تؤكد كل الدراسات اعتماد المستقبل الاقتصادي المصري علي الصناعة بصورة أكبر من الزراعة بسبب الزيادة المطردة في عدد السكان سنوياً وندرة المياه والانخفاض المستمر في حصة الفرد المصري من المياه ووصولها لحدود منخفضة جداً لا تزيد علي 300 متر مكعب لكل فرد بحلول عام 2050. ولذلك فإننا نري أن الملاذ الوحيد لإحداث تنمية شاملة مستدامة وعدم حدوث مشاكل اقتصادية ومالية داخل الدولة المصرية هو التركيز علي النشاط الصناعي من خلال زيادة الطاقات الإنتاجية للمصانع الحالية والاستمرار في إنشاء مئات المصانع كل عام وامتلاك التكنولوجيات المتطورة وتأهيل العنصر البشري المصري القادر علي اقتحام مجال التصميم والتصنيع لخطوط إنتاج الصناعات الهندسية والكيماوية والإلكترونية والكهربائية والمعدنية والميكانيكية.. إلخ. وتشغيل خطوط الإنتاج وصيانتها. ونظراً لكون مصر ستصبح من الدول الكبري في مجال استخراج البترول والغاز مع حلول عام 2025 فإننا نؤكد أن التنمية الشاملة الصناعية المستدامة سوف تعتمد اعتماداً كبيراً علي الصناعات المعتمدة علي مكونات الغاز والبترول ونظراً لحدوث فائض في الغاز الطبيعي داخل مصر مع حلول عام 2020 تركز الدولة حالياً علي تعميق صناعات الغاز كوسيلة لزيادة القيمة المضافة حيث إن إنتاج كيماويات من الغاز محلياً يحقق عائدا ماليا لا يقل عن مائتي ضعف قيمة تصدير الغاز كمادة خام. وللتاريخ يجب أن يفخر الشعب المصري كون دولتهم هي أول دولة عربية وإفريقية اقتحمت مجال صناعات البتروكيماويات حيث تنقسم تلك الصناعة إلي خمسة مجالات صناعية هامة هي: الألياف الصناعية ومواد البلاستيك والمواد المطاطية والبويات والمواد اللاصقة. وبالفعل قامت مصر بإنشاء مصنعين في منتصف القرن الماضي وفي إطار ثورة عبدالناصر الصناعية لإنتاج ألياف البولي إيستر الصناعية المماثلة للقطن بطاقة 25 ألف طن سنوياً ومصنع إنتاج ألياف البولي اميد الصناعية المماثلة للحرير الطبيعي بطاقة 5000 طن سنوياً في كفر الدوار وللأسف لم يتم إنشاء مصانع مثيلة لهما منذ ذلك الوقت وحتي الآن بالرغم من زيادة عدد السكان من 18 مليونا ال 100 مليون وزيادة الاستهلاك من 25 ألف طن إلي 450 ألف طن سنوياً. وتم ذلك قبل بدء إقامة صناعات البتروكيماويات في الدول العربية البترولية مثل السعودية وقطر والكويت والعراق وليبيا والجزائر في أوائل سبعينيات القرن الماضي. وفي عهد الوزير عبدالهادي قنديل والوزير سامح فهمي تم البدء في إنشاء مصانع إنتاج بوليمرات العائلة الثانية وهي مواد البلاستيك اعتماداً علي مكونات الغاز الطبيعي والبترول شاملاً الميثان والبروبان والايثان حيث نجحت مصر في إنشاء عشرات المصانع العملاقة لإنتاج ال PVC بطاقة 84 ألف طن سنوياً ومصنعين لإنتاج الايثيلين والبولي إيثيلين بطاقة 600 ألف طن والبيوتادايين والبولي بيوتادايين بالعامرية بطاقة 20 ألف طن سنوياً ومصنع لإنتاج البروبلين والبولي بروبلين في بورسعيد بطاقة 350 ألف طن سنوياً ومصنع إنتاج الميثامول من الميثان في دمياط وشركة إنتاج ألياف الأكريليك الصناعية المماثلة للصوف الطبيعي في العامرية بطاقة 36 ألف طن سنوياً وشركة إنتاج البولي إستيارين في الدخيلة. ويتم حالياً إنشاء أكبر مجمع لصناعات البتروكيماويات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع إحدي الشركات الأمريكية الكبري لإنتاج النشادر والإيثيلين والبولي إيثيلين والبولي بروبلين وعلي التوازي يتم تطوير معامل تكرير البترول في العامرية ومسطرد والعين السخنة. وعلي التوازي يعتبر الغاز الطبيعي المادة الأساسية لإنتاج الأسمدة الأزوتية شاملاً نترات الأمونيوم واليوريا ولذلك أنشأت مصر عشرة مصانع عملاقة منذ خمسينيات القرن الماضي حتي الآن شاملاً كيما في أسوان وأبو قير والإسكندرية بأبوقير وموبكو والنيتروجينية بدمياط والمصرية للأسمدة والنصر للأسمدة بالسويس والعين السخنة وطلخا للأسمدة بالدقهلية وحلوان للأسمدة بحلوان. وتنتج هذه الشركات 23 مليون طن سنوياً ويستهلك منها محلياً 11 مليون طن ويتم تصدير 12 مليون طن ولذلك نري عدم جدوي إنشاء مصانع جديدة أخري. حيث يعتبر ذلك استغلالاً خارجياً للغاز المصري ومن الممكن تحقيق عائد اقتصادي أكبر وتحقيق قيمة مضافة أعلي من خلال استخدام الغاز الفائض في مجال تصنيع بوليمرات وبتروكيماويات بدلاً من تصنيع النشادر أو اليوريا أو نترات الأمونيوم لصالح التصدير. ولاستمرار الدولة المصرية في تعميق التصنيع المحلي في مجال صناعات البتروكيماويات نري ضرورة الترويج والتوسع في إنشاء مصانع متعددة. ففي مجال الألياف الصناعية نريد مصانع لإنتاج ألياف البولي إيستر بطاقة 400 ألف طن وألياف البولي أميد بطاقة 50 ألف طن وألياف الأكريليك بطاقة 100 ألف طن سنوياً وفي مجال البلاستيك نريد إنشاء مصانع لإنتاج ال PVC بطاقة 400 ألف طن والبولي سيتارين بطاقة 200 ألف طن وفي مجال المواد المطاطية نريد إنشاء مصانع لإنتاج البولي بيوتادايين بطاقة 150 ألف طن سنوياً ومادة ال SBR بطاقة 300 ألف طن ومادة البولي كلوروبرين بطاقة 150 ألف طن سنوياً وفي مجال البويات نريد إنشاء مصانع لإنتاج PVA بطاقة 300 ألف طن ومادة الميثيل أكريلات بطاقة 500 ألف طن سنوياً وفي مجال المواد اللاصقة والمواد الاسفنجية نريد إنشاء مصانع لإنتاج بوليمرات الايبوكس بطاقة 200 ألف طن ومكونات البولي يوريثان بطاقة 100 ألف طن سنوياً. وتؤكد هذه الدراسات وجود جدوي اقتصادية لإنشاء هذه المجموعات من المصانع نظراً لتوافر الغاز والبترول والأراضي والطاقة الكهربائية والعنصر البشري والطرق والموانئ والسوق المحلي والإفريقي والآسيوي القادر علي استيعاب كل هذه المنتجات. وتقدر القيمة الاستثمارية لهذه المشروعات بحوالي 30 مليار دولار وتحقيق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لا يقل عن 150 ألف فرد.