يبدو ان الغرب كان يعتقد انه بمنأي عن اي اضطرابات سياسية قد تشهدها ساحتهم. الا انه دائما تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن. فها هي شوارع فرنسا تشتعل باعنف احداث ضد ما يسمي بالعولمة المالية وذلك بعد احداث البريكست وفضيحة انتخابات الولاياتالمتحدةالامريكية ومن بعدها تحالف معارضي النظام في ايطاليا . رائحة حرب العصابات تفوح في شوارع العاصمة الفرنسية باريس بعد يوم عنيف لم تشهده فرنسا من قبل. الامر الذي وضع الحكومة الفرنسية في مأزق كبير حيث حولت حركة "السترات الصفراء " تلك المظاهرات الي ازمة سياسية كبيرة . ففي الوقت الذي فقدت فيه الشرطة الفرنسية سيطرتها شبه الكاملة علي تلك الحركة التي قامت باحراق سيارات الشرطة وتدمير عدد من واجهات المحال الكبري في شارع الشانزليزيه. اكد الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون من خلال تغريدات له انه لن يقبل ابدا بمثل هذا العنف الذي ليس له اي علاقة بحق التعبير السلمي حيث اعتبرهم لا يتظاهرون من اجل اهداف محددة علي حد زعمهم. بل انهم يسعون الي الفوضي. يأتي ذلك في الوقت الذي لم يستبعد فيه وزير الداخلية الفرنسي فرض حالة الطواريء. وهو الامر الذي لطالما انتقدته الحكومات الاوروبية واعتبرته امرا منافيا لحقوق الانسان. وقد اشارت صحيفة لوبوان الفرنسية الي تصاعد مطالب المعارضة الفرنسية التي انضمت الي حركة السترات الصفراء حيث وصفتها الصحيفة بانها حركة ليس لها كيان او حتي قائد. اما زعيم الحزب الجمهوري لوران ووكيز فقد عاد ليكرر دعوته لإجراء استفتاء حول السياسة الاقتصادية والمالية لإيمانويل ماكرون. كما طلبت مارين لوبان رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني أن يستقبلها إيمانويل ماكرون مع الزعماء الآخرين للأحزاب السياسية المعارضة وذلك في الوقت الذي تم فيه توجيه الاتهام لها بمحاولة اشعال الموقف وانها هي وراء دعوات التظاهر كي تحرج حكومة ماكرون. ولم تخل الصحف العالمية من صور الدمار الذي لحق بشوارع باريس فاشارت صحيفة Die Welt الالمانية الي السيارات المحترقة التي امتلأت بها الشوارع والحجارة الملقاة في كل مكان. اما صحيفة وول ستريت الامريكية فقالت ان هؤلاء المتظاهرين كان بعضهم يرتدي السترات الصفراء والبعض الاخر بدونها واغلبهم كانوا يقومون بتكسير واجهات المحلات في افخم الشوارع الفرنسية حيث الفنادق الفاخرة . وفي اسبانيا فقد اهتمت صحيفة El Pais باشتعال الاحداث ناشرة صور اصحاب السترات الصفراء وهم يحملون الالات الحادة وتصاعد الدخان في كل مكان واصفة الوضع بانه يشبه الحرب . اما الدويتش فيلا الالمانية فقد اكدت ان هذه الحركة تحظي بدعم كبير من الفرنسيين مستندة الي استطلاع للرأي يشير الي ان 2 من بين كل ثلاث فرنسيين يساندونها. مضيفة الي ان امانويل ماكرون يواجه في الوقت الحالي اكثر المشاكل تعقيدا منذ توليه السلطة. حيث دخل اصحاب السترات الصفراء اكبر تحد مع الحكومة مع سيطرة شعور كبير بالفشل من جانب الحكومة في السيطرة عليهم في العاصمة الفرنسية وعجز ماكرون عن ايجاد صيغة يخمد بها ثورة هؤلاء الذين تعالت اصواتهم بالهتافات المناهضه له ولحكومته والتي وصلت الي حد مطالبته بالاستقالة . ويري بعض المحللين أن هذه المظاهرات وراءها اللوبي اليهودي وأمريكا. وذلك كرد فعل علي تصريحات الرئيس الفرنسي بضرورة وجود جيش أوروبي موحد. والتي لم تعجب الرئيس الامريكي ترامب وأن هذه الاحتجاجات ستشكل خطرا كبيرا علي الاقتصاد العالمي. معتبرين ان سيناريو ثورات الربيع العربي يعيد نفسه في أوروبا.پوبنفس التدخل الأمريكي كما حدث في دول الشرق الأوسط. ومن يستوعب الدرس هو الناجي الأوحد.