يعتقد البعض أن تطور السينما في مصر يرتبط بعوامل خاصة بدراسة السينما وسوق العرض فقط. لكن السينما في حاجة إلي وسائل الإعلام قدر حاجتها لتطوير مناهج الدراسة في معهد السينما وتنظيم سوق العرض والبحث عن حلول استثمارية ودعم المركز القومي للسينما والإنتاج المشترك وغيرها من العوامل. لماذا الإعلام.. لأنه الوسيلة التي تخاطب الجمهور. والأخير هو الذي يستطيع الارتقاء بالسينما إذا رفض الأفلام الرديئة وجعلها تفشل في دور العرض. وهذا يحدث إذا ارتفع المستوي الثقافي للمشاهد ومستوي التذوق الفني لديه. ولكن طالما الجمهور يدعم السينما الهابطة سوف نظل نعاني مهما تطورت مناهج معهد السينما ومهما بحثنا عن حلول إنتاجية جديدة. لقد فوجئت بحديث بعض الزملاء عن معاناة قناة "نايل سينما" عندما أرادت إرسال فريق عمل لتغطية فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي الشهر الماضي. وقيل إن التليفزيون المصري لم يوفر سوي تذاكر الطيران فقط وذهبوا هناك يبحثون عن مكان لإقامتهم علي حسابهم. وهذا شيء مؤسف جداً. لأنه يعكس عدم الاهتمام بالسينما. وعدم إدراك أن الجمهور في حاجة إلي معرفة شيء عن مهرجان برلين. في حين أن الجمهور يجب أن يعرف ما يدور في العالم حتي يستطيع الحكم علي مستوي الأفلام المصرية واختيار الأفضل والأسوأ. وأتمني أن نعود بالذاكرة لسنوات قليلة مضت. ونتخيل مستوي علاقة الإعلام بالسينما بدون ناقد وإعلامي كبير مثل يوسف شريف رزق الله. أو بعدم وجود مذيعة مثقفة مثل د. درية شرف الدين التي ظلت 25 عاماً تقدم برنامج "نادي السينما". وكذلك كانت تفعل الإعلامية الكبيرة سناء منصور. هؤلاء كان لهم الفضل علي أجيال كاملة لأنهم كانوا القناة التي تنقل الثقافة السينمائية للجمهور العريض. ولذلك كان الجمهور يتذوق الأفلام المصرية ويقبل علي الجيد منها وينصرف عن التافه الرديء. نعم السينما في مصر تحتاج لاهتمام أكبر من الذي تحصل عليه. لأنها كانت تعاني من الإهمال لسنوات طويلة. حتي أصبحت صناعة السينما لعبة في أيدي التجار أو الهواة أو الباحثين عن الإنتاج المشترك أو الهاربين إلي المسلسلات. وجميعهم لا يفكرون في تطوير السينما قدر تفكيرهم في الإجابة عن السؤال: كم سأكسب من السينما؟ ولا أعرف لماذا نريد وضع قواعد جديدة لصناعة سبقنا إليها العالم. وعندما فكر طلعت حرب في استثمار أموال بنك مصر في السينما أنشأ أستوديو مصر عام 1935 كمصنع لإنتاج الأفلام التي يعرضها في السوق. والجمهور هو الذي يحكم علي الأفلام بالإقبال علي مشاهدة الأفضل. وبالتالي يحقق الأرباح. ولكن حتي الآن ظل المركز القومي للسينما غير قادر علي فعل شيء ولم يبادر في اتخاذ خطوات للإنتاج المشترك مع القطاع الخاص. ومن ناحية أخري فشل الإعلام في تقديم خدمة جادة للثقافة السينمائية. وإذا لم نبادر بالحلول سوف نظل هكذا ندور في دائرة مفرغة.