لم تعد المدن الجامعية موطنا للهدوء والراحة والجوالمناسب للمذاكرة للطلاب المغتربين كما كان الحال قبل العقود الثلاثة الاخيرة، وانما باتت مكانا موبوءا يئن فيه الطلاب من سوء مستوي الاثاث والتكدس ناهيك عن سوء التغذية في المطاعم واللامبالاة من الادارات خاصة مشرفي السكن، وليس أدل علي ذلك من قيام العشرات من طلاب المدينة الجامعية التابعة لجامعة الأزهر بالتقدم ببلاغات لقسم شرطة مدينة نصر ثان، يتهمون فيها إدارة الجامعة بالإهمال لتناولهم، مساء الاثنين الماضي، وجبات غداء (بسلة) تنبعث منها رائحة كريهة وتحتوي علي بعض الحشرات ثم اصابة العشرات مساء أمس الأول "الجمعة"من طالبات الزقازيق بالتسمم الغذائي.. الأدهي والأمر ان يحدث هذا بعد تكرار حوادث التسمم الجماعي في جامعة الازهر مرتين خلال فترة وجيزة مما ادي الي قيام الطلاب بتنظيم مظاهرات احتجاجية في جامعة الازهر واكبها مظاهرات مماثلة في الكثير من المدن الطلابية بالجامعات الاخري بعد ان تحولت المدن الجامعية من موطن هادئ يوفر للطالب بيئة مناسبة للراحة والتحصيل العلمي والحصول علي الدرجات الجامعية الي مكان يهدد حياة عشرات الالاف من الطلاب بالضياع.. لتستحق عن جدارة لقب مدن الموت لم يكن حادثا التسمم الجماعي بمدينة الطلبة بجامعة الازهر امرا عرضيا اوحادثا عاديا وانما دق قوي لناقوس الخطر وكشفا للمستور منذ سنوات طويلة. ونحمد الله ان عشرات المصابين الذين اصيبوا بالتسمم قد تعافوا لكن رب ضارة نافعة فقد فتح الحادثان الباب للتعرف علي واقع الحال في المدن الجامعية عامة والازهر خاصة وحتي يعلن القضاء تفاصيل واسباب وقائع التسمم وتتم معاقبة المتسببين أخذنا علي عاتقنا مسئولية كشف المستور من خلال جولات ميدانية علي ارض الواقع في المدن الجامعية الثلاث الكبري في الازهر وعين شمس والقاهرة لنضع الحقائق كاملة بالكلمة والصورة امام الرأي العام ومتخذي القرارات قبل ان ينتشر الموت لاقدر الله داخل اسوار المدن الجامعية.. وربنا يستر وينهي الطلاب السنة الدراسية الحالية بدون كوارث لتبدأ الإجازة الصيفية ويجد المسئولون الفرصة الزمنية اللازمة لاصلاح ما أفسده الاهمال وقلة الضمير لقد بدأت محكمة جنح ثان مدينة نصر، محاكمة مدير المدينة الجامعية بالأزهر ومدير المطبخ و8 طباخين آخرين بتهمة التسمم الغذائي الجماعي للمئات من طلاب المدينة الجامعية في واقعة التسمم الأولي، والتي جرت مطلع شهر إبريل الماضي. وأسندت النيابة إلي المتهمين تهم الإصابة الخطأ للمجني عليهم من طلاب المدينة الجامعية والناشئة عن إهمالهم وعدم مراعاتهم للوائح والقوانين والأنظمة المعمول بها في شأن التعامل مع الأطعمة والأغذية بدأنا جولتنا من داخل المدينة الجامعية بالازهر وبالذات من داخل المطعم " الحال لايسر عدواً ولاحبيباً " فالمطعم عبارة عن قاعة كبيرة كئيبة تزدحم بالمقاعد والترابيزات العتيقة اما ارضية المطعم فهي من البلاط الذي يبدو ان لونه اسود وربما يكون داكنا من انعدام النظافة.. دخلنا الي المكان الذي يعد فيه الاكل وهو" المطبخ " الاواني متهالكة ويبدو عليها اللون الاسود - الهباب - من الخارج.. اجولة البطاطس واقفاص الطماطم تفوح منها رائحة " العفن ".. الصورة كلها تجلب المرض حتي لم يكن هناك سبب آخر للتسمم انتقلنا إلي الغرف السكنية التي يقيم فيها الطلبة واثناء صعودنا الي الغرف صدمتنا رائحة مياه الصرف الصحي فبحثنا عن مصدرها لنجد الحمامات متردية.. الاحواض متهالكة وصنابير المياه " تالفة " تنساب منها المياه.. اما ابواب الحمامات فحدث ولاحرج.. لاتستر احدا. اما الغرف فهي تشبه زنزانة السجن حيث الجدران بدون طلاء والاسرة رديئة وبلا ملايات! لاحظ الطلبة الدهشة علي وجوهنا فقال احدهم لاتتعجبوا هذه هي الصورة الواقعية داخل المدينة الجامعية بالازهر وهوما دعيا الكثير من الشباب القادر ماديا لترك المدينة والبحث عن سكن آخر..... وكشف الطالب محمد عباس - كلية الهندسة - الفرقة الثانية ان حوادث التسمم اصبحت شيئا معتادا داخل المدينة فمن يوم لآخر نسمع عن حادثة جديدة ويضيف أن أهلة اصبحوا في هاجس دائم خوفا عليه لذلك قرر هووبعض زملائه البحث عن سكن آخر خارج المدينة حتي وان اضطروا لدفع مقابل مادي كبير قائلا "هنعمل ايه لازم نشتري حياتنا" . واكد الطالب هاشم محمد - كلية الطب - الفرقة الاولي انه منذ حادثة التسمم الاولي يقوم بشراء طعامه من خارج المدينة موضحا انه يري في ذلك الحل الأمثل للنجاة من التسمم الحتمي موسم الهروب اما علي جمال - كلية اللغات والترجمة - الفرقة الثالثة فقرر الانتقال للإقامة مع خالته التي تسكن في شارع فيصل بعد الحاح شديد من اهله عليه ورغم الارهاق والمجهود الذي يبذله في المواصلات يوميا الا انه يري ذلك ارحم من وجبات المدينة القاتلة ويشير صابر محمود - كلية الهندسة - الفرقة الاولي انه تمني الانتقال للمعيشة خارج المدينة لكن ظروفة المادية لا تسمح ولا يريد اثقال الحمل علي والديه ولانه في عامه الدراسي الاول ولم يكن يتخيل تدني مستوي الخدمات بهذا الشكل ويقول محمود سمير طالب - كليةاللغات والترجمة - الفرقة الثانية المشكلة ان المدينة لم يتغير بها شيء بعد حادث التسمم الاول، الفرق الوحيد هو أننا اصبحنا نستطيع أن نتكلم عن معاناتنا ونطالب بحقوقنا، لكن ممايؤسف له ان المطالب لاتنفذ، فالمسئولون يتعاملون بطريقة "أذن من طين وأخري من عجين"، هناك مشاكل عديدة، منها مشكلة تتعلق بالتكدس داخل الغرف، حيث ان الغرفة يسكن بها 5 طلاب وهوعدد كبير بالنسبة لغرفة مساحتها 12 مترا، يوجد بها 3 دواليب و3 مكاتب و5 أسرة واضاف قائلا: أنا لا أبالغ عندما اقول إننا نجد بقايا" سجائر في العيش، ونجد في الأكل قطع مسامير وخشب وفحم وغيره، والفراخ رائحتها كريهة، والزبادي فاسد وتسبب في أكثرمن حالة تسمم بين الطلاب. محمد مجدي طالب - بكلية هندسة زراعية -الفرقة الثالثة يقول إن عدد الطلاب بالغرف كبيرجدا، وهذا لا يساعد علي المذاكرة، كما أن هناك مشاكل في الكهرباء وأحيانا تظل نحو شهر، دون أن يقوم أحد بإصلاحها، بالإضافة إلي أن الحمامات بها مشاكل في السباكة وأحيانا يكون هناك حمام واحد لأكثر من 20 غرفة ونقف بالأدوار علي الحمامات. ويقول إبراهيم عيد- طب اسنان - الفرقة الثانية إن أكبرمشكلة تواجهه في المدينة هوأنه يضيع يوميا في وجبة الغداء حوالي ساعتين يوميا، ونقف في الطابور فترة طويلة، فأعداد الطلاب كبيرة، بالإضافة إلي سوء المعاملة التي نتلقاها من العاملين. ويقول رمضان شعبان، إن وجبة الأكل لا تكفي إطعام طفل صغير، ناهيك عن المشاكل العديدة التي تحدث بالجامعة، بالإضافة إلي أنه هناك مشاكل خاصة بالأمن وتأمين المدينة الجامعية. ويقول كريم محمد طالب ب-كلية زراعة- الفرقة الثانية إن الحياة في المدينة الجامعية صعبة جدا، تكدس، ومشاكل في الأكل وسوء المعاملة، نحن فقط نطالب بأبسط حقوقنا ولكن لا يوجد من يسمع لنا فسوء المعاملة من الموظفين والمشرفين يجعلنا نشعر بأننا نعمل لديهم. في عين شمس: المسئولون »لا حس ولا خبر« لم يكن الحال في مدينة الطلبة بجامعة عين شمس افضل منه في جامعة الازهر لكن اكثر ما استوقفنا خلال زيارتنا المفاجئة هو غياب المسئولين من المدينة !! حيث ظللنا نبحث عن اي مسئول كبير اوصغير دون جدوي وهو ما يعكس الاهمال والفوضي الذي ينتشر في المكان . في البداية يقول ابراهيم سلامة طالب بالفرقة الرابعة بكلية الآداب ان حال المدينة تحسن كثيرا عما سبق فمن المشاكل التي تواجهنا عدم وجود مراوح ومع دخول الصيف كنا نعاني كثيرا ولكن د. علي فايز رئيس جامعة عين شمس السابق قام بتوفيرها منذ سنة تقريبا ويضيف كما تم عمل مطبات صناعية داخل الجامعة وهوما طالبنا به بعد تكرار الحوادث نتيجة سرعة السيارات داخل المدينة . واختلف معه محمد علي الطالب بالفرقة الثانية كلية ألسن حيث يري ان المدينة تحتاج الي الكثير من الامكانيات حتي تحقق هدفها وهو راحة الطلاب فيقول علي سبيل المثال الطعام الذي يقدم داخل المدينة لا يصلح فالخبز وهوالعامل الاساسي في كل الوجبات ملئ بحبات "زلط". ويقول صابر مجدي طالب بالفرقة الثانية كلية تجارة ان المعاناة داخل المدينة الجامعية وصلت الي سوء المعاملة من الموظفين والمشرفين ويضيف هناك بعض العمال بالمطعم يرتدون ملابس متسخة جدا تسد النفس وقد تجعلنا نشعر بالنفور من الطعام. ويشير شريف مجدي طالب بالفرقة الثالثة كلية آداب ان دورات المياه حالها لا يسر عدو ولا حبيبا ولا تصلح للاستخدام فشكلها كفيل بإصابتنا بالامراض .. ويضيف محمد محمود الطالب بالفرقة الأولي بكلية الهندسة عندما حضرت في بداية العام الدراسي قمت بطلاء غرفتي لنفسي حتي أستطيع تهيئة جو مناسب أشعر من خلاله بالراحة النفسية وعند دخول فصل الشتاء لم أجد غطاء "بطانية" فقمت بشرائها لنفسي. اما محمد عزت الطالب بالفرقة الثانية بكلية الالسن فقد شكا من سوء الرعاية الصحية وبدأ يروي قصته عندما شعر بتعب مفاجيء في الساعة السادسة صباحا ولم يجد سيارة اسعاف وقام باستدعاء المشرف ولم تأة السيارة الا الساعة الثامنة صباحا اي بعد ساعتين . ويسرد محمود زيادة الطالب بالفرقة الاولي كلية الالسن تفاصيل حادث وقع منذ شهر تقريبا عندما اصيب 15 طالبا بالغدة النكافية ولم يتم علاجهم علي عكس ما تم نشره في وسائل الاعلام وقام الطلاب بالعلاج علي نفقتهم الخاصة ولم تقدم لهم اي خدمات طبية من المدينة اوتعقيم حتي لا ينتشر المرض بين الطلبة . كما ابدي استياءه للمعاملة السيئة من قبل المشرفين واضاف ان اهمال الادارة وصل الي المباني فهناك مطعم يتم بناؤة منذ 15 عاما لكنه مغلق ويتساءل لماذا هذا التباطؤ ؟ والتقينا بالدكتور حمزة فرجاني الطبيب المقيم بالمدينة الذي اكد لنا ان المدينة بالفعل ليست مجهزة لحالات الطواريء وانه لا يوجد لديه إلا اسعافات أولية .