الجيش الأمريكي: جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر    الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما داعما لفلسطين في برلين    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    مجلس جامعة كولومبيا يصوت على قرار للتحقيق مع الإدارة بعد استدعاء الشرطة لطلبة متضامنين مع غزة    4 أيام متواصلة.. تعرف على عطلة شم النسيم وعيد العمال والإجازات الرسمية حتى نهاية 2024    اليوم.. جلسة محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب وقذف عمرو أديب    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    تحذير دولي من خطورة الإصابة بالملاريا.. بلغت أعلى مستوياتها    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    د. محمد كمال الجيزاوى يكتب: الطلاب الوافدون وأبناؤنا فى الخارج    د. هشام عبدالحكم يكتب: جامعة وصحة ومحليات    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    واشنطن تعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 6 مليارات دولار    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عاد لينتقم، خالد بيبو: أنا جامد يا كابتن سيد واحنا بنكسب في الملعب مش بنخبي كور    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    محمد هلب: السيارات الكهربائية بمثابة مشروع قومى لمصر    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    وسام أبو علي يدخل تاريخ الأهلي الأفريقي في ليلة التأهل للنهائي    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلف الأبواب
يقدمها: صلاح حامد
نشر في الجمهورية يوم 23 - 01 - 2019

رفضت "سميحة" الرجل الذي جاءها خاطباً .. قالت : عجوز .. يعني "رِجْل في الدُنيا ورِجْل في القبر" بينما أنا في عز الصبا و"خُطَّابي كتير وقالولي تستاهلي الدهب واللولي".. كان العريس في منتصف الأربعينات لكن شكله وهيئته يوحيان بأنه في الستين من عمره .. قالوا : "شيِبَه يدللك ولا شباب يبهدلك".. والأهم أن رزقه واسع وسوف ينغْنغِك في خيره .
دفعتها أسرتها الفقيرة دفعاً للزواج "رهبةً "من مخالفة رغبة العريس "الواصل" ولكي يستفيدوا من أمواله التي لا يعمل لها أي حساب فهي تأتيه بسهولة فينفقها بطريقة أسهل .. ومن جاور السعيد .. يَسعد لكن : لا تثق في المُزَيَفَيِن لأنهم كالطيور المهاجرة ترحل إذا ساء الجو.
أما اسوأ ما عانت منه "سميحة" فهي الفترة التي عاشت فيها مع ضرَّتها ابنة "سلطان الجن الأحمر" التي جعلت نهارها نار وليلها دمار.
***
كان سعيد مشعوذ "مسنود" من مارد جبار من الجن كافر وبحسب ما قاله للناس أنه أساء الأدب في المقابر وتصادف أن هذا المكان يسكنه المارد الكافر ف "تلبسه" وأمره بفعل الأعمال الشيطانية التي لا ترضي الله مقابل منحه السطوة والمال .
ولكي يخدع البُسطاء قرأ كتبا كثيرة عن الجن والتنجيم وحفظ بعض عبارات السجع التي يتحدث بها الكُهَّان والسَحَرةْ ليجعل الناس يصدقون هذه الخزعبلات فشاعت قصته وزادت شُهرته حتي أنه أصبح صاحب سطوة ورهبة بين الجيران.
خطيب .. "فوق العادة"
رجل مثله يقف في ظهره مارد جبار ولا يعرف الرحمة .. لا يمكن رفض طلبه عندما شاهد "سميحة " وراقت في عينيه وأرادها زوجةً له .. لكن الصبيَّة الجميلة كانت تفكر بقلبها .. صحيح أن العريس "أمواله بالكوم" من عطايا وهبات المخدوعين الذين يسعون لاسترضاء "الأسياد" لكنه ليس فارس أحلامها فوجهه عليه "غضب الله " وجسده "مقفَّع " مثل عود القصب بعد العصير.
لكن : من يستطيع أن يرفض النعيم ويواجه غضب مردة الجحيم ؟ .. ضغطت أسرة "سميحة" علي ابنتها حتي تقبلت مصيرها وتزوجت المشعوذ وأنجبت منه طفلين .. بعدها تغيرت أحوال الزوج فبدأ يبتعد عنها لفترات طويلة وبصورة مريبة ويجلس في غرفته بالساعات تسمعه خلالها يتمتم بكلمات غير مفهومة.. وفي أحياني أخري يتحدث إلي امرأة برغم أنه يجلس وحيداً !!
ناسِبنَا الحكومة
سألته : انت اتجننت .. وقاعد تكلم نفسك؟
* قال بحزم : دي مسائل لا يستوعبها عقلك.. الجن أجبرني علي الزواج من جنِّية شابة اسمها "مُرجانة" إبنة أحد سلاطين" الجن الأحمر الكافر ومهرها كان كتابة عبارات الكفر والمعصية التي ترينها داخل الحمَّام وأشياء أخري أكبر من ذلك أخرجتني من الإسلام!
ردت بلهجة فيها سخرية : و"ايه اللي لمّْ بنت السلاطين علي ابن بياَّع البطاطين"؟.
*قال : علشان يبقي بينا "نَسبْ " يا جاهلة لأنهم يحتاجونني كما أحتاج أنا إلي أموالهم وحمايتهم .
قالت : طيب .. كان لازم تعزمني في فرحك علشان أزغرد.. وكفاية إننا "ناسبنا الحكومة بتاعة الجن وضرتي من بنات السلاطين.. وأضافت : بسْ لازم تِعِدِلْ بيني وبينها .. أنا يوم وهيَّ يوم.
* قال : ياريت .. لكنني لا أستطيع معاشرة غيرها لأنها تغار عليّ وتريدني ملكاً لها .
قالت : علي كده أكيد الجنية التي تعشقها جميلة الجميلات ؟
* اعتدل في جلسته ارتسمت علي وجهه ابتسامة الظفر وقال : طبعاً .. انت بالنسبة لها "واحدة قرعة .. لأن ضرتك الجنية شعرها الحرير طوله 15 مترا حتي إنها تلفُّه علي جسمها 4 مرات .
خلال الأيام التالية استغل المشعوذ خبرته بأعمال الدجل وكان يفاجئ سميحة بمواقف مرعبة وينسبها لزوجته الجنِّية المفترية حتي جعل زوجته "الإنسية" سميحة تعيش أياماً وليالي في رعب وجحيم فباتت تخشي علي نفسها وطفليها وقالت : "فعلاً .. الجنِّية .. بَلاَ وآذيَّة".. وخلعت من زوج "مبيعرفش " وقالت لضرتها الجنيَّة : "اللي أخذته القرعة تاخده أم الشعور الكافرة"
***
يقول الحُكماء : المتجوز اثنين واقع بين نارين.. فما بالكم إذا كانت إحداهما من جهنم!!
خلع.. "جماعي"
دلائل الغباء ثلاثة : العِنَاد. الغُرور والتشبث بالرأي .. وهكذا لم يكن "رامي" غبياً فقط بل أغبي الأغبياء .. تزوج فتاة أحلامه ومرت السنون بدون إنجاب فقرر أن يتزوج بأخري .. ولأن زوجته تُحبُّه فلم تعترض برغم أن الأطباء قالوا : "العيب مش منها".. وهذا ما أكده الزواج الثاني : النتيجة صفر .
قال : سأتزوج الثالثة فمن حقي مثني وثلاث ورباع .. قالت الضرتان : "لأ .. انت بأه غبي ومُكَابر" واتفقتا علي تشكيل "جبهة موحدة "ضده وأقامتا دعويي خلع .. معاً.
****
لم يكن إعلان خطوبة رجل الأعمال "ماجد " لابنة عمته "رُقيَّة" أمراً مستغرباً فعلاقة حب عفيفة كانت تجمعهما منذ عهد الصبا والشباب .. مرت الأشهر الأولي بعد الزواج بدون إنجاب وتبعتها سنوات أخري عديدة وهما علي نفس المنوال .. عرضت الزوجة نفسها علي الأطباء فأكدت الفحوصات أنها "زي البرلنت" وقادرة علي الإنجاب .
طمأنت "رُقيَّة " زوجها بأنها "راضية" ولا تتخيل أصلاً أن تكون زوجة لرجل آخر .. قالت لتسِّري عنه : لا تقلق .. انت بابا وماما وابني .. وأنور وجدي.
لكن قلب "ماجد " كان معلقاً بالأطفال وكان يرفض الاعتراف بأنه "عقيم " فهو كامل الرجولة ولا يشكو من أي مرض .. كانت "رُقيَّة" تفهم من حواراته معها أنه يفكر في الزواج مرة ثانية فقد يجد حظُّه مع امرأة أخري فقالت له علي طريقة "محامي خلع ": انت 60 حصان .. لكن هناك فرق بين "الفحولة" والقدرة علي الإنجاب .. ومع ذلك.. لا أمانع أن تتزوج وتنجب وتحقق أحلامك.
ضرة "مش غريبة"
تهلل وجهه بالسرور والحبور .. قال : أنا كنت عارف إنك "بنت أصل" وغلاوتك عندي "ستزيد "أكثر من الأول .. وعموماً .. الزوجة الثانية التي أفكر فيها مش غريبة .. "سناء" ابنة عمي وابنة خالك يعني : "عائلة واحدة وزيتنا في دقيقنا ".. قالت : مبروك .. ولو أن "الضرة مُرَّة ولو كانت جرَّة".
كانت الزوجة الجديدة شابة صغيرة .. أي في أفضل فترات الخصوبة وكان "زواج مصلحة" لأنها "ستفوز بالغنيمة كلها" لو أنجبت ولي العهد .. لكن لم يحدث حمل ولن يحدث بدون "بذرة " كما قال الأطباء .
وكما يقول المثل المنغولي : "يستطيع الغبي طلب ما يعجز عشرة حكماء عن تلبيته" فقد جاء إلي زوجتيه ذات مساء "مدلدل أذنيه" كالحمار الخامل ودخل في الموضوع مباشرة : أرجو ألا تفهماني غلط فكرت أن أجرِّب حظي مرة ثالثة فربما أنجب طفلا يرث ثروتي.
نظرت الزوجتان إلي بعضهما وأطلقتا موجة من الضحكات الهستيرية فالطلب غريب .. و"اللي ميشوفش من الغربال يبقي أعمي".. بعد انتهاء وصلة الضحك بدأت "رُقيَّة "الحديث .. قالت : بصراحة .. "جوز التلاتة في منتهي التباتة".. ثم أضافت : و"أنا برة اللعبة دي".
* قال لها متوسلاً : انت الكبيرة .. العاقلة والحب اللي بيننا أكبر من المحيط الهادي.
قالت : ياعزيزي لقد تغيَّرت فلا شيء يتغيَّر أكثر من الوقت والنساء.
* قال : لا تتعجلي الرد .. فكري أولاً
قالت : اطمئن .. لن تري دموعي فالحكمة تقول : "ندي الصباح ودموع المرأة يجفَّان بسرعة".
ماحدث بعد ذلك أن "الضرَّتين "اتفقتا علي خلع "الزوج الغبي " معاً علي طريقة "ضرتين في الراس توجع".
***
يقول الحكماء : جحيم العاقل أفضل من جنة الغبي.
سارة .. في "المغارة"
كان زواج "سَارةْ" ضد قوانين الطبيعة .. تماماً مثل زواج "الغُراب من اليمَامةْ".. لذلك كان مصيره الفشل فالفراشات تعشق الزهور لا أشجار السنط وبعض "طيور الحب" الكناري تموت في الأسر حتي ولو كانت أقفاصها من ذهب عيار 24 قيراطا.
لكن .. إذا كان الفشل أمراً طبيعياً في مثل هذه الزيجات فإن زواج "سَارةْ" كانت نهايته درامية مثل أفلام الخيال العلمي .
***
عندما بلغت عُمْر "الصبا" كانت "سَارةْ" مثل وردة تفتحت أكمامها في الربيع .. ولأن مجتمعها يعرف أن والدها من عادته أن يزوج بناته مبكراً فقد طرق بابها العديد من الخُطّاب لامتلاك الزهرة البرية .. البريئة لكن الأب كان ينتظر عريساً مميزاً لتعيش ابنته في قصره مثل أميرات الأساطير .
فجأة .. توقفت سيارة فارهة أمام بيت "سَارةْ" نزل سائقها بسرعة وفتح الباب لرجل أربعيني أنيق صعد إلي شقة الصبية الجميلة يتبعه خادم يحمل أكداساً من صناديق الهدايا وكأنه مشهد سينمائي من أفلام ما قبل ثورة يوليو 1952.
تكهّْرب الجو في بيت "سَارةْ" التي طلبوا منها تقديم القهوة للضيف المُبجَّل فبادرته بالتحية: "تفضل يا أونكل".. سكت الكبار وكأن علي رءوسهم الطير .. لكن الأمر مر بسلام ورحل الضيف راضياً عن حفاوة المُضيف وجمال العروسة.
.. بالأحضان
بعد توديع "الوجيه" عاد الأب إلي ابنته يأخذها بين ذراعيه : مبروك يا أجمل بنت في العالم .. سيصبح معك مفتاح "مغارة علي بابا " وكل كنوزها ستكون ملك يديك .
* "سَارةْ" باستغراب : مش فاهمة.. لكنها أدركت بالطبع أن الأمر له علاقة بالضيف الأُبَّهة.
الأب : هذا الضيف الثري جداً طلبك للزواج .. ألف مبروك.
إحمَّر وجه سَارةْ من الغضب وليس من الخجل فالعريس في عمر أبيها .. لكن لم ينتظر أحد منها الجواب .. فقد تقرر الأمر وانطلقت الزغاريد تعلن أن زفاف سارة بعد أيام في قصر الزوجية الذي ستصبح سيدته.
الريح العاتية
مرت عدة سنوات هادئة اشتد خلالها عود سَارةْ وأصبحت مثل الشجرة القوية التي أرسلت جذورها في الأرض فأصبحت عصيَّة حتي علي الريح العاتية .. وأنجبت طفلين فزادت حظوتها .. لكن : ليس كل شئ جميلاً ومبهراً ويستحق أن يحسدها الناس عليه كما يظهر علي السطح.. كان الزوج قد غادر الأربعينات وضربت معاول الزمن في كل مكان بجسده ولم تعد تفلح معه أعشاب العطار ولا عقاقير الصيدلاني وكما يقولون ايه يعمل الترقيع في الثوب البالي.
استسلم الزوج وتوقف عن كل المحاولات الفاشلة والمحُرجة التي تجعل شَكْلهُ "بايخ".. ف "الشايب لمَّا يدلَّع يبقي زي الباب المخلَّع".
أصبحت "سَارةْ" تظهر بمفردها وكأنها فارقت زوجها أو رحل هو عن دنيانا .. ولأنها أصبحت أكثر أنوثة بعد أن استوي عودها وزادت ثقتها في نفسها فقد باتت فتاة أحلام كل من لا يعرف حكايتها فالناس لها ما أمامها و"محدش فاضي ينبش في الماضي".
وحدث ما لم تكن تنتظره فقد وقع شاب في غرامها وانطلق يخطب ودَّها .. كان اللقاء في حديقة النادي الشهير .. كانت نظراته يلمع فيها بريق الإعجاب .. حاول التقرب منها أكثر عن طريق مداعبة الطفلين .. ثم سألها عن والدهما فقالت بابتسامة خبيثة : نصيب ليفهم أنها خاضت تجربة زواج فاشلة.
عرض زواج
عرض عليها الزواج .. قالت : والطفلين .. رد : في عيني فضحكت وقالت: طيب .. ابقي اخطبني من جوزي .. لكن هذا الموقف جعلها تعيد النظر في مستقبلها.
في البيت .. فاتحت زوجها بأفكار تلِّح عليها منذ فترة طويلة واختارت أن تبدأ بموضوع الشاب الذي طلبها للزواج .. لكن زوجها بدا وكأنه لم يفهم مع أن الأمر في غاية الوضوح.. احتدت في لهجتها معه قالت: القضية واضحة كالشمس والشمس ما بتتغطي بالغربال.
قال: لكنك متزوجة .
ردت : زوجة علي الورق فقط بينما في الواقع "أرملة رجل حي" .. وكان هذا آخر حوار لها معه فقد أصبحت قادرة علي ان تتحرر من سجنها الذهبي وتقول له ولأبيها .. "لا".
***
قال الحُكماء الظُرفاء : الدلع في الكبير زي الزغزغة في الحمير.
.. وسكت عن الكلام المباح!!
الزواج مثل "الحمَّي" يبدأ بالحرارة وينتهي بالبرودة .. وكان هذا أيضاً نصيب "ليلي " فبعد زواج استمر عاما فقط . توقف زوجها تماماً عن الكلام المُباح لا في الليل ولا في الصباح وكأن القطُّة "أكلت "لسانه".. وهجرها ليعيش ويعشق في العالم الإفتراضي .. وحجز لنفسه عدة غُرف في منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت مجتمعه الخاص ومصدر سعادته وهناه .
ولأنها فشلت في التواصل معه في البيت فقد أقامت هي أيضاً في غرفة "افتراضية" ويا لسخرية القدر بصوت يوسف وهبي فقد أحبها هناك وأخذ يذرف الدموع الساخنة لكي تحِّن عليه وتنزل من عليائها وتلتقيه .. لكي تهوِّن عليه الحياة التي جعلتها زوجته في عالم الواقع "نَكَدْ" كامل الدسم .
تُري .. هل "حَنَّتْ" عليه ومسحت دموعه .. أم "طيَّنت" عيشته أكثر وأكثر ؟
***
كان "أيمن "بطبيعته قليل الكلام ويميل للعزلة .. وكان أدق وصف له أنه "بيتوتي" ولا يميل للخروج وقعدة المقاهي والأصحاب وربما هذه الشخصية هي التي جذبت ليلي إليه فهو سيكون زوجا مثاليا بحسب رأيها من الشعل للبيت ومن البيت للشغل.
بعد الزواج .. تغيَّر "أيمن" ولكن للأسوأ فقد أصبح "أخرس" وكأنه نسي الكلمات القليلة التي كان يحفظها : نعم حاضر آيوه .. والمصيبة أنه ربما فَقَدَ حاسة السمع أيضاً فلم يعد يرد علي زوجته إلا بعد أن تصرخ فيه : يا أيمااااااااان فينتبه "من شروده مخضوضاً " ويرد بكلمة واحدة : نعم وكأن الكلام "بفلوس".
السكوت من "بلاستيك"
* قالت له : عندما تزوجتك كنت تتكلم وتسمع .. هل فقدت النطق والسمع.. مرة واحدة ؟!.
رد : إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
* قالت : لأ .. ده كان زمان دلوقت "السكوت من بلاستيك".
رد : هههههه ولم يعقِّب .. ثم عاد ل "الشات "علي الموبايل.
تحدثت ليلي "مع صديقتها الإخصائية النفسية قالت لها : زوجي أصبح "كائن افتراضي" يعيش معي بجسده فقط وكأني غير موجودة في حياته .. يكون معي صامتا كالقبور لكنه لا يتوقف عن الكتابة في "الشات" طالما فيه عرقى ينبض.. فعرفت من صديقتها أن زوجها أحد ضحايا التكنولوجيا الحديثة و"غرف الشات" ربما صورة يعني لعدم وجود "تجديد " في العلاقة الزوجية ويريد أن يعرف امرأة أخري ليبدأ معها المشوار .
المرأة المثيرة
قررت "ليلي" أن تلعب معه علي طريقته .. أنشأت حسابا باسم مزيف علي الفيس بوك ووضعت صورة جذابة ومثيرة ثم أرسلت لزوجها طلب صداقة فقبله علي الفور وبدأ يحدثها علي الخاص بكلام فيه جرأة يُحسد عليها .. استجابتها له شجعته علي "الفضفضة "معها حتي أنه كان يسهر للفجر يناجيها ويبثها شوقه وغرامه وهي تفتح له الطريق وتحاوره حتي أنه بدأ يحكي لها أسرار حياته ومعاناته مع زوجته التي أهملته وأهملت نفسها وزينتها وكأن الزواج عندها الغاية والهدف ليس أكثر .. ثم طلب الزواج من حبيبته "الافتراضية".
كان يمكنها أن تستفيد من معرفة نواقصها كما يراها وتحاول أن تصلح من نفسها وتقترب منه كما يحبها أن تكون لكنها لم تفعل .
* قالت له : ماذا ستفعل حينما يكون الشخص الوحيد القادر علي مسح دموعك .. هو من سيجعلك تبكي؟پ
قبل أن يرد .. كانت تقف علي رأسه .. فسكت عن الكلام وأصبح الحديث عبر الشات مُباحا لأن الزوجة التي ستحاسبه .. "بح"!!
***
يقول الحُكماء: لا تيأس إذا عصفت الريح بخيمتك لأن القدر قد شاء أن تبني مكانها قصراً.
ما أحلي الرجوع إليه
الحبّ جزء من وجود الرجل لكنَّه وجود المرأة بأكمله .. وهو ما لم تجده " مايسة " في زواج تقليدي لم يدق قلبها فيه لزوجها الذي خطبها وهي في محطة " قطار الزواج " الأخيرة فخشيت أن تفوتها الفرصة فتخضع بعدها لقانون : " بختك يابو بخيت " .
ولأن فتيل الحب لم يشتعل في قلبها بعد الزواج فقد كان من السهل عليها أن تقول لزوجها " طلقِّني " وهي في ثورة غضب .. فقد يبيع الإنسان شيئاً اشتراه لكن لا يستطيع أن يبيع قلباً يهواه .. أما هو فطلَّقها ليدافع عن رجولته لكن ما حدث بعد ذلك كان خارج تصورات الزوجة والزوج .. والمجتمع والناس.
***
تفاصيل هذه القضية أرسلتها " مايسة" والاسم مستعار لصفحة " خلف الأبواب " عبر البريد الالكتروني [email protected] .. تقول : حكايتي تتكرر كثيراً مع عدد كبير من البنات .. قد يراها شاب. فيعشقها قلبه أو يرشحها له أحد معارفه فيرغب فيها كزوجة .. لكنها قد لا تجد فيه مواصفات فتي أحلامها ومع ذلك لا تستطيع أن ترفضه إذا كانت بينها وبين الثلاثين من عمرها خطوتان فقط وشبح العنوسة يطاردها ويكتم أنفاسها .. ناهيك عن النار. التي تتأجج في قلوب الأسرة خشية أن يفوتها قطار الزواج .
وهكذا كان حالي عندما تقدم " محمد" لطلب يدي .. تركت عواطفي جانباً واخترته بعقلي خاصة أنه أنيق ووجهه فيه سماحة وقلت في نفسي : رأيي النهائي سيتبلور خلال فترة الخطوبة والحب قد يأتي بعد الزواج .. لكن علاقتنا كان يسودها الاحترام والمودة التفاهم .. فقط واستمر ذلك بعد الزواج .. ولم يأت الحب الذي يشتعل في القلب كما تشتعل النار في الحطب لذلك لم أتعجل الإنجاب خشية أن يكون الزواج " عُمره قصير " فماذا عندها سيكون مصير الأطفال؟
تابعت : لم يكن لدي ملاحظات عليه سوي أن كلام أمه عني " مصدَّق ". بدون أن يتحقق منه وبعدها يبدأ في توجيه الاتهامات لي وهو ما كان يثير حفيظتي .. ذات مرة استفزتني اتهاماته وفي لحظة غضب وجهت له إساءة بالغة: إنت معدوم الشخصية ثم ألقيت بالقنبلة في وجهه : " لو راجل .. طلقّنِي " .. اعتصم بالصمت برهة وحاول أن يتجاوز الموقف لكن شعوره بالإهانة كان أكبر من الصبر فقال : إنت طالق !!
طلب السماح
تقول "مايسة " : حملت ملابسي وعدت إلي منزل أهلي الذين وجهوا لي اللوم بينما كنت سعيدة بما كنت أظنه وقتها أنني حصلت علي الحرية .. لكنني شعرت بالحنين إليه كانت هذه هي المرة الأولي التي يدق فيها قلبي بالحب للرجل الذي أصبح الأن " طليقي " .. نعم لقد أحببته بالفعل وكثيراً ما كنت أمسك بالموبايل لأتصل به وأسأل عنه لكن كان الخجل يمنعني .
استدركت قائلة : وكان هو من بدأ بالسؤال ليطمئن عليّ .. فوجدني امرأة أخري لأنني اخترته الآن بكامل إرادتي وليس لمجرد الهروب من العنوسة .. طلبت منه السماح وتعهدت له: سأبكي من دموعك وسأبتسم من ضحكتك وسأكون لك الملاذ في الشدائد وحين تضطرب الأجواء.
قلت له كلام المحبين : منذ افتراقنا لم أعد أري للكون أيّ ألوان. ولا أسمع أصواتاً سوي نبضات قلبي المتسارعة التي تهمس باسمك في كل دقة .. أنام لأراك هناك تنتظرني كما كنت تفعل دوماً. وأستيقظ لأجدني وحدي أنتظرك دون أي أمل لكنني اخترت أن أظل في انتظارك حتي ألقاك .
خمسين بلا خمسة
تضيف " مايسة: ضحك من قلبه فالكلام الذي يخرج من قلب المُحِّب يدخل مباشرة في قلب الحبيب .. وقال : اطمئني .. كنت انتظر علي نار عودتك إليَّ .. فالحياة بدون زوجة مثل الخمسين بدون خمسة.. ضحكنا معاً فما أحلي الرجوع إليه كما تغني نجاة وقررنا الإنجاب.
تنهي " مايسة " قصتها قائلة : لا تعرف المرأة قيمة سعادتها مع زوجها إلا حين تفارقه .. فلكل وردةي محبى يسقيها. وتذْبل إن غابْ .
***
خلف الأبواب : الزواج الناجح.. صرحى لابد أن يُعاد بناؤه كل يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.