عجيب أمر هذا العالم .. الكبار يفعلون ما يحلو لهم حتي لو كان ذلك علي حساب البقية .. وعندما يخرج أحد المحتجين ممن قدر لهم اكتشاف أمرهم وفضح لعبتهم يقيمون عليه الحد . بالأمس كان جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس، الذي تمكن من الوصول إلي وثائق أمريكية خطيرة تكشف ألاعيب الساسة، ومؤامرات المسئولين، وأكاذيب صناع القرار وخداعهم لشعوبهم . واليوم يأتي الدور علي أسانج آخر هو إدوارد سنودوك، الذي سرب تفاصيل برنامج التجسس الأمريكي " بريزم "، الذي انضم إلي أسانج، كأحد أهم من تطاردهم السلطات الأمريكية لتقيم عليه الحد، بعد إدارة باراك أوباما وتجسسها علي مواطنيها وكذلك الأجانب بحجة مكافحة الإرهاب، وفجر فضيحة كبري تتصاعد تداعياتها الآن وإذا كان قد سرب وثائق، فإن سنودوك أقام الدنيا وأقعدها ولا يزال بتسريبه وثيقة واحدة فقط من وكالة الأمن القومي الأمريكية كشفت المشروع السري الأمريكي " بريزم "، البرنامج الذي كان قد تم تنزيله علي أنظمة كبري شركات الإنترنت ومنها مايكروسوفت وجوجل وفيسبوك ويسمح لها بالحصول علي معلومات تحتاجها عن أي مستخدم لتلك الشركات، من تاريخ المحادثات والصور والأسماء والملفات المرسلة والمكالمات الصوتية والفيديو، وحتي أوقات دخول المستخدم وخروجه . وإذا كان أسانج قد لجأ إلي سفارة إكوادور في لندن، هربا من اعتقاله وترحيله، لينتهي بين قبضة الأمريكيين لمحاكمته، فقد حمل سنودوك حقائبه، وغادر الفندق، الذي كان يقيم فيه في هونج كونج، ليختفي عن الأنظار، بعد أن أصدر الأمريكيون أمرا باعتقاله لمحاكمته، واعتبر الكونجرس الأمريكي ما فعله يرقي إلي مرتبة الخيانة . وإذا كان هذا هو موقف الأمريكيين من سنودوك عميل وكالة الأمن القومي الأمريكي السابق فإن للأوربيين رأيا آخر حيث يرون الشاب ضحية شأنه شأن عشرات الملايين حول العالم الذين تعرضوا للتجسس عبر شبكات الإنترنت وجوجل ومواقع التواصل الاجتماعي وأن الجاني " إدارة أوباما " يعمل علي تجريمه وتبادل الأدوار معها . وفي الوقت الذي لم يعرف بعد ما إذا كانت شركات الإنترنت، جوجل وفيسبوك ومايكروسوفت، قد تعاونت مع الأمريكيين في برنامج تجسسهم " بريزم "، خرجت هذه الشركات لتدرأ عن نفسها التهمة بعد أن اعلن الأوروبيون أنهم يفكرون في مقاطعتها . وقالت جوجل إن تقارير وسائل الإعلام بشأن تزويدها وكالات الاستخبارات بإمكانية الوصول دون قيود إلي معلومات بشأن عملائها ليست صحيحة. وفي الوقت الذي قال فيه إريك هولدر وزير العدل الأمريكي - قبل يومين - في محاولة لتهدئة الأوروبيين لمهاجمة تجسس بلاده علي العالم، أثناء زيارته لهولندا ،: "إن " بريزم " لا يجمع البيانات الخاصة علي الإنترنت جزافا وبدون إشراف"، يظل سنودوك هاربا حتي إشعار آخر .