منذ عدة أيام قليلة تم تنفيذ حكم الاعدام شنقا في المدعو رمضان عبدالرحمن منصور 26 سنة الشهير بالتوربيني لتنتهي بذلك قصة من قصص الرعب والتشرد وجرائم عدة ادين بها المذكور من قتل واغتصاب وهتك عرض وسرقة. الخبر نشر في عدة مواقع الكترونية وبعض الجرائد في مساحة لاتتعدي عدة أسهر لكنها تحمل مأساة عمرها 26 عاما لا يصح ان نختزلها في هذه السطور القليلة. تأملت كثيرا في الصور الملحقة بالخبر في عدة مواقع.. وجه غريب مشوه مليء بالاصابات الواضحة في كل جزء منه من الجائز أن تكون نتيجة مشاجرات دامية بينه وبين آخرين.. اصابة في عينه ادت لحول دائم لاحدي العينين.. وفي اعترافاته السابقة أمام النيابة اقر بحدوث ذلك إثر مشاجرة بينه وبين بلطجي اسمه التوربيني عندما قذفه من أعلي سطح قطار بعد هتك عرضه فنزل علي قطعة حديد تسببت في اصابته بهذه العاهة المستديمة. ومنذ ذلك الحين تلذذ هذا المجرم الصغير بممارسة الرذيلة مع الاطفال المشردة من فوق سطح القطارات وقذفهم بنفس الطريقة ليلقوا حتفهم دون شفقة أو رحمة. والغريب أنه اتخذ لنفسه ذات الاسم.. التوربيني.. وتصرف مع الغالبية من ضحاياه بنفس الاسلوب الذي قطعا عاني منه في سنه الصغيرة 12 عاما عندما حدث له ما حدث. هل التوربيني ضحية المجتمع أم ضحية اسرته أم ضحية الشر الكامن وداخل نفسه وطغي عليه فتصرف هكذا؟ قطعا أنا ليست بصدد الدفاع عنه فالعدالة اقتصت منه وانتهي الأمر.. لكن اجده حالة جديرة بالدراسة نفسيا واجتماعيا وتلقي الضوء علي ما يجب اتخاذه مستقبلا من تدابير احترازية لمنع تكرار هذه الجرائم في حق المجتمع. هذا الطفل المشرد عند سن 12 سنة ترك اسرته للعمل في كافيتيريا محطة السكة الحديد وكان البلطجي الكبير حينها يفرض اتاوة علي امثاله ويسرق ماله عنوة ولم يكتف بهذا بل قرر "كسر عين" الطفل بهتك عرضه والتخلص منه.. لكن ما كان دافع هذا الطفل للعمل في هذه السن الصغيرة؟ هل كان يعول امه؟ هل كان يسعي لاطعام اخوته؟ أم كان يبحث عن تحقيق رغباته الشخصية؟ واي رغبات وأمنيات لهذا البائس الخارج من قاع المجتمع؟؟ هل اختار المكان الخطأ للعمل به؟ لمن كان المفروض أن يلجأ؟؟ هل دخل مدارس من الأساس؟ أم كان متهرب امن القيد في احداها برغم أن القانون ملزم بقيد الاطفال في سن الالزام باي من المدارس المتاحة؟ هل كان يدرس واعتاد الهروب والغياب من مدرسته؟ وكيف واجهت اسرته غيابه عن مدرسته؟ هل عجزت اسرته عن دفع مصاريفه القليلة اللازمة؟ ما هو دور الاخصائيين الاجتماعيين في تلك المدارس اما كان الأجدر دراسة حالته والبحث عن اسباب هروبه وتركه للمدرسة؟ هل كانت اسباب خاصة به أم كان مضطرا لذلك؟ هذا الصبي الذي تحول لرئيس عصابة واتخذ لنفسه اسم من عذبه واهانه وقتل انسانيته وبدأ في الانتقام من الاطفال المشردة حوله بنفس الطريقة التي تعامل بها اول مرة هل هو جان أم مجني عليه؟ اطفال الشوارع قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه المجتمع في اي لحظة.. حيث يشير تقرير الهيئة العامة لرعاية الطفل ان اعداد اطفال الشوارع وصلت في العام 1999 الي اثنين مليون طفل.. كما يشير أحد التقارير الصادرة عن مركز الأرض لحقوق الإنسان التي تعرض اطفال الشوارع ل 3069 جريمة مختلفة. حيث قتل 133 طفلا. 88 ذكرا و45 انثي. وتم هتك عرض 275 طفلا ذكرا و125 انثي كما تشير دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلي ان مدينة القاهرة هي اكثر المدن التي ينتشر بها المشردون حيث تؤوي 6.31% منهم. تاليها بورسعيد 8.16%. وتقل النسب في محافظات الجنوب.. فما هو تعدادهم الآن بعد مرور عشر سنوات تقريبا وبعد المزيد من الأسر التي وقعت تحت خط الفقر في نفس الفترة الزمنية؟؟ ازداد رعبا وهلعا كلما تصورت أن من بين هؤلاء المراهقين من يكون حاملا لفيروس الايدز أو الالتهاب الكبدي الوبائي نظرا للممارسات الجنسية المحرمة فيما بينهم وادمان وتعاطي المخدرات عن طريق الحقن وكيفية انتقال هذه الأمراض بسهولة لذويهم والمقربين لهم في التعامل اليومي. سؤال اوجهه للدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الدولة لشئون الاسرة والسكان ما هي الخطوات العملية التي اتخذتها الوزارة للقضاء علي هذه الظاهرة الخطيرة مجتمعيا قبل استفحالها واستحالة السيطرة عليها؟؟ اعلم تماما سيدتي انك لست الوحيدة المعنية بهذه القضية بل يشاركك المسئولية كافة المجتمعات والهيئات المهتمة بحقوق الأسرة والطفل في مجتمعنا. الصدفة وحدها هي التي قادت لهذا التشكيل العصابي الاجرمي بعد أن راح ضحيتهم أكثر من 32 طفلا وطفلة ولم يعثر علي غالبية جثثهم. فهل انتهت هذه المأساة باعدام التوربيني؟ لا أعتقد.. فمازال هناك في مكان ما توربيني آخر يمارس أبشع الجرائم في حق الاطفال المشردة التي لاتجد لها مأوي سوي في المباني المهجورة والخرائب وصناديق الكرتون والسيارات والاوتوبيسات الخردة. وتحت الكباري وفي الانفاق.