بعيداً عن أجواء التوتر والغضب والتي في ظلهما تغيب الرؤية الواقعية للأحداث وترتفع درجة اختلاط الأوراق علي نحو متعمد تارة وغير مقصود تارة أخري.. كما أن الظروف المحيطة والدور الإعلامي الخارجي قد يكون له دور كبير في اخراج هذه الاحداث وإضفاء السمة والطابع الذي يريده عليها وتحقيق أهدافه بغض النظر عن الفحوي الحقيقي لهذه الأحداث قد يكون ما سيأتي بذلك المقال المقتضب لموضوع أقل ما يوصف به أنه جد وخطير لأنه يتعلق في النهاية بمستقبل ذلك الوطن المستهدف شأنه شأن الكثير من الدول والشعوب التي من حولنا. في المنطقة. وهو ما قد يحتاج إلي أكثر من مقال بل ونهر من الكتابات الرشيدة التي منهجها هو التعقل والصحوة واليقظة وعمق التفكير وهي هنا دعوة لكل أصحاب العقول غير الموتورة والنفوس الصافية التي ليس بها مرض لكي ما نقف جميعا في الثغر كرجل واحد لنبني ونعلي جداراً بل قلعة وحصنا فكرياً في مواجهة تيار الطائفية الجارف وذلك هو البديل الأوحد والوحيد بل هو المصير والمستقبل لهذه الأمة فالحاجة الآن الي الحكماء والحكمة التي تبني ولا تهدم التي تؤمن بوحدة المصير وتؤمن بأن الوطن والانسان هما القيمة العليا وان كل الأمور تحل بالعقل والسماحة وهي موجودة ومتوفرة ولكن علينا أن نسد كل النوافذ التي يمكن أن يأتي منها الشر متدثرا بعباءة الخير ورافعا شعارات براقة قد تكون -وهي كذلك بالفعل -الحق الذي يراد به باطل.. علينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح وحجمها الطبيعي والا نهول منها وعلينا أن نبتعد عن الاستفزاز والتمسك بأمور واهية لو تركناها وشأنها دون تخرب أو انفلات أو افساح المجال للغضب سوف تتحقق في سلاسة ويسر علينا.. أن نبتعد عن كل ما يثير الأحقاد والضغائن وأن نتمسك بعروة المحبة والوحدة وأن نتمسك بكلمة الله وأن نجعل منها دستورنا وألا نحيد عنها ان السبب فيما حدث بالعمرانية وقرية أبوتشت لا يمكن تحميل مسئوليته لطرف دون آخر وإذا أردنا أن نريح أنفسنا فعلينا أن نعيد رؤية ما حدث ومراجعة المواقف في إطار كليات الدين المسيحي فسرعان ما نتبين ان المسئولية لا تقع علي طرف بعينه علي خلافها الظاهر أو المرئي والملموس وعلينا أيضا أن نبعد عن تلك التحليلات المغرضة التي هي في أصلها مجرد محاولات لإثارة الفتنة سواء كان مصدرها الداخل أو الخارج ولست هنا في مجال وعظ وإرشاد ولكنها محاولة لرصد أسباب ما حدث والتي يحاول البعض أن يسميها بالطائفية وذلك بالنظر لأطرافها أو الموضوع محل الخلاف وهو بناء دور عبادة ومخالفة الترخيص بأن أردت أن أكون موضوعيا وأمينا مع نفسي ومع تعاليم وكليات الدين الذي أتبعه ومنهجه ووصاياه أقول إن ما حدث ضد المسيحية بالكلية وهو مناهض ومخالف لها وان هذه الاشتباكات أو ذلك العنف الذي حدث بغض النظر عن الضحايا الذين سقطوا ومن الذي بدأ فهو خطأ لا يتفق مع تعاليم المسيحية فهي تأمرنا بألا نقاوم الشر بالشر لو افترضنا ان ما وقع من الطرف المقابل هو شر هي لا تأمرنا بأن نأخذ الأمور بالقوة والعنف أو بالسيف وذلك ما قاله السيد المسيح لبطرس الرسول أحد تلاميذه عندما اعتدي عليه أحد العبيد واستل بطرس سيفه وضرب العبد به فقال له رد سيفك الي غمدك لأن من يأخذ بالسيف بالسيف يأخذ الكلام واضح وصريح وقد يفسره البعض علي انه دفاع عن طرف علي حساب الطرف الآخر وانه ضد تلك الحالة من الغضب والاختناق في الرأي العام المسيحي ولكن تلك هي الحقيقة الكتابية وان ذلك هو ما يقف وراء ما حدث في العمرانية أو غيرها أو في أبو تشت هناك آية أخري قد وردت بالكتاب المقدس لا يمكن لأحد أن ينكرها لأنه لو أنكر معناها أو فحواها فهو ينكر المسيح وقد بعد عن الايمان القويم وهي: "يقاتل عنكم "الرب" وأنتم تصمتون" هو كلام قد يكون ضد أمور كثيرة في الحياة وقد لا يقبله المتدينون ولا أقول المؤمنين لأن هناك فارقاً كبيراً ما بين الاثنين فهناك من يسمعون ولا يعملون وعلي حد تعبير ما جاء بالإسلام الذين يسمعون فيتبعون أحسنه فتلك هي كليات الدين المسيحي وتعاليم المسيحية لكيفية سلوك المسيحي في تعامله مع أقرانه ومع الآخرين من الذين حوله بغض النظر عن ديانتهم أو معتقداتهم وأيضا بغض النظر عن سلوكهم تجاهه وأيا كانت طبيعة ونوعية وذلك السلوك كما ان المسيحية أيضا قد أوجبت طاعة الحكام وعدم اعتراضهم وطالبت الخضوع لهم لأنها تعتبر ان ذلك هو ترتيب سماوي أي من الله وان ذلك الحاكم هو اختيار إلهي لذلك فإن من يعترض عليه أو يقاومه فإنما يقاوم ترتيب الله ومن ثم فإن الأسلوب المتبع في حالة واقعة العمرانية يخرج عن السلوك المسيحي القويم وإذا كان الأمر كذلك أي ان الأمر يتعلق بممارسة الحقوق السياسية أو حقوق المواطنة فعلينا أن ننظر الي ما حدث من هذه الوجهة وذلك المنظور ومن ثم لا يجوز لنا أو يصبح من غير المنطقي أن نصنف ما يحدث أو يقع من أحداث أيا كان ما تنطوي عليه علي انها طائفية ولكن الحقيقة هي مجرد احتقانات اجتماعية نتيجة العوامل والظروف الاقتصادية من جهة وانتشار الفقر وكذلك نتيجة دور وسائل الاعلام السلبية التي تضخم الأحداث نتيجة تدخل القوي الخارجية من خلال لجانها وتقاريرها ومن خلال برامجها مثل برامج التسامح الديني وتمكين الأقباط أو الأقليات والدفاع عن الحريات العامة التي تحمل وراءها أهدافاً ومآرب سياسية لا تمت بصلة الي ما تدعيه.. علينا في تلك الأوقات العصيبة علي مختلف المستويات أن نستمسك بالعقلانية والهدوء وبمباديء الدين وألا نحاول تجاوز الأدوار ونترك الله يعمل وأن عمله في كل الأحوال هو صالح ومرض قد لا يعجب ذلك الكلام الكثيرين ولكنها الحقيقة المجردة والخالصة بعيداً عن أية زواق أو تجمل.