الجريمة الالكترونية وليدة التقدم التكنولوجي الذي تشهده المجتمعات البشرية في عصرنا الراهن. ويمكن القول ان كل تقدم تكنولوجي يحرزه الإنسان يقابله علي الجانب الآخر شكل من أشكال الجرائم الالكترونية التي تعد شبكة الانترنت مسرحها الرئيسي. فكل ابتكار تكنولوجي جديد يواجهه ابتكار صورة من صور الجرائم المرتكبة عبر شبكة الانترنت. ولا نبالغ إذا قلنا ان القرصان - أو المجرم المعلوماتي - يقف بالمرصاد لكل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا المعلوماتية. من هذا المنطلق تأتي أهمية الدراسة القيمة التي أعدها المستشار محمد علي سكيكر رئيس محكمة الاستئناف والتي جاءت تحت عنوان "الجريمة المعلوماتية وكيفية التصدي لها" والصادرة عن سلسلة "كتاب الجمهورية" بمؤسسة دار التحرير. حيث حلق بنا المؤلف بأسلوب شيق وطلاوة في العرض. بعيداً عن الأسلوب القانوني الجاف - رغم ان الكتاب قانوني في الأساس - في آفاق الجريمة الالكترونية والتكييف القانوني لها عبر بابين يتضمنان عدة فصول ومباحث تضمها دفتا الكتاب. وتعكس المعلومات التي يتضمنها الكتاب إلمام الكاتب بوضوعه وسعة معرفته. فتراه وقد تحدث عن المعلومات ومفهومها وخصائصها وعناصرها. كالحاسب الآلي والانترنت والبرمجيات. ثم يدلف من خلال ذلك إلي اثر الاستخدام السييء لتكنولوجيا المعلومات والمتمثلة بالأساس في شبكة الانترنت التي أفرزت الجريمة الالكترونية بمختلف أشكالها وتعدد مرتكبيها. موضحاً الفارق بين جرائم الحاسب الآلي وجرائم الانترنت ثم الجريمة المعلوماتية والقواعد العامة للقانون والفاعل أو الشريك في هذه الجريمة وخصائصه. وقد سعدت كثيراً وأنا اقرأ الباب الثاني من الكتاب. والخاص بجريمة التزوير المعلوماتي والمتمثلة بأجلي صورها في بطاقات الائتمان المصرفية. وتزوير الاشعارات والسندات الخاصة ببطاقة الائتمان والحيل التي يلجأ إليها المجرم المعلوماتي في هذا الشأن. كاستخراج بطاقات ائتمان صحيحة بمستندات مزورة وآفاق الحماية في مواجهة جرائم التزوير المعلوماتي. وكم كنت أود من الكاتب ان يقدم لنا احصاءات عن الجرائم المعلوماتية. خاصة في منطقة الشرق الأوسط ومصر. لاسيما أن هناك عدة دراسات احصائية في هذا المجال منها ما هو أوروبي وما قام به بعض المتخصصين العرب. كالدراسة التي أعدها د. محمد الجندي رئيس منظمة أمن المعلومات بمصر تحت عنوان "الجريمة الالكترونية في الشرق الأوسط". المنشورة علي موقع المنظمة سالفة الذكر. وموقع الفالوكة. والتي تضم احصاءات كثيرة عن الجرائم الالكترونية الخاصة بالبنوك والمؤسسات المصرفية وغيرها في مصر. وبعض دول الخليج كالسعودية علي سبيل المثال. أما المطلب الخاص بالأمن المعلوماتي ومستوياته ومجالاته فهو من أهم ما في الكتاب. حيث يجد القارئ معلومات مهمة وشيقة عن أهم وسائل اختراق الأمن المعلوماتي. والتطبيقات العملية في هذا المجال. ووسائل حماية الأمن المعلوماتي. ومستقبل المعلوماتية في ظل الحماية الراهنة. ثم يعرض المؤلف لكيفية الحماية من جرائم الانترنت عبر شرح واف للاتجاهات الحديثة في الحماية القانونية لبرامج الحاسب الآلي. كالحماية الدولية الجنائية والمدنية. ثم يطالعنا المؤلف كذلك بمبحث مهم عرض له وهو حق المؤلف وجرائم الاعتداء علي هذا الحق أدبياً ومالياً. كجرائم التقليد. وجرائم نشر مصنفات بواسطة وسائل الاتصال الحديثة وجريمة تصنيع أو تجميع أو استيراد الاجهزة والتعامل معها. مشيراً إلي ان القانون الحاكم لمثل هذه الأشكال الخاصة بالمؤلف هو القانون رقم 82 لسنة .2002 [email protected]