هذه الجريمة لاتحتاج إلي مقدمات.. ولهذا سوف انقلكم معي بسرعة إلي مسرح الحادث.. كل ما أرجوه ان نضبط اعصابنا ونحن نتابع التفاصيل المثيرة..! هنا.. مبني المحكمة الكلية بالخانكة.. محافظة القليوبية.. الساعة تقترب من الثانية عشرة ظهر الجمعة قبل الماضية.! صوت المؤذن يرتفع للنداء علي عباد الله لأداء صلاة الجمعة.. وخطيب المسجد القريب من المحكمة يتأهب للصعود إلي المنبر.. الجميع في خشوع داخل وخارج المسجد.. لكن مبني المحكمة كان الوضع مختلفا!! عسكري الحراسة الذي يتولي مع زملائه ورؤسائه تأمين المحكمة من الخارج يلاحظ ان أحد أمناء السر العاملين بالمحكمة يحضر علي غير العادة يوم الأجازة! لحظات سريعة ويحضر »المعاون« الذي يتولي تأمين المحكمة من الداخل.. حضر هو الآخر يوم الأجازة واقترب من العسكري واصطنع معه حواراً وهو يضع يده فوق كتف العسكري ويلف به حتي يصبح ظهر العسكري نحو باب المحكمة.. العسكري رغم بساطته يتمتع بذكاء فطري ومدرب جيداً ضمن قوات الشرطة.. يتظاهر العسكري بالتجاوب مع اسئلة »المعاون«: هتصلي الجمعة فين يادفعة؟! في الجامع طبعاً..! ياتري متوضي ولا لسه هتتوضأ؟! ذكاء العسكري جعله ينظر بنصف عين نحو باب المحكمة حتي لمح دخول سيدة اتجهت بسرعة نحو سلم المحكمة ثم صعدت بسرعة البرق! أدرك العسكري ان الجو غير طبيعي، لكنه لازال في مرحلة الشك!.. توضأ وعاد وذهب للصلاة وعاد بسرعة دون ان يستمع للدرس.. وصعد بسرعة إلي مكتب المعاون فوجده مغلقاً.. طرق الباب.. حدثه المعاون من الداخل واخبره ان معه أمين السر يتحدثان في أمر مهم.!.. اتصل بزميل له وطالبه بالحضور فوراً ليشاهد ماشاهده حتي يكون فوق أرض صلبه قبل ان يخبر قيادته.. وتأكد الجنديان من بشاعة مايدور داخل الغرفة! اتصل الجنديان بقائد حرس المحكمة المقدم مصطفي سيد حامد الذي كان في راحته الأسبوعية.. هب من مكانه وخلال لحظات ركب سيارته ونهب الطريق نهباً حتي وصل إلي مسرح الحادث ثم راح يطرق باب المعاون بقوة دون ان يرد صاحب المكتب.. فاضطر قائد الحرس الي كسر الباب ليجد المعاون والسيدة وأمين السر.. ورابعهما الهوي! .. في مذكرة قائد الحرس.. قال المعاون ان السيدة هي خطيبته !! ولم يبرر وجود صديقه معه في حجرة مغلقة تفوح فيها رائحة الغرام بين الثلاثة! .. وانهارت السيدة واعترفت بأنها متزوجة ولها طفلة رضيعة.. وان الشيطان غرر بها وأوقعها في الرذيلة!! وتوسلت لقائد الحرس إطلاق سراحها حرصاً علي سمعتها كزوجة وعلي حياة رضيعتها وتوبة دي النوبة!! قائد الحرس اخطر رؤساءه والمحامي العام ورئيس المحكمة الكلية.. وجاءت التعليمات بإحالة المتهمين إلي النيابة.. وبينما يقوم المقدم مصطفي سيد حامد بتجهيز المذكرة باعترافات المتهمة جاءت تعليمات جديدة في غاية الأهمية؟. التعليمات تطلب تأمين كل غرف وممرات المحكمة خوفاً ان يكون قد حدث تلاعب في الملفات او تكون هناك عصابة تخطط لشيء ما بعد ان ينشغل المعاون مع السيدة! قائد الحرس يمشط المحكمة وطرقاتها وقاعاتها لتنفجر مفاجأة جديدة من العيار الثقيل!.. سيدة أخري تختبئ تحت بئر السلم!!.. وبسؤالها تبين انها تسكن في حي العمرانية وجارة للسيدة الأولي وانها حضرت بناء علي موعد سابق بينها وبين جارتها من ناحية.. وبينهما وبين الأمين والمعاون من ناحية أخري، لكنها لحظة دخولها من باب المحكمة كان جندي الحراسة قد صعد لغرفة المعاون وارتفعت الأصوات وحضر الجندي الثاني فأضطرت للإختباء تحت بئر السلم وظلت في مكانها بعد ان اتخذت قراراً بأن تبيت في هذا المكان حتي صباح اليوم التالي فتخرج مع انفتاح ابواب المحكمة ودخول وخروج الموظفين والمتقاضين!! السيدة الثانية اعترفت هي الأخري بانها حضرت للمحكمة من أجل أن تبيع ساعات الهوي بأجر متفق عليه!! المتهمون الأربعة وقفوا امام الاستاذ أحمد لطفي رئيس النيابة ترتجف أجسادهم.. ويستمر التحقيق معهم حتي يأمر رئيس النيابة بحبسهم أربعة ايام.. وبعرضهم علي القاضي في جلسة التجديد يأمر باستمرار حبسهم خمسة عشر يوماً أخري مع مراعاة التجديد في الميعاد!.. القضية تحمل رقم 72752 جنح الخانكة. السيدة الثانية تبين أيضاً انها متزوجة وغادرت بيتها بحجة زيارة صديقة لها بالمستشفي ، ولما حضر والد زوجها جلسة التجديد تم حجزه بعيداً عن القاعة خوفاً من أن يكون قد حضر للإجهاز عليها داخل المحكمة! هذا هو الحادث المؤسف الذي دارت وقائعه اثناء صلاة الجمعة وداخل محراب من محاريب العدالة.. فأي قلوب كانت تنبض داخل صدور المجرمين الأربعة.. انهم بشر بلا قلوب وانما هي الحجارة أو أشد قسوة! انني من هذا المكان أحيي قائد الحرس المقدم مصطفي سيد حامد .. وقد ضاع يوم راحته من أجل ضبط الخارجين علي القانون والأداب العامة الأربعة.. وأحيي جندي الحراسة الذي كان أول من اكتشف الجريمة بذكائه الفطري.. وأحيي رئيس النيابة الاستاذ أحمد لطفي وقد حصل علي اعترافات كاملة من بائعات الهوي لشياطين يعملون في ساحة العدالة! .. لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم اجعلهم عبرة .. ولا تجعلهم فتنة لنا !