هي أرملة لم يتجاوز عمرها الأربعين من يراها يراها يتخيل بأنها تجاوزت الستين ومن حولها أطفالها الثلاثة في عمرالزهور وجوههم شاحبة من مرارة القسوة والحرمان والقهر والذل والهوان وسط حياة التشرد والضياع في الشواع من قسوة القلوب التي لا ترحم ولا تلين من أقرب الناس. كان لقاؤها منذ سنوات يوم فوجئت بجارتها في المسكن باحدي القري تطرق الباب بصحبتها شقيقها جاء يطلب يدها أغراها بماله ومن عمله في التجارة وحلمه الكبير في الهدوء والاستقرار الأسري وأنه رصد علي مدي شهور تربيتها الريفية وتمسكها بالعادات والتقاليد والخجل والحياء خلال توجهها في طريقها للعمل باحدي الهيئات والعودة إلي مسكن أسرتها البسيطة الحال.. قوبل العريس بكل الرضا والقبول من والديها واستجابت هي دون تردد لرغبتهما.. سرعان ما تم عقد القران وارتضت بالاقامة في مسكن الزوجية الذي أعده وشيده بالمنزل العائلي المتسع وكان يمتلكه والده قبل وفاته بسنوات من طابق واحد وآل إليه وشقيقته الكبري.. وبكده وعرقه أنفق بسخاء واعد الطابق الثاني للزواج وحصلت شقيقته علي نصيبها الشرعي في الميراث.. ومرت شهور السعادة الزوجية مع عريسها الطيب القلب وتفانت في طاعته وإسعاده ورزقنا بثلاثة أطفال وفجأة.. اختطف الموت زوجها في حادث سيارة وودعت فيه العشرة الطيبة وحسن الخلق والمعاملة.. ارتضت بقضاء الله وأغلقت باب مسكن الزوجية علي فلذات كبدها وكرست حياتها علي تربيتهم ورعايتهم.. وفجأة هبت رياح الشر من عمة الصغار وزوجها الطماع.. قدما لمساومتها علي شراء الطابق الثاني بمسكن الزوجية الذي ورثته وأطفالها عن زوجها وأصبح حصن الأمان لحياتهم.. جلست الأرملة تحملق في ذهول أمام العمة ودموعها انسابت من عينيها كماء النار في حسرة وألم لفقدانها زوجها الجفن الذي كان يحميها من ذرة الهواء.. أصرت العمة علي تحقيق مآربها في الاستحواذ علي مسكنها بأبخس الأثمان وضربت بكل القيم الانسانية عرض الحائط وتناست شقيقها الذي مات في ريعان الشباب وترك خلفه زوجته الشابة وأطفالها تتلاطمهم أمواج الحياة القاسية.. واحتدم النقاش مع العمة الطماعة وزوجها الذي كشر عن أنيابه بجشعه وغياب ضميره وتحجر قلب ومشاعر زوجته عمة الأيتام. مرت أسابيع وفوجئت الأرملة الضعيفة بعد عودتها وأطفالها من زيارة أهلها قد تسمرت قدماها في صالة المسكن فقد اختفت جميع المنقولات والأمتعة والأجهزة الكهربائية.. ووقع مالم يكن في الحسبان وقفت تحملق في ذهول أمام العمة وزوجها وأولادها اندفعوا من داخل الطابق الأرضي بالمنزل.. التفوا حولها وسط صرخات أطفالها وقاموا بطردها من المنزل علي مرأي ومسمع من الجيران الذين يخشون بطشهم وجبروتهم.. حررت محضرا بالشرطة بواقعة اغتصاب مسكنها الموروث من زوجها وسرقة جميع المحتويات واخفائها والاصابات الجسيمة التي لحقت بجسدها النحيل.. من اعتداء العمة ومن بصحبتها عليها بالضرب المبرح عندما حاولت مقاومتهم أنصفها المحامي العام بتمكينها من المسكن المغتصب ومنصة العدالة بمحكمة الجنح بمعاقبة العمة وزوجها بالحبس ثلاثة أشهر بتهمة الاعتداء عليها بالضرب وإحداث الاصابات والكسور بعظام جسدها. هنا ارتدت العمة قناع الغش والخداع واصطحبت زوجها وأهل الخير من كبار العائلة بالقرية.. طرقوا باب مسكن الأرملة ورضخت لمطلبهم في التصالح مقابل ان ترد العمة وزوجها المنقولات المسروقة وبالفعل.. تنازلت عن القضية بالتصالح. لم يمر سوي أسبوع واحد.. وعادت العمة لأعمالها بتهديدها لترك المسكن واثارة الفزغ والرعب في قلبها وأطفالها ليل نهار.