانع من تجسيد شخصيات الأنبياء على الشاشة ، إلا أنه أعلن تحفظه على تجسيد شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .