البابا تواضروس: مصر واحة الإيمان التي حافظت على وديعة الكنيسة عبر العصور    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    محافظ البحيرة تلتقى أعضاء مجلس الشيوخ الجدد وتؤكد على التعاون المشترك    الأزهر ينظِّم مهرجانًا ثقافيًّا للطفل المبدِع والمبتكِر    أبرز مواجهات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في مختلف الدوريات العالمية    البث المباشر لمباراة الاتحاد ضد الرياض في دوري روشن السعودي    محافظة الإسكندرية تعلن إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية بسبب شبورة كثيفة تعيق الرؤية    طلب هام.. تطور جديد بشأن «نورهان» قاتلة أمها في بورسعيد    أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    عراقجي: مستعدون لهجوم إسرائيلي جديد أكثر مما في الحرب الأخيرة وصواريخنا في وضع أفضل    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    عمرو مصطفى بعد تكريمه من مهرجان ذا بيست: اللي جاي أحلى    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    زيلينسكي يؤكد دعم أوكرانيا لمبادرة السلام الأمريكية    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    أسامة كمال: نتنياهو يتجول في جنوب سوريا.. وحكومتها لا هنا ولا هناك تكتفي ببيان «انتهاك خطير».. وبس كده!    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    حكام مباريات الجولة العاشرة فى دورى الكرة النسائية    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    مصرع 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    دعما للمنتخبات الوطنية.. وزير الرياضة يلتقي هاني أبو ريدة في مقر اتحاد الكرة    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيش بشار اغتصب مئات السوريات !
هاربة من جحيم الأسد تتحدث لأخبار الحوادث:

اصوات الطائرات المرعبة تغطى السماء.. المجنزرات تتحرك فى الشوارع المليئة بالجثث الممزقة..آلاف الجنود ينتشرون بسرعة البرق.. صواريخ تدمر البيوت والمنشآت فى كل مكان.. بينما يختبأ الناس داخل بيوتهم والرعب والخوف يسيطر على مشاعرهم..
فجأة.. تقترب أصوات "بيادات" الضباط والعساكر على سلالم البيوت.. ومعها ترتفع دقات القلوب.. وتنزف العيون بالدموع.. وترتجف الاجساد.. وبلا طرق لأى ابواب تنخلع بقوة.. ويظهر العسكر داخل البيوت.. وتبدأ حملة الاعتقالات لأى شاب.. وبعدها تغتصب النساء.. وتبدأ عمليات الاستيلاء على الذهب والمال.. ثم يتركونهم بعد تدمير كل محتويات المكان..
وحتى لا يعتقد القارىء أن السطور السابقة.. كانت من ضمن مشهد سينمائى امريكى "اكشن" أو انها حكاية تتبع حكايات الاساطير.. أو حتى مشهد من حرب الولايات المتحدة الامريكية مع الافغان.. إنما هى حقيقة مؤكدة تحدث على ارض سوريا..
المثير أن ما تم ذكره ليس إلا نقطة أو سطر من ضمن كتاب كبير يسطره الآن التاريخ.. اسمه "جرائم الاسد ضد شعبه".. " او مجازر سوريا"..
"اخبار الحوادث" التقت بأحد الاسر السورية التى هربت من جحيم الاسد إلى مصر.. لتروى لنا حكايتها بالتفصيل.. وتكشف بالدلائل العمليات العسكرية والمجازر الوحشية التى يرتكبها الأسد ضد الشعب السورى..
التفاصيل مثيرة.. والحكايات تدمع العيون وتدمى القلوب.. والمأساة ابطالها نساء واطفال وشيوخ وشباب.. فما هى التفاصيل؟!.. هذا ما سنعرفه من خلال السطور القادمة..
داخل احدى شوارع منطقة ارض اللواء تعيش الجدة- ام احمد- مع أحفادها الصغار.. وما بين دموعها وأحزانها وقلبها المكلوم بسبب المجازر التى تحدث على ارض سوريا.. وبين الفرحة والابتسامة التى تظهر أحيانا على وجهها بسبب استقبال المصريين لها.. تعيش الجدة المحرومة من فلذة كبدها.. محروجة مما رأت وشاهدت بعينين ..مرتشعة على ما يحدث فى بلادها.. خائفة على المستقبل الذى لا يبشر بالخير.. ضائعة بعد أن تشتت اسرتها بين جحيم الحرب وحياة الغربة.. ودماء وجثث الشهداء..
ببساطة تعيش فى حالة صعب أن توصف.. مزيج من المشاعر المتضاربة والمتلاحقة.. ولما لا؟!.. وهى ومن حولها رأوا الموت بأعينهم وعاشوه بأجسادهم.. فما من طائرة أقلعت من مطار الاسد إلا وانخلعت القلوب.. وما من مجنزرة سارت على الارض إلا وارتعشت الاجساد.. وما من صوت طلقات النيران إلا ودمعت العيون.. فوراء كل خطوة من خطوات جيش الاسد أو الجيش الحر.. آلاف الحكايات والمآسى..
والآن نترك الجدة – ام احمد- لتتحدث عن حكايتها.. أو تروى كشاهدة عيان على ما يحدث على ارض سوريا..
حالة ميسورة ولكن!
بدأت كلامها قائلة: كنت اعيش مع اسرتى حياة هادئة.. فأنا لدى 3 بنات متزوجات.. وشاب تزوج قبل سنوات قليلة.. وزوجى الذى ما زال حتى هذه اللحظة فى سوريا.. كنا نعيش فى منزل ضخم.. وكنا نتملك الكثير من الاموال والسيارات.. وارصدة فى البنوك..
باختصار كانت حياتنا جميلة ميسورة.. لا يعكر صفوها اى شىء.. حتى اندلعت الثورة التونسية.. ونجحت بهروب زين العابدين رئيس تونس.. ومن ثم اندلعت الثورة المصرية والتى نجحت ايضا بتولى الجيش مسئولية إدارة البلاد وحبس مبارك.. وبعدها الثورة الليبية التى انتهت بمقتل القذافى..
وبصراحة كنا نشعر اننا بعيدين عن تلك الاحداث.. التى كان بعضها مخيف جدا.. ولم نكن نتخيل أن ما حدث فى بعض البلدان سوف يحدث فى ارض سوريا.. أو أن يوصلنا إلى الهلاك بهذا الشكل.. لدرجة أن المظاهرات اندلعت فجأة فى سوريا.. وكنا نظن انها مظاهرات عادية.. لم تتعد حدود ان يتم حشد الشباب للمطالبة ببعض الاشياء المقبولة.. ومن الممكن أن يستجيب لها النظام السورى كنوع من التهدئة.. أو أن تنتهى المظاهرات وكأن شيئا لم يحدث.. لكن بعد ايام استمرت المظاهرات.. وبدأت تأخذ منعطفاً اخر خطيرا.. وبدأنا نرى فى الشوارع وجوها غير الوجوه.. وأغرابا كثر.. ومن ثم بدأت اعمال العنف فى البلاد.. بمقتل المتظاهرين السلميين.. وإعلان الاسد عن نزول الجيش إلى البلاد السورية.. ومن هنا وبدأ الاعلان عن بداية المجازر..
وكنت اعيش مع اسرتى فى احدى المدن وبالتحديد فى دمشق.. كنا بعيدين تماما عن الاحداث.. وكان الهدوء هو السائد فى بلدتنا.. لكن كانت قلوبنا تنخلع مما نراه يحدث على ارض سوريا بسبب ما كانت تبثه المواقع الإخبارية وبعض الفضائيات.. التى كنا نتابع عليها ايضا احداث الثورات العربية.. وكثير من الفضائيات المصرية كنا نتابعها على التلفزيون السورى..
وظننا ايضا أن حالة الهدوء هذه سوف تظل فى مديتنا.. حتى يسيطر الجيش السورى على الاوضاع من جديد.. أو أن يهرب بشار أو يعلن عن انتخابات رئاسية مبكرة كما حدث فى اليمن مثلا.. أو أن يتم القبض عليه ومحاكمته كما حدث فى مصر.. لكن الامور بدأت تزداد تعقيداً.. بشكل لم نتخيله ابداً..
وهنا سألناها: وهل كنتم تشتركون فى المظاهرات المندلعة ضد الاسد ونظامه؟!.. ردت قائلة: نحن كنا فقط من المتابعين لما يحدث على ارض الواقع من خلال الصحف والتلفزيون السورى والفضائيات.. لكن ابدا لم نشترك فى أى احزاب أو حركات سياسية.. وكنا حتى نخشى الخوض فى عالم السياسة.. كنا اسرة عادية جدا.. كل همها فى الحياة هو رعاية افرادها.. والسعى وراء الرزق الحلال.. ويشهد الله اننا لم نشترك فى أى مظاهرة من مظاهرات الاحتجاج أو رفض الحكم.. او نتحدث فى أى شىء يسيىء إلى الاسد أو نظامه.. باختصار كنا بعيدين عن تلك الصراعات.. وكنا نفضل حياة الهدوء والاستقرار..
حملات اعتقالات!
وتكمل الجدة ام احمد كلامها قائلة: بدأت الاحداث تتصاعد أكثر وأكثر.. حتى بدأنا نسمع من المقربين منا الذين يعيشون فى البلدان الاخرى.. أن جيش الاسد يقوم باقتحام البيوت والمنازل فى بعض الاماكن.. ويقوم بالقبض على الشباب الموجودين فيه.. ولا يهم إن كان هؤلاء الشباب من ضمن المتظاهرين أو المحتجين او لا.. فقط المهم هو القبض عليهم لانه من المعروف أن الشباب عموما هم وقود الثورات.. وأن الثورة بدونهم تصبح لاشىء.. وما فهمته أن الاسد كان يريد أن يخلى تونس من الشباب بأى طريقة حتى يضمن بقاءه فى مكانه أو كرسيه.. ومن هنا ايضا سمعنا عن بعض الانشقاقات التى تحدث فى الجيش السورى.. وتكوين جيش آخر تم تسميته فيما بعد بالجيش الحر.. وهدفه الوحيد هو مقاومة جيش الاسد.. والإطاحة به من اجل أن تتم انتخابات رئاسية جديدة.. وأن تتغير السياسة السورية إلى الافضل كما يقولون.. ومن ثم بدأت اعداد الجيش النظامى تزداد بشكل غريب..
سؤال آخر: وهل يستطيع الجيش الحر الصمود امام جيش الاسد.. هل يستطيع بالفعل التخلص من الاسد؟!..
وترد قائلة: هذا صعب جدا إذا كان من المستحيل.. فالانشقاقات فى جيش الاسد ليست كما يتخيلها البعض.. أو ما تنقله وكالات الانباء والفضائيات التى عادة ما تهول.. فجيش بشار ما زال متماسكا ويزداد قوة فى كل يوم.. وهم يعملون من اجل قضية تبنوها.. ولم يهابوا الموت بعد أن اصابتهم الكثير من الخسائر.. فما زالوا يمتلكون الكثير.. ولديهم المزيد من الاسلحة التى لم تستخدم بعد.. فمن المعروف عموما أن الجيش السورى قوى وصلب ويصمد عادة امام العدو.. وهم يحاربون وفى اعتقادهم انهم يحاربون العدو.. كما أن هناك دولً اخرى كبيرة وقوية تدعم قوات الاسد.. بينما الجيش الحر لا يمتلك مثل هذه الاسلحة القوية.. فماذا ستفعل سيارة دفع رباعى تحمل مدفع رشاش أو امام دبابة او طائرة عسكرية تطيح بها وما عليها فى اقل من لحظة.. هذا هو الفارق بين قوة جيش الاسد والجيش الحر..
اغتصاب جماعى!
وهنا تنتقل الجدة فى حديثها إلى بعض الجرائم التى ترتكب على الاراضى السورية: بعد فترة من المظاهرات والاحتجاجات سمعنا عن جرائم وحشية ترتكبها قوات الاسد.. مثل أنهم يقومون باقتحام البيوت من اجل القبض على الشباب.. لكن ازدادت البشاعة عندما علمنا أنهم يقومون ايضا باغتصاب النساء داخل البيوت بشكل جماعى.. كما انهم يسرقون المال والذهب.. وهناك الكثير من النساء والبنات اللاتى تحولن الى ضحية بسبب هذه الجرائم اللاانسانية.. حتى أن بعض المصادر اكدت أن اعدادهن ارتفعت لتصبح بالآلاف..
وتكمل كلامها قائلة: لكن أنا متاكدة كل التأكد أن الاسد لا يعلم بالجرائم التى يرتكبها جيشه ضد شعبه.. وأن هذه المعلومات لا تصل إليه عادة.. لان الجيش هو المسيطر حاليا على اوضاع البلاد.. وهو حلقة الوصل بين الشعب وبشار الاسد..
وتدمع عيناها وهى تحكى عن احدى مأساتها: بعد فترة من الاحتجاجات علت الصرخات منابر المساجد.. واكدت الاصوات بأنهم تابعين إلى الجيش الحر.. وظلوا يحثون الناس على مغادرة بيوتهم بأقصى سرعة.. لان جيش الاسد فى طريقه إلينا.. وهم سيظلون من اجل المقاومة وعند تسليم البلدة الى جيش الاسد.. وقتها انخلعت قلوبنا.. واصبحنا فى حالة يرثى لها.. وبسرعة البرق غادرنا بيوتنا وتركنا أغراضنا وأموالنا.. وذهبنا إلى إحدى البلدان الاخرى التى ما زالت مستقرة ولم تشهد أى احتجاجات أو مظاهرات أو اية اعمال عنف.. واتجهنا بالفعل إلى قرية اسمها "كسوة" وهى قرية ريفية.. وانتظرنا فيها حوالى خمسة عشر يوما.. لم نكن نعلم ما يحدث خلالها فى بلادنا دمشق.. وبعدها قررنا العودة من جديد.. لنشاهد بأعيننا كم المهازل التى حدثت لنا.. ففور دخولنا البيت.. اكتشفنا خلع الابواب.. وتحطيم كل محتوياته.. واختفاء المال والذهب الذى كنا نمتلكه.. وبدأنا نعده من جديد لنحاول العيش فيه باستقرار.. وكما يقول البعض كنا متفائلين قليلا بالاستقرار.. وظللنا فى بيتنا لبضعة شهور.. وعشنا اصعب حياة فى رمضان الماضى.. حيث خلت الاسواق من السلع الاساسية.. وكانت الكهرباء والمياة ينقطعان عنا كثيراً.. وكنا ايضا نفتقد الى المال وممتلكاتنا التى تم الاستيلاء عليها.. وفى هذا الوقت بدأت مرحلة اصعب فى حياتنا على الناحية الاسرية.. فزوجة ابنى قررت مغادرة المكان والسفر الى اهلها هناك.. وزوجى خاض رحلة صعبة من السفر حيث كان يعمل فى الاردن وخاطر كثيرا بحياته عبر رحلته إلى أن وصل إلينا.. ثم كانت الطامة الكبرى عندما فوجئت بطرقات عديدة على الباب.. وبعض اهالى الحى يخبروننا أن هناك ملثمين اختطفوا ابنى إلى جهة غير معلومة..
وهنا تقول: لا اعرف بصراحة ما هى تلك الجهة التى اختطفت ابنى.. ولا اريد أن اجزم أن قوات بشار هى التى اختطفته او جهة اخرى.. لكن ما يهمنى الآن هو عودة ابنى الى حضنى مرة اخرى.. ولذلك اطالب كل من لديه قلب داخل سوريا بأن يساعدنى فى عودة ابنى.. رغم انى متأكدة حسب ما كنا نسمعه هناك أن المخطوف مفقود.. وأن العائد مولود من جديد.. وحتى هذه اللحظات لا اعرف إذا كان فلذه كبدى ما زال على قيد الحياة او لا؟!.. لكن لو كانت قوات الاسد هى التى اعتقلت ابنى فسيكون بسبب تشابه اسماء بالتأكيد.. لان ابنى ليس له أى نشاط سياسى.. ولم يشترك ولو مرة واحدة فى مظاهرات.. سواء قبل جحيم الحرب او بعدها.. بل هو نفسه كان حريصا على ذلك وينصحنا بالبعد عن غبار السياسة..
رحلة الهروب!
وتستطرد الجدة – ام احمد- كلامها قائلة: خفنا على انفسنا من الاغتصاب أو القتل أو الاعتقال على يد القوات أو المجهولين.. خفنا ايضا من أن تدمر منازلنا وأن نتحول إلى اشلاء تحت انقاضها لا تجد من يخرجها او ينتشلها لدفنها.. فآلاف البيوت والمنازل من حولنا دمرت تماما بسيل من الصواريخ التى كانت تضرب بقوة عليها..
باختصار تحولت مدينتنا فى بضعة شهور الى مدينة اشباح.. تفوح منها رائحة الموت من كل مكان.. والجثث المجهولة والممزقة تغرق شوارعها.. ولذلك كان قرارنا النهائى بالرحيل..
جمعنا اغراضنا.. وركبنا السيارات.. واتجهنا إلى مواقف السيارات.. وبدأنا فى رحلة استمرت بضعة ايام.. ولم نكن وحدنا.. بل كنا آلاف الاسر السورية.. ومن المعروف ان هناك اسر هربت فور اقتحام الجيش الشوارع.. وما زال هناك من يهربون حتى الآن.. لكن ما يتعبنى اكثر الموجودين حاليا فى سوريا والذين يريدون الهرب من جحيم الاسد أو القتل على يد قواته.. او العصابات المجهولة التى انتشرت فى البلاد.. والاموال هى العائق الذى يقف امامهم..
وبدأنا ننتقل من مدينة إلى مدينة بسوريا.. وكانت معنا المئات من الاسر التى قررت المغادرة الى تركيا والعراق وليبيا.. وهى اكثر الدول التى هرب السوريون إليها.. وايضا مصر.. وانا كنت من ضمن المجموعة التى فضلت السفر الى مصر.. ولأهم الاسباب أنها بلد الامن والامان.. وايضا لان اهلها معروفين بالجدعنة والشهامة كما يقول المصريون انفسهم.. وبالفعل انطلقت بنا السيارة وتخطت الحدود السورية ومنها للاردن ثم إلى مصر..
وهنا سألناها: وهل واجهتم عقبات على الحدود السورية من قبل قوات الاسد؟!..
وردت قائلة: نهائيا.. فقوات الاسد مسيطرة تماما على الحدود السورية.. وانا شاهدة عيان على ذلك.. ولم يفعلو اشيئا سوى أنهم سألوا قائد السيارة عن المكان الذى سنذهب اليه.. ونظروا إلينا بشكل عادى.. ولم يسألوننا عن اى شىء.. فكان من الواضح انهم يشجعون عمليات التهجير أو هروب المواطنين على الاقل فى الوقت الحالى..
ومن جاء معك من اسرتك إلى مصر؟!..
جئت فقط مع احفادى الاثنين.. احدهما اربع سنوات بينما الآخر لم يكمل العامين وامهما هناك عند اهلها.. بينما والدهما مازال معتقلا ولا نعرف عنه أى شىء.. ولم تعلن أى جهة مسئوليتها عن خطفه.. ولم تأتينا أى اتصالات منه لطلب فدية مثلا مقابل اطلاق سراحه.. أما من فى سوريا الآن بناتى الاثنين.. وابنتى الثالثة جاءت إلى مصر منذ ساعات بصحبة زوجها واطفالها.. وزوجى وابنتى الاخرى مازالوا ينتظرون فى سوريا على امل أن يعثروا على ابنى.. ومن ثم يهربون من الجحيم الى مصر بلد الامن والامان..
ترحاب اخجلنى!
وتحكى الجدة – ام احمد- عن مأساتها بعد ذلك قائلة: فراق الاهل والمناظر البشعة والمشاهد التى عايشناها فى الطبيعة.. والغربة ايضا صعبة جداً.. لكن فور مجيئى إلى مصر شعرت ببعض الفرحة والامان الذى افتقدته فى بلدى.. ويعلم الله اننى سعيدة الحظ بأن جاء القدر بى الى هنا.. فحكايتى فى مصر اغرب من الخيال..
بعد وصلونا إلى نوبيع لم أكن اعرف إلى أين سأتجه.. ولا اعرف سورى واحد فى مصر يساعدنى على توفير أى مكان.. لم اختر حتى المواصلات.. حتى جاءت بى قدمى إلى ارض اللواء.. وبصراحة استقبلت فى مصر بالترحاب.. لم ار سوى الابتسامات ومحاولة تضميد الجراح.. لم التق بأى مسئول ليعيننى.. فالمصريين وحدهم كفيلون بأن يضمدوا أى جراح و يقومون بالواجب على الوجه الامثل.. كنت اسمع بصراحة على اصل المصريين وكرمهم وشهامتهم.. لكن لم اكن اتخيل انها تكون بهذا الشكل.. فأنا تم طردى من بلادى وتهجيرى.. لأجد شعبا آخر غير شعبى يستقبلنى بالترحاب .. وعند وصولى هنا إلى ارض اللواء وجدت من ييوصلنى إلى احد الرجال الكرماء.. الذى عرض على ان اقيم فى إحدى الشقق الموجودة لوحدى ومع احفادى.. والذى رفض الحصول منى على مليم واحد.. لدرجة اننى قلت له: انا "مش" معايا اى اموال.. فلماذا تعطينى منزلك؟!.. فكان رده.. انتى هنا بين اهلك وناسك والناس كلها سوف تتكفل بك وبأحفادك.. واخجلتنى بالفعل تصرفات الناس هنا.. فلم يكن معى إلا مبلغ قليل انتهى بالصرف على وعلى احفادى..
وجع قلب!
وهنا تنتقل بنا الجدة – ام احمد- إلى مأساة اخرى فى حياتها قائلة: مشكلتى او مأساتى فى الحياة فى حفيدى الصغير الذى لم يتجاوز من العمر بعد العامين.. فهو ولد بعيب خلقى وهو ثقب فى القلب.. وقبل ان تندلع الثورة السورية ذهب به ابنى إلى جميع المستشفيات والاطباء الكبار.. الذين اكدوا لنا أنه يحتاج إلى عملية كبيرة من الممكن أن تجرى فى أى دولة اخرى.. وأنها تحتاج إلى تكاليف باهظة.. وقبل أن تتم أى إجراءات للعلاج اندلعت الثورة السورية.. وللأسف دمرت المستشفيات.. ولم نجد طبيبا يساعدنا على إجراء الجراحة أو يساعدنا فى السفر إلى اى دولة اخرى..
وعندما جئت إلى مصر علمت أن الطب متطور فيها كثيرا وان هناك العديد من مستشفيات القلب التى تستطيع إجراء تلك العملية الخطيرة.. كما أن اطباء مصر امهر بكثير من اطباء سوريا.. ونجحوا فى هذا النوع من العمليات الجراحية.. وما اطمع فيه هو أن تقوم مستشفى كبير أو طبيب معروف بمساعدتى فى إجراء العملية الجراحية لحفيدى.. فمر عامان من المهلة التى اخبرنا بها الاطباء.. ولم يتبق إلا عامين واجد حفيدى فى تعداد الموتى.. انا خسرت كثيرا من اهلى وجيرانى وابنى فى سوريا.. كثير منهم اعتقل والآخرون اصبحوا فى تعداد المفقودين واخرون قتلوا.. ولم اتحمل أن يتحول حفيدى إلى رقم جديد فى تعداد الموتى.. وان يموت بسبب قلبه المثقوب..
لدى ثقة بالله.. وفى المصريين واهل الخير هنا.. واطباء مصر فى ان يعينونى على تضميد جراحى ومأساتى فى هذا الطفل الصغير الذى لم يذق من الحياة إلا الرعب والخوف.. ولم يشتم إلا رائحة الموت من الجثث المنتشرة فى شوارع سوريا..
***
إلى هنا وانتهت الجدة – ام احمد- بكلامتها التى ادمعت عيوننا.. ولكن هل تنتهى مأساتها بعد ما عاشته فى جحيم سوريا خلال الفترة الماضية.. أم ستجد من اهل الخير والاطباء من يساعدونها فى إعادة الابتسامة لها من جديد.. ويساعد فى علاج قلب حفيدها المثقوب.. هى على ثقة من كرم المصريين.. ونحن ايضا على ثقه بأن هناك من يستطيع مساعدتها.. ومن ينجح فى تضميد ولو حتى قطرة من جروحها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.