" يحكي أن الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص، كان كثير الإقدام، كثير الإحجام، يعني يتقدم بسرعة كبيرة، وإذا رأي أن الأمر يحتاج الي التراجع، او الإنسحاب، او الإحجام، ينسحب وبسرعة أيضاً، ما يعني إنه احياناً يكون الإحجام، او الأنسحاب أمراً محموداً! وما يجري في الشارع المصري من صراعات ومناوشات بين هذا التيار أو ذاك، يذكرني بصفة الصحابي الجليل بن سعيد، فثمة رؤية تري أنه يتحتم على الانسان اذا ما رأى ان الامر يزداد سوءاً فلينسحب ويلملم اوراقه، ثم يبدأ من جديد بعدما يدرك وجوب العودة، ولكن بشكل مختلف. تذكرت بن العاص حينما قرأت خبراً يفيد بوفاة أمريكي في مناوشات الاسكندرية في الثامن والعشرين من يونيو، أو تحذير الشرطة المصرية من اندساس أناساً بزي الشرطة وسط المتظاهرين، ليؤكد مقولتي السابقة بوجود عملاء وجواسيس مندسين بين الثوار في كافة ميادين التحرير في القطر المصري جله، يعبثون بمقدرات الامور ويقودون الثورة المضادة لبث الفرقة والشتات بين المصريين، ويعملون على زيادة الحنق والضيق من النظام الحالي، أيا كان النظام، سواء مرسي او مبارك، او غيرهما، المهم بالنسبة لهم أن يسال الدم المصري في الشوارع، تحقيقاً للنبؤة الصهيونية بتفتيت الشعب المصري ودخوله في حالة الفوضى والتيه واللا عودة. منذ عشرات السنين وبروتوكولات حكماء صهيون تبغي بث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد، واللعب على دخول الشعوب العربية والاسلامية في حالة الحروب المذهبية والطائفية والاإثنية، وقد كان! والمتابع لتصريحات القادة والمسؤولين الصهاينة في الفترة الاخيرة يتأكد له ان الكيان الصهيوني في حالة من الفرحة المكتومة لما يجري في الشارع المصري على وجه الخصوص؛ فبعد تفكيك الجيش العراقي على يد الصهيونية العالمية، ودخول سوريا في حالة من الفوضى والتيه بتدخل صهيوني عربي مباشر، لابد وأن يأتي الدور على مصر، فالدول الثلاث، العراق وسوريا ومصر، هي الدول التي ذكرها بن جوريون بأن فرحته لن تكتمل بحصول كيانه على السلاح النووي، وإنما بفناء جيوش تلك الدول! لعل مقولة الجنرال عاموس يادلين رئيس جهاز المخابرات العسكرية الصهيوني السابق " جهاز أمان " المهمة والخطيرة التي صرح بها أثناء تسليمه منصبه لخلفه الجنرال آفيف كوخافي قبل الثورة بعدة اسابيع فقط: إن المخابرات الإسرائيلية نجحت في اختراق مصر وعاثت فيها فساداً، ونجحنا في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، لكي يعجر اي نظام يأتي بعد مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر "، مقولة خطيرة توحي وتؤكد ما نحن فيه حالياً! لا تعفي هذه المقولة أخطاء مرسي المعروفة للقاصي والداني، وإنما تعريفاً وتأكيداً على ان حالة الانقسام التي يشهدها المجتمع المصري قد رمى بذورها من قبل الكيان الصهيوني وساعده فيها النظام السابق، نظام مبارك العميل، بإغفاله وإهماله للدور الصهيوني المعروف في مصر، ويكفي ان السائح الاسرائيلي يدخل مصر بتأشيره عادية ليبث بها سمومه، ويكفي ان نؤكد ان القاء الشباب المصري العادي في ميدان التحرير على الجاسوس " إيلان جرابيل " في العام 2011، وبعيد ثورة يناير بعدة اسابيع فقط، ليس الا مثالاً وذكراً ما يزال ماثلاً في الأذهان، وما من شك في ان هناك العشرات وربما المئات من الجواسيس الصهاينة الذين يندسون بين المتظاهرين والثوار لتأجيجهم ضد النظام الحالي، او لتعمدهم تخريب المنشآت والممتلكات العامة، لتغرق مصر في فوضى لا تمكنها من التفكير في تحرير اراضينا المحتلة! لعلنا نتذكر جميعاً حرق الكنائس وتصوير " جرابيل " أثناء هذه الرائق، والفتنة المستعرة بين السنة والشيعة، حالياً، ليس الا تحقيقاً لمقولات ترددت كثيراً في مؤتمر هرتزليا الثالث عشر الذي عقد مطلع العام الجاري في الكيان الصهيوني، الذي ذكر ضرورة استغلال الخلافات الطائفية والمذهبية في مصر وتأجيجها لدخول مصر في حالة فوضى تامة! استشراء حالة التخريب المتعمد للمنشآت والممتلكات العامة والتعدي على الخصوم السياسيين، سواء من قبل جماعة الاخوان المسلمين على جماعات وحركات تمرد او غيرها من الحركات المختلف معها سياسياً وايديولوجيا، او من قبل الجماعة الاخيرة ذاتها، او غيرها من البلطجية واتباع فلول النظام السابق والحزب الوطني، يساعد الكيان الصهيوني بشكل مباشر في استمراره على الاراضي الفلسطينية، بل وتهويد القدس وبقية الاراضي الفلسطينية، وكذا يشير بقرب تعمق الصهاينة في مصر، فكلما تضاءلت مصر ارتفعت هامة الكيان الصهيوني، والعكس بالعكس! وما من شك في ان عناصر مدسوسة ومأجورة اندست وستندس بين الثوار والمتظاهرين ولا اقصد هنا التقليل من المتظاهرين والثوار، وإنما لتحذيرهم من عدم الانجرار وراء من يؤجج مشاعرهم ضد إخوانهم وأخواتهم في الدين والعرق والأرض تعمل على تفتيت القطر المصري، وتساعد الصهيونية العالمية في استراتيجيتها القائمة على نشر الفتن والانقسامات بين ابناء الوطن الواحد، وليس العراق والسودان واليمن وليبيا وتونس وسوريا ببعيد! " الوقاية خير من العلاج " ، و " درء المفاسد مقدم على جلب المنفعة "، و " ضرب الأفعى على رأسها وليس على ذنبها "، هي مقولات لابد وأن نعمل يها في هذه الفترة الحالكة من تاريخ مصر؛ ومن هنا، اعتقد ان القضاء على الطرف الثالث، او اللهو الخفي هو ما جيب أن يجمعنا، ويجب ان نلتف حوله، وليس التناحر فيما بيننا لاسقاط مرسي، او اية حاكم مصري قادم! باحث دكتوراه مصري في الشؤون الصهيونية والترجمة من العبرية [email protected]