فقدت مصر آخر معاقلها في بنيان ألعاب القوي العربية بتخليها وخسارتها للمسابقات الأهم- الجلة والقرص- التي طالما احتفظت بهما منفردة لعقود طويلة، وفي أزمان غاب فيها نجوم الجري والوثب المصريين عن الساحة العربية في ظل التطور المذهل لهذه المسابقات سواء في بلدان المغرب العربي- المغرب وتونس والجزائر- أو في ظل الطفرة الكبيرة التي حققتها بلدان المشرق متمثلة في دول الخليج بداية من السعودية والكويت والبحرين، ومؤخراً في السنوات العشرين الأخيرة علي يد قطر، حتي ولو كانت الأخيرة باستعانتها بلاعبين من المجنسين من أصول أفريقية أو عربية أو حتي أوروبية وأيضاً بلاعين وطنيين محليين أبرزهم لاعب الوثب العالي معتز عيسي الذي تخطي ارتفاع 230 سنتيمتراً في آخر بطولة في الدوحة. التأخر المصري عن الركب العربي وقبله وبطبيعة الحال الركب الأفريقي بما لا يعكس الحجم الحقيقي للدولة يضع العديد من علامات الاستفهام، فهو- أي التأخر- كغيره في مجالات عدة أفرز مشاكل وصورة غير مقبولة لا تتناسب وسمعتنا تماماً مثل ما نراه اليوم من مشكلة مياه النيل وخلافنا مع دولة مثل أثيوبيا التي تبني سد نهضتها بشكل يؤثر حتماً علي رزقنا من ماء الحياة مما يستوجب حتمية أن نصحوا ونفيق ونعمل ونكافح حتي نحافظ علي موطئ أقدامنا في نفس المكان الحافظ لبقائنا وحياتنا. وفي الوقت الذي فقدنا فيه الريادة في دفع الجلة ورمي القرص والمطرقة، قفزت مصر كطبيعتها دائماً مقدمة الدليل علي خصوبة وقوة معدنها الأصيل بلاعب موهوب اسمه إيهاب السيد في مسابقة رمي الرمح والذي سجل أقوي أرقام البطولة علي الإطلاق 79 متراً، ويمتلك المزيد ورقمه يزيد علي ال82 متراً ما يؤهله لمكان طيب في دورة البحر المتوسط المقبلة. طاقات مهدرة نقطة الضعف المصرية في اللعبة المهمة- أصل كل الألعاب- هي الطاقات المهدرة المتمثلة في لاعبين يتيهون وسط الفوضي وسوء الإدارة وانعدام التخطيط في مسابقات بديهي أن تتفوق فيها مصر بطبيعة الحال لامتلاكها مواهب لا تسأل الحكومة أو الهيئات كاللجنة الأوليمبية أو اتحاد اللعبة في رعايتها والمحافظة عليها لتقديمها في أفضل صورها في المناسبات والبطولات الكبري مثل العداء عمرو سعود الذي غاب عن البطولة العربية في الدوحة بغض النظر عن الأسباب رغم كونه أسرع عداء عربي في السنوات العشر الأخيرة، والعداء حمادة محمد في سباق 800 متر الذي يحمل رقماً قوياً في سجلات الاتحاد الدولي- دقيقة و44 ثانية- في مدينة تورينو الإيطالية ولم يكرره في بطولات وأحداث مهمة كالدورة الأوليمبية لندن 2012، ومؤخراً في الدوحة البطولة العربية 2013.. ولاعب الوثب الطويل محمد فتح الله الذي يمتلك أقوي الأرقام العربية ويفشل في لندن 2012 ليأتي ثانياً في الدوحة برقم بعيد عن قدراته 7.85 متر. المسابقات الضائعة والمحزن بل المبكي في حال ألعاب القوي المهمل هو المسابقات الفنية التي يفترض تفوقنا فيها بحكم العراقة والتاريخ مثل الوثب بالزانة التي غبنا عنها نهائياً رغم أننا كنا دوماً من رواد ممارسيها منذ أيام تواجد الجاليات اليونانية في مصر، ومروراً بأيام اللاعب د. علاء غيته، وانتهاء ببطل افريقيا أحمد حسني أبوزيد قبل 20 عاماً.. تأتي قائمة نتيجة الدوحة خالية من اسم مصر.. وكذا الوثب العالي الذي ارتفعت فيه العارضة في الدوحة إلي ارتفاع 230 سنتيمتراً بقدمي وجسم لاعب قطر معتز عيسي برشم.. فيما احتل لاعب مصر المركز التاسع بارتفاع 210 سنتيمترات فقط، في وقت نعرف فيه أن مصر أوفدت قبل 7 سنوات اللاعب كريم سمير لطفي إلي ألمانيا ليحسن رقمه- 226 سنتيمتراً- ولكنه لم يعد من هناك حتي اليوم! الأمل المنشود وإذا كانت هناك آمال منشودة فعلي الدولة أن تفتح أعينها وتضاعف العمل بإسناده لمن يفهمون ويقدرون علي تصحيح الصورة المقلوبة والمهملة بالاهتمام بلاعبين بالفعل يملكون الموهبة والقدرة ولا تنقصهم سوي الرعاية الواعية، أمثال- علي سبيل المثال لا الحصر- العداء أيمن سعيد الذي احتل المركز الثالث في 200 متر عدو برقم 20.81 ثانية، وجاء رابعاً في سباق ال100 متر، وبمقدوره اللحاق باللاعب الغائب دائماً عمرو سعود، وكذا لاعب الوثب الثلاثي الصاعد عمرو شومان الذي تخطي ال16 متراً في بطولة الجمهورية، ولاعب المطرقة علاء العشري الذي يرمي زيادة علي ال72 متراً.