سجل المصريون في شهر أبريل تاريخاً جديداً نحو المستقبل. وكعادتهم يثبتون دائماً أنهم شعب عظيم سجل ولايزال يسجل ملحمة وطنية رائعة ويضربون كعادتهم المثل في حب الوطن بصورة مشرفة تثبت للعالم أجمع بأن الشعب المصري يمارس حقوقه السياسية بكل حرية ونزاهة وأنه من أعظم شعوب العالم بعد أن حرروا الأرض في نفس الشهر منذ 37 عاماً. من جديد أثبت المصريون أنهم علي قدر المسئولية والثقة بعد أن خرجوا للاستفتاء في إقبال كبير وطوابير أمام اللجان ليدلوا بأصواتهم وخرجوا جميعاً سواء في الخارج في 124 دولة يتم الاستفتاء فيها علي الدستور من خلال 140 مقراً بالسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية أو في الداخل.. خرجوا جميعاً رجالاً ونساء وشباباً في ملحمة تاريخية تعبر عن شجاعة هذا الشعب وقدرته علي الإنجاز بشرط أن يجد من يثق فيه وفي إخلاصه ويستنفر همته ويثبت للعالم من جديد حرصه علي حقوقه السياسية بالإدلاء بصوته وممارسته للديمقراطية بمفهومها الصحيح. حفلت فترة الرئاسة الأولي للرئيس عبدالفتاح السيسي والتي امتدت من 2014 إلي 2018 بزخم كبير من الإنجازات في الصحة والتعليم والإسكان والكهرباء والتموين والبترول والطرق والمشروعات القومية العملاقة والمتنوعة وهذا يستلزم الحفاظ علي ما تم واستكماله حفاظاً علي أموال الشعب والجهد المبذول والإنجازات التي تمت وكم المشروعات التي أقيمت في السنوات الخمس الأخيرة. والواقع أن إقرار التعديلات الدستورية جاءت بعد أن اجتازت مصر سنوات البناء الصعب وأصبح ضرورة مراجعة بعض أحكام دستور 2014. لاسيما تلك التي كشف التطبيق العملي لها عن عدم مناسبتها للأوضاع غير المستقرة للبلاد. بعد تجاوز مرحلة تثبيت أركان الدولة. لا عزاء لمن يتاجرون بالوطن ويهادنون الإخوان ويظهرون في قنواتهم في "إسطنبول والدوحة ولندن" مقابل حفنة دولارات لكي يقولوا كلاماً أجوف لا فائدة منه.. ولا عزاء لمن يمسك العصا من المنتصف وينصف الجماعة الإرهابية علي بلده ويوالي سفارات وجهات خارجية.. ولا عزاء لبعض السياسيين الذين نسوا وتناسوا تحالفهم مع الإخوان الإرهابيين في 2012 وظهروا الآن ليلعبوا دور المناصرين للإخوان مرة أخري ويصبحوا "مخلب قط" لطعن الوطن من الخلف ونقول إن المصريين جابوا جول "جول تاريخي" مزق شباك كل كارهي الوطن. تتزامن في نفس التوقيت ذكري الاحتفالات بأعياد تحرير آخر شبر من أرض سيناء لتعيد للأذهان تلك الملحمة البطولية لتحرير أرض الفيروز. بطولات قدمها جنود مصر في السادس من أكتوبر 73 تهدم وتحطم 6 سنوات من الغطرسة الإسرائيلية. بالإضافة لتحطيم أقوي أسطورة دفاعية في العالم "خط بارليف" ليحقق النصر العسكري إضافة للجهد الدبلوماسي مع ذكاء الرئيس السادات لاستعادة آخر شبر من يد الاحتلال الإسرائيلي وعودة الحق إلي أصحابه. الملحمة العظيمة التي صاغها شعب مصر وجيشها العظيم بدمائهم الذكية نالت عن جدارة واستحقاق إعجاب واحترام العالم. وجسدت أروع الأمثلة في التضحية والفداء عن الأرض والعرض ووحدة الهدف والمصير. تشهد سيناء اليوم معركة شاملة مع التنمية وضد الإرهاب. حيث يقف رجال القوات المسلحة الباسلة ورجال الشرطة البواسل بأقدام راسخة كالجبال الشامخة في جميع أنحاء أرض الفيروز. لدحر فلول الإرهاب الغاشم. ورسم ملحمة من الوطنية والفداء يسطرها التاريخ في سجلاته المشرفة بحروف من نور. إضافة لأعمال التنمية والمشروعات الاستثمارية لتشكل ملحمة تؤكد أن المصريين خلف قيادتهم السياسية وقواتهم المسلحة علي قلب رجل واحد. وهنا سيذكر التاريخ دائماً أن هذه المعركة الدبلوماسية التي انتصرت فيها مصر واستعادت آخر حبة رمل من أراضيها. هي في الحقيقة درس للأجيال القادمة. علي عظمة وشراسة المقاتل المصري. ليس فقط في ميادين القتال الحربية. ولكن في ميادين القتال الدبلوماسية والقانونية والتاريخية. وتمثل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الحزام والطريق بالصين. خطوة مهمة لبناء مستقبل اقتصادي واعد لمصر. خاصة مع دعوته لاعتبار قضية تمويل التنمية في الدول الواعدة مسئولية مشتركة للدول المتقدمة بما يكفل أساساً عادلاً لتمكين الدول النامية. وتقدم الصين مشروع إحياء طريق الحرير القديم برياً وبحرياً. فيما بدا قبل أعوام نوعاً من الخيال لكن بكين ضمن خططها طرحت المشروع باعتباره يشمل أكثر من 60 دولة. ويحمل فرصاً للتنمية في كل دولة يمر بها. لا يدع الرئيس السيسي فرصة دولية أو تجمعاً إقليمياً كبيراً إلا ويستعرض فيه الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر من خلال المشروعات العملاقة ومحاور التنمية. وتمثل في قمة منتدي الحزام والطريق التي عقدت بالصين. والتي عرض فيها لمحور قناة السويس القائم علي إنشاء مركز صناعي وتجاري ولوجستي. يوفر فرصاً واعدة للشركات العالمية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي. كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلي مختلف دول العالم. ومن هنا يمكن تفهم التسارع الذي اتخذته مصر في إقامة هذا الحجم من الطرق والمشروعات والمناطق الاقتصادية التي تجعل مصر قادرة علي الوفاء بالتزاماتها كدولة محورية في شبكات التنمية وفرص النمو. وهناك منافسة واسعة لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات. ولا يفترض أن تبقي الدول في انتظار ما يلقي إليها. لكنها يجب أن تكون جاهزة للتعامل مع الفرص. بالتخطيط وليس بالمصادفات. وقد ظهر ذلك في استعراض الرئيس السيسي. للتجربة المصرية في المشروعات القومية أمام القادة المشاركين بقمة "الحزام والطريق" وعلي رأسه المشروع العملاق لتنمية محور قناة السويس.. وتجهيز مصر لتكون مركزاً عالمياً للطاقة. حيث يشكل محور قناة السويس استثماراً لموقعها الاستثنائي بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. وسعياً ليصبح المحور مركزاً لوجستياً واقتصادياً عالمياً يساهم بفاعلية في تطوير وتسهيل حركة الملاحة والتجارة الدولية. وبما يتكامل مع مبادرة الحزام والطريق التي تعتمد بالأساس علي مفهوم الممرات الاقتصادية للتنمية. وتوظيف الفرص التي يتيحها الاقتصاد الرقمي. وفيما يتعلق بمصر كرئيس للاتحاد الأفريقي. إن موقع مصر الجغرافي الفريد خاصة أنها تقع في عقدة مواصلات بين ثلاث قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وتعتبر معبر حركة التجارة العالمية والبترول وهي المنفذ الرئيسي لأفريقيا إلي أوروبا وسيناء هي حلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا تؤهلها لأن تكون دولة محورية في هذا المشروع العملاق.. إن التنوع الكبير للدول المشاركة يعطي مصر فرصة كبيرة لتعظيم العوائد الإيجابية للاقتصاد المصري.. حفظ الله مصر.