انتشرت ظواهر ما أغربها. ووقعت جرائم ما أعنفها.. أصابت المجتمع بشرخ كبير.. ما كان ليحدث أبداً.. إن حافظت الأسرة علي دورها.. مؤسسة ومراقباً.. وإن ظلت المؤسسات التربوية علي عهدها.. معلماً وموجهاً.. وإن استمر الإعلام ملتزماً ومرشداً. لم يحدث زمان.. أن قتل عاطل جدته من أجل الكيف.. أو ذبح شاب خطيبته متخيلاً أن فعلته سوف تنهي مشاكله العاطفية.. ولم يجرؤ "أقسي القلوب" علي تعذيب أطفال بالحضانة.. أو يندفع طالب لقتل زميله بالمطواه حلاً لخلافهما الصبياني.. بل علي العكس.. كان معظم "الصدامات" تنتهي بالتلاقي والتصالح.. بعد تبادل اللوم والعتاب.. لأن الجميع نشأ وتربي علي السماحة والتراحم والتكافل. انفلت السلوك البشري.. بعدما تمزق الترابط الأسري.. وانصرف الآباء والأمهات إلي وسائل التواصل الاجتماعي.. وانشغلوا عن تنشئة الأبناء علي القيم والمباديئ.. وتركوهم فريسة للألعاب الإلكترونية التي تحض علي العنف.. فكانت النتيجة أن قتل تلميذ مدرسته.. تنفيذاً وتطبيقاً لتعليمات إحدي الألعاب الإرهابية. وقع الكبار قبل الصغار في عالم الجريمة.. بعد تراجع الدراما المصرية عن دورها الأساسي.. وتعثر القنوات الفضائية في طريقها الصحيح.. فتوالت مشاهد العنف والقوة علي الشاشات.. واحتلت أعمال البلطجة أدوار البطولة.. فكانت النتيجة 12 ألف مشهد مخدرات في 4 سنوات.. تسببت في إدمان الأبرياء وانتشار حوادث الفوضي والتسيب. ابتعد "البعض" عن سماحة الأديان.. ورفض الاستماع للغة الحكمة والعقل.. واتبع الجهل والتعصب.. وسلم نفسه لمنابر التشدد والتخلف والأفكار الهدامة.. فارتفعت حالات الطلاق إلي 542 حالة يومياً.. وتضاعفت أرقام الجريمة.. وزادت حوادث الوقوع في الممنوع. لقد تجاوزت الأفعال المشينة كل الحدود.. ولم يعد هناك مجال يسمح بالصبر والتريث.. وإنما لابد من الإسراع بالمواجهة والتصدي.. والبداية من "مثلث الأمن الاجتماعي".. والذي يضم الأسرة والمدرسة والإعلام.. حيث وجب عليهم الصحوة والانتفاضة.. ومساندة المؤسسة الدينية في دورها الهام والأساسي.. بالعمل معاً علي إعادة الترابط الأسري.. وتثمين الأخلاق لدي الأبناء.. وإحياء قيم الإثيار والعلم والمعرفة.. وإرشاد الجميع إلي السلوكيات الصحيحة والمهارات المستحبة. الأهم.. أن تعمل جميع المؤسسات التربوية علي نشر صحيح الدين والفكر الوسطي.. وتعزز الرقابة علي تصرفات الصغار وتحصينهم من الأفكار البالية.. وتسعي لتقويم السلوك البشري بإجراء حوارات بناءة.. وتبين كيفية حل المشاكل والخلافات بالتفاهم والمبادئ والقانون.. وليس بالعنف أو البطش.. عندئذ تنحسر الجرائم.. وتتواري المشاهد المخزية.. ويظلل الأمن والتماسك مجتمع المصريين.. ويتجدد الأمل في عودة "الزمن الجميل"!!