وكان المخاض.. معرضا له طعم خاص واسم علي مسمي »انتزاع الحلم« حلم الحرية، حلم الانطلاق، حلم تحقيق الذات بعد ثورة عظيمة شملت كل مناحي الحياة.. وكان الفن تعبيرا لرؤية الفنانة المبدعة.. فكان هذا العمل الحركي المجسم المعبر عن مكنون النفس الوثابة للحرية والانطلاق نحو آفاق واسعة من الإبداع والتجديد في الفكر المنطلق دون قيود ولا حدود بعد طول كبت وتقزم للإنسان المصري صاحب الحضارة والتاريخ والمجد والريادة عبر العصور.. فإذا كانت هناك كبوة أو نكسة فهي مؤقتة وملهمة لانطلاقة جبارة هائلة نحو مستقبل جديد ومشرق واعد مبشر بالخير والسعادة لأمنا الغالية الحبيبة مصر الخالدة، ما تضمنه تحليل المدني لا يحتاج لتوضيح فهو بليغ بوضوح الشمس، أما معرض داليا الحالي تحت عنوان «ضد الجاذبية» والتي تدور فكرته كما ذكرت بمقدمة المقال فإذا اعتبرنا أن الفنانة تنتمي إلي فريق من الفنانين يؤمن بالشكل والمضمون للعمل الفني كرسالة إنسانية تحمل في طياتها دلالات وعلامات قد تكون غامضة في معظم الأحيان إذا قارنا الناتج التشكيلي والجمالي بالفكرة كمرجعية بصرية، ففي هذه الحالة تكمن المعاني في الرموز الدالة علي الفكرة، ومن النماذج التاريخية كمرجعية فنية عبقرية لوحة «الجيرنيكا» للفنان الأسباني بابلو بيكاسو الذي رسمها عام 7391 بعد تدمير قرية الجيرنيكا، فالرمز في أعمال الفنانة داليا يغيب أحيانا بصريا ويندمج في الفكرة وقد يتلاشي.. ويفقد في هذه الحالة العمل الفني المستهدف منه، والفنانة استخدمت تقنيات مركبة «تصوير فوتوغرافي مع معالجات فوتوشوب ضوئية ولونية.. مطبوع علي قماش، خلال العقود الثلاثة الأخيرة تعاظم استخدام التصميم الجرافيكي والأعمال الفنية المستخدمة فيها ميديا الديجتال.. لست ضد الوسائط الجديدة ولكن علي الفنان الفصل في مدي وحدود استخدامه لهذه الوسائط.. فالأعمال المطبوعة لا يمكن مقارنتها بالأصول المرسومة والملونة يدويا، وعلي سبيل المثال لو صورت بدقة لوحة «الموناليزا» للفنان ليوناردو دافينشي وطبعته علي نسيج فالمقارنة صعبة فالأصل يحمل مقومات حيوية العمل وطبيعة الخامات المستخدمة وطزاجة الفائدة أما الأعمال الفنية المطبوعة فتفقد كل هذه المقومات، فأعمال الفنانة داليا تحتاج إلي التعامل والتفاعل والتجريب في الخامات الطبيعية فالناتج سيكون تألقا حيث ستتوافق التقنية مع البناء التشكيلي للعمل الفني، وتلاحظ أن التصوير الفوتوغرافي للفنانة لأعمالها المجسمة لمعرضها السابق.. وهي التي استخدمت في أعمالها الفنية الأخيرة، ونهر الفن ينتظر معرضها القادم إن شاء الله بتوظيف أفكارها المتميزة في أعمال منفذة بخامة الأكريليك أو التصوير الزيتي، ويهنئها علي هذا المعرض.