في تصوري أن الخسارة الأكثر فداحة التي أصابت جماعة الإخوان المسلمين في الأحداث الأخيرة، ليست هي ما جري من إقصاء أو عزل للدكتور مرسي عن منصب رئيس الجمهورية، رغم جسامة هذه الخسارة، ولكن خسارتها الأعظم هي فقدها للتعاطف الشعبي العام، الذي كانت تتمتع به طوال عقود سابقة، قبل أن تتبوأ مقاعد الحكم وتسيطر علي مقاليد السلطة. وأعتقد أن هذه الخسارة المعنوية الجسيمة، بالاضافة إلي الخسارة المادية المتمثلة في ضياع كرسي الرئاسة، كانت هي الأسباب وراء حالة الاهتزاز وفقدان الاتزان، التي اصابت قادة الجماعة ورءوسها الكبيرة، ودفعتهم إلي التخبط وقصور البصر والبصيرة لحقيقة الواقع ودلالاته. وكان من المفترض ومن المتوقع أن تبادر جماعة الإخوان ببحث ودراسة هذا الأمر الجلل، وأن تبحث بجدية عن الأسباب وراء ما حدث لها، وأن تفتش عن إجابة شافية للسؤال الذي يطرح نفسه عليها الآن، وهو لماذا تغيرت مشاعر الناس تجاهها في هذا الوقت القصير،. ولكن ذلك لم يحدث. وطبقا لما هو ظاهر علي السطح حتي الآن من ردود فعل الجماعة علي الأحداث والوقائع التي جرت، نجد أن مجمل ردود فعل الجماعة عصبية وغاضبة بل وعنيفة أيضا، وهو ما لا يتفق علي الإطلاق مع ما تقول به الجماعة من كونها جماعة دعوية في الأساس، وأن مهمتها هي دعوة المواطنين للالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية، وليس من أهدافها السيطرة علي مقاليد السلطة، والاستحواذ علي كرسي الحكم. وكما هو واضح حتي الآن، فإن الجماعة قد اختارت طريق الصدام والعنف، تعبيرا عن رفضها لإقصاء وعزل ممثلها وعضو مكتب إرشادها عن مقعد الرئاسة، وهو ما جاء علي لسان جميع قادتها ومرشدها العام، وهو ما رأيناه مطبقا علي أرض الواقع خلال واقعة محاولة اقتحام نادي الحرس الجمهوري. وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي مدي الاهتزاز وعدم الاتزان الذي أصاب قادة الجماعة نتيجة قوة الصدمة التي أصابتها، وهو ما جعلها تفقد القدرة علي التصرف بأكبر قدر من الحكمة، وتغليب المصلحة العليا للوطن وسلامته وأمنه علي أي مصالح أخري لشخص أو جماعة.