** عاشت الساحة المجتمعية مناقشات جادة.. شاركت فيها ودعت اليها الحكومة واتحاد العمال حول رفع الحد الأدني للأجور طبقا للحكم الصادر من القضاء الإداري "الذي قدر ب 1200 جنيه شهريا" بينما وافقت الحكومة علي 400 جنيه متدرجة ورفضها اتحاد العمال.. رئيس الوزراء د. أحمد نظيف نبه في رؤية موضوعية الي ضرورة التوازن بين الانتاجية والأجر لأنه إذا زاد الأجر علي متوسط الانتاجية يحدث التضخم وترتفع الأسعار.. وينعكس ذلك بالسلب علي أصحاب الأجور المتدنية خاصة.. ولابد أن يكون الرفع نتيجة دراسة علمية تعكس متوسط الإنتاجية الحقيقي.. وحتي لا يلتهم غول التضخم الذي تراقبه الدول بيقظة وحذر شديدين الي زيادة غير حقيقية في الأجور.. ودعا رئيس الوزراء أن نبدأ بتشجيع الطلب علي العمالة "خاصة ان القطاع الخاص يتولي المسئولية الرئيسية في الانتاج والخدمات في ضوء الاقتصاد الحر وتحرير الاقتصاد" بدلا من زيادة الأعباء بشكل كبير يؤدي في النهاية الي عدم التوظيف.. وتفشي أكثر للبطالة.. وطالب أيضا بتناول القضية بموضوعية.. بعيدا عن المزايدات التي قد يستغلها البعض لتحقيق مكاسب علي حقوق العمال. ** وإذا لاحظنا ان الحد الأدني المقترح.. صادر بحكم قضائي.. وفي ظل حقائق تكشفت من خلط قد يكون متعمدا في مستويات الأجور.. داخل الجهاز الإداري للدولة علي الأخص.. وعكستها اعتصامات لبعض الفئات.. سواء لضآلة الحد الأدني.. أو قلة الحوافز والبدلات.. لا تدري كيف تتصرف أمام موجات تسونامي الغلاء.. مثل العاملين بمراكز المعلومات بالمحافظات.. ويعملون بمكافأة شهرية لا تتجاوز الألف جنيه.. وقررت الحكومة بعد الاستماع إلي مطلبهم المشروع.. رفع مرتباتهم اعتبارا من ديسمبر القادم.. وهذه حالات متكررة تخص أكثر المعينين بالمكافأة.. "العمالة المؤقتة" في جميع مرافق الدولة وشركات قطاع الأعمال ويدخلون ضمن 6 ملايين عامل بالجهاز الإداري للدولة.. ومن استقراء الواقع نجد ان العدد الأقل في شركات القطاع الخاص.. التي تعلن عن حاجتها لعمالة فنية متدربة ومتقدمة.. وتعرف قيمتها وتتعاقد معها بمرتبات محترمة ومكافآت مجزية حتي لا تنتقل إلي مكان آخر.. بل ان توظيف مثل هذه العمالة لم يعد مقتصرا علي ما يرد في النشرة القومية للتوظيف.. ومصدره غالبا كعوب مكتب العمل.. بل ومن تجربة كنت قريبا منها أصبحت شبكة المعلومات "الانترنت" مصدرا مهما لطلب هذه العمالة.. تم استقبالها واجراء المقابلة الشخصية وحصولها علي راتب مجز يتجاوز المدير العام بالحكومة وربما وكيل الوزارة.. بعد فترة التجربة التي قد لا تزيد عن 3 شهور.. وتلاحظ ان هذه العمالة تتسلم عملها بكامل الضمانات من تأمين اجتماعي وصحي وصندوق زمالة.. الخ.. بفضل نظام التفتيش الممتاز "علي جهة العمل ودفاترها وسجلاتها" من قبل مفتشي وزارة القوي العاملة. ** ولا يجب أن ننسي عند الدراسة التي أوصي بها رئيس الوزراء.. البحث عن خيط البداية لهذه اللخبطة منذ بداية الانتاج.. ودخول العديد من المستثمرين والشركات والبنوك الأجنبية الي اقامة المشروعات المتنوعة.. واحتاجت لقوة عمل اجتذبتها بنفس المزايا التي تعمل بها في موطنها الأصلي.. ومرتبات ومكافآت نقترب منها.. ولكنها بكل المقاييس شكلت طفرة ضاغطة علي كافة مصادر الانتاج والخدمات والأجور لتعمل كل جهة علي الحفاظ علي الخبرات العاملة فيها.. واستحداث هياكل للأجور.. وربطت بالحوافز أولا للتشجيع علي العمل بالمناطق النائية وغير المأهولة "في إطار سعي الدولة والمجتمع انشاء مجتمعات عمرانية جديدة خارج الوادي القديم".. وتعددت مسميات المكافآت التي يستطيع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة إحاطة اللجنة المنوط بها الدراسة علما.. كما تعددت الكوادر الخاصة.. بل وشهدت ناتج المرتبات فروقا واضحة بين العاملين في الوزارة الواحدة.. كما انتعش النشاط التجاري والصناعي وارتفعت تكاليف خدمة الأرض الزراعية.. وتحولت المؤسسات العامة التابعة للدولة في معظمها الي شركات مساهمة تستهدف الربح "شركات الكهرباء والماء والصرف الصحي" وخرجت العديد من الشركات من عباءة القطاع العام الي الخصخصة والقطاع الخاص.. ورغم ان المستثمرين الجدد تعهدوا بعدم المساس بمرتبات ومزايا العاملين إلا ان البعض منهم.. تراجع فيما تعهد به وسمعنا عن اعتصامات بعدم صرف الأجور أو وجود خامات للانتاج "تدخلت الدولة مشكورة للحل" والبعض الآخر وجد انه في غمار المنافسة مع سوق مفتوحة وواعدة.. يكون من الأفضل إعادة تقييم المرتبات ومضاعفتها تشجيعا للعاملين ليس علي البقاء.. بقدر استنهاض المهمة للمنافسة وتحقيق الجودة والاعتماد.. وبدأنا نفهم ما يشبه التسعيرة لمهن بعينها.. ضمن توفير الظروف المناسبة لها للانتاج المميز والذي يروج بالداخل والخارج.. ويستفيد من حماية الدولة داخليا ودعمها عند التصدير. ** ولعل قطاع العمالة غير المنظمة يعد من أهم المشكلات التي تعوق اعداد سلم موحد أو علي الأقل محتكر للأجور.. فهذه العمالة تنقسم الي العديد من الأشكال منها الموسمية التي يزدهر دخلها في موسم معين.. ومنها من تتقاضي أجرا يوميا يرتبط غالبا بكوتة محددة من الانتاج.. ومنها من تعمل بالعملية أو القطعة"المكوجي السباك.. آخرين" ومنها تجار التجزئة الذين يختلف نسبة أرباحهم من تجارة البقالة.. أو الخضروات والفاكهة.. أو اللحوم والأسماك.. وبالإضافة للمرفيين هناك عمال الخدمات مثل العاملين في النظافة والمقاهي والمستشفيات والمدارس والحدائق العامة والبوابين الخ.. وهؤلاء يصعب تحديد نسبة مساهمتهم في الناتج القومي.. كما ان جانبا كبيرا لا يعتمدون في عملهم علي مرتبات معقولة.. بل علي البقشيش مثل الجارسونات بالمقاهي والمطاعم والكازينوهات وعمال محطات البنزين والكناسين والحمالين ومنادين السيارات والذين يقومون بأعمال هامشة وما أكثرها ونراهم حولنا في الشوارع ومحطات المترو.. ومواقف الأتوبيسات والميكروباصات.. وورش الميكانيكا والسيارات. ** إنها بالفعل مهمة صعبة.. علي القائمين بها نذكر حديث الرسول صلي الله عليه وسلم.. أعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.. ومن المهم جدا.. ربط الأجر بالانتاج.. وقيام الدولة والمجتمع بواجبها تجاه خفض الأسعار ولنتذكر كيف كانت أسرنا تعيش بمرتبات ضئيلة.. لكن تحيط بها البركة والمشاركة والإحساس المجتمعي باعتماد هامش الربح المعقول.. وإذا خفضت الأسعار حقا.. توصلنا لبداية طيبة لأجور مناسبة لاحتياجات معيشة الناس.