كنا قد تناولنا فى العدد الماضى الغيبوبة العربية والتى تسببت فى زيادة تواجد القوى الكبرى بدول القارة الأفريقية التى تملك الكثير من الموارد الطبيعية التى تمثل حجر الزاوية فى مستقبل الاقتصاد العالمى بآثاره المختلفة التى يعكسها على المنطقة العربية وهو مايتضح فى الازمة التى تشهدها السودان والتحرك السريع من قبل هذه القوى التى تدعم كافة خطوات انفصال جنوب السودان الغنى بموارده عن الشمال هنا نستكمل خطورة هذا الانفصال ومستقبله على السودان سلة الغذاء العالمى والعربى على وجه الخصوص خاصة اذا نظرنا عن قرب إلى دول الجوار وأطماع هذه الدول فى جنوب السودان حيث تسعى اوغندا بشكل او بآخر بدعم العديد من ابناء الجنوب خلال فترة الحرب الاهلية واستقروا بها وعاشوا لسنوات لدرجة أنه اصبح هناك تزاوج بين ابناء قبائل الجنوب وقبائل شمال اوغندا ومصالح مشتركة ناهيك عن تواجد جيش الرب المعارض للرئيس الاوغندى فى احراش الجنوب وما يسببه من صراع دائم للحكم الاوغندى وايضا توافر موارد وثروات طبيعية تساعد الدولة الاوغندية على ان تنمو وتنهض بينما تتوافر بكثرة فى الجنوب وهنا يذكر تاريخنا ان الاستعمار الانجليزى تعمد خلال امتلاكه للمنطقة ان يمنع التواصل بين اوغندا وجنوب السودان بشكل او بآخر لضمان سيطرته على كلا البلدين وبالتالى اوغندا كما يشير المراقبون لما يدور حاليا بالمنطقة تسعى بجدية لدعم الانفصال للعوائد الاقتصادية العديدة التى سوف تحصل عليها خاصة وان مطار عنتيبى كان ومازال ملاذا لأبناء الجنوب لدخولهم بلادهم منذ الحرب الاهلية وحتى الآن كما ان هناك طريقا بريا رئيسيا يربط اوغندا بالجنوب ويستعمل فى نقل البضائع والسلع والركاب . اما اذا نظرنا الى اثيوبيا فسوف نلاحظ انها فى حيرة من امرها وتحاول ان تلعب دورا متوازنا لمصالحها الاقتصادية والسياسية حيث يمثل بورسودان "بشمال السودان " منفذا بحريا هاما لاديس ابابا وايضا حدودها المشتركة مع جنوب السودان والتى تسمح بمرور مياه فيضان النيل عبر بحيرة تانا الى الجنوب ومنه الى شمال السودان ومنه الى مصر كما تحاول ان تزرع بذور الفتنة بين مصر والسودان وهو ما ظهر فى تصريحات رئيس الوزراء الاثيوبي مؤخرا بأن الخلافات حول مياه النيل بين مصر واثيوبيا فقط والسودان ليست طرفا فيها . وكينيا التى تسعى حثيثا لتكون المنفذ الرئيسى للصادرات والواردات لجنوب السودان من خلال ميناء مومباسا الكينى الذى لعب دورا هاما فى دعم ابناء الجنوب خلال الحرب الاهلية مثله مثل مطار عنتيبى الاوغندى وايضا البنية الاساسية التى تنفذها كينيا حاليا من خلال المستثمرين المصريين ومنها انشاء طريق رئيسى يساعد على زيادة حركة النقل البرى بين انحاء كينيا ودول الجوار ومنها جنوب السودان الى مومباسا ومطار نيروبى . كل ماسبق بعض الملامح التى تؤكد الغيبوبة العربية فى الحفاظ على وحدة السودان وتقاعسها عن تقديم اشكال الدعم المناسبة التى تجعل ابناء الجنوب يختارون الوحدة مع شمال السودان والتى تنعكس فى استمرار الهوية العربية للسودان الكبير وليس الهوية الافريقية التى دعمها الغرب ودول الجوار للجنوب السودانى لتكون هويتهم بعد الانفصال . واخيرا اعتقد ان التحركات المصرية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الاخيرة تجاه القارة الافريقية بدولها اصبحت تحتاج الى المزيد من الاهتمام الاعلامى المصرى ولهذا حديث آخر.