شارع عبدالعزيز وشوارع الموسكي.. مملكة للبلطجية من الباعة الجائلين الذين يقومون بافتراش الأرصفة.. وعمل "فاترينات" غير مرخصة.. وتأجيرها من الباطن بمبالغ تتراوح بين 100 و250 جنيهاً يومياً لمساحة متر واحد فقط.. لبيع سلع مجهولة المصدر ومهربة مما يتسبب في شلل مروري واشغالات الأرصفة.. ومسئولو الحي يكتفون بالمشاهدة.. وبمواجهة رئيس الحي كان الرد الرسمي الحملات مستمرة لرفع الاشغالات ومنع عودتهم مرة أخري رغم أن هذه الحملات لا تظهر أبداً وهؤلاء الباعة في حماية أصحاب المحلات وكبار التجار الذين يؤجرون لهم "البلاطة" بعشرات الجنيهات. طارق إسماعيل صاحب فاترينة بشارع عبدالعزيز يقول الفاترينة التي أعمل بها ورثتها عن أبي ونحن متواجدون في هذا المكان منذ أكثر من أربعين عاماً وحاولنا كثيراً تقنين أوضاعنا مع الحي ولكن دون جدوي مطالباً المسئولين بالحي بالنظر بعين الاعتبار إلي الباعة الجائلين بالعتبة وتقنين أوضاعهم. يضيف سلامة محمد صاحب فاترينة عائلتي تمتلك أكثر من 20 محلاً وعشرات من "الفروشات" بالشارع تدر علينا دخلاً كبيراً ونقوم بتأجير تلك "الفروشات" لأبناء قريتنا المغتربين والباحثين عن لقمة عيش مضيفاً أن سعر "الفرشة" يختلف حسب المساحة والمكان "فالفرشة" مساحة مترين علي ناصية إيجارها اليومي 200 جنيه أما إذا كانت في شارع جانبي فتصل إلي 100 جنيه فقط والمستأجر يكسب منها في اليوم الواحد ما لا يقل عن 300 جنيه. ويوضح محمد عبدالله صاحب فاترينة أن أيام الثورة كان لنا دور كبير في الدفاع عن قسم شرطة الموسكي والجميع يعرف ذلك جيداً مضيفاً أن أكثر من 90% من الفنيين بشارع عبدالعزيز والعطار تعلموا صيانة الموبايلات عن طريق التجربة وليست الدراسة والإنترنت يعتبر المصباح السحري فهو ساعدنا كثيراً في إصلاح الأعطال ولا يوجد موبايل صعب صيانته فالفني الشاطر هو كلمة السر والزبون يثق فينا لجودتنا وقلة السعر مقارنة بالمحلات الأخري. يوافقه الرأي صلاح محمود صاحب فاترينة ويضيف ان أغلبية الشباب العاملين في هذا المجال ليسوا خريجي كليات الهندسة أو الحاسبات ولكنهم اعتمدوا علي تعلم الصيانة من الموجودين في الشارع علي يد أحد الفنيين الأقدم موضحاً أن الإيجارات ارتفعت في الآونة الأخيرة رغم ركود السوق فإيجار الفاترينة الواحدة يبدأ من 3000 إلي 7000 جنيه في الشهر حسب المكان الموضوع فيه الفاترينة أما "الفرشة" فإيجارها يتراوح بين 50 و150 جنيهاً يومياً. مضيفاً أنه يدفع أرباحه في نهاية اليوم للإيجار وأحياناً لا أستطيع تدبيره وإذا رفض المستأجر الدفع يتم طرده والمجيئ بشخص آخر. التقط طرف الحديث محمود عبدالسلام وقال إنه تخرج من كلية التجارة منذ عشر سنوات واتجه للعمل في صيانة أجهزة المحمول لأنها تدر دخلاً وفيراً فأدفع شهرياً لصاحب الفاترينة 2500 جنيه. مضيفا أن صيانة المحمول دخل عليها الكثير من أساليب النصب والاحتيال علي الزبائن حيث يتم استبدال البطاريات والشواحن الأصلية والمقلدة للزبائن. ويشير أحمد عبدالحميد من سكان شارع عبدالعزيز إلي إن معظم محلات العتبة والأزهر والموسكي إيجار قديم ويتم إعادة تأجيرها للتجار كحق انتفاع بمدة محددة والتاجر بدوره يقوم بتقسيم المحل إلي عدة باكيات ويقوم بتأجيرها من الباطن ومعظم المستأجرين من الشباب الباحث عن "لقمة عيش" وفرصة عمل. يضيف محمود عبدالفتاح موظف إن العاملين في الشارع يحاولون تحقيق أقصي استفادة من فترة الإيجار وفرش أكبر قدر من الفاترينات لعرض الأجهزة والاكسسوارات وأعمال الصيانة و"الفرشة" الواحدة يتم تأجيرها 100 جنيه يومياً ومساحتها لا تزيد علي متر ونصف وقبل الثورة كانت حركة البيع والصيانة طوال اليوم ولكن نظراً لارتفاع الأسعار أصبح الإقبال ضعيفاً. ويري اسماعيل محمد موظف أن حي الموسكي هو السبب في تواجد ظاهرة الباكيات المؤجرة من الباطن ويعملون "أذن من طين وأخري من عجين" مقابل حصة شهرية لهم من المستأجرين الذين يدفعون لهم مضطرين فهي سبوبة للجميع في ظل غياب الرقابة. مطالباً بتقنين أوضاع الباعة المستحقين الفعليين أو نقلهم لمكان آخر بعيداً عن التكدس المروري والازدحام وهناك سيستفيد الجميع المواطن والدولة والبائعون بدلاً من أن تذهب لجيوب التجار والبلطجية. وتقول ع.م مستأجر فاترينة إن أصحاب المحلات هم المستفيد الأكبر من انتشار ظاهرة الفاترينة والباكيات حيث يقومون بتقطيع المحل إلي مساحات صغيرة داخل إطار زجاجي لا تتجاوز فيه كل باكية 2 متر حتي ممرات الشوارع وتداخل العمارات يتم تأجيرها من الباطن لأن معظمها قانون قديم وكل شهر يحصلون علي الإيجار الشهري وأحيانا يتم تحصيله يومياً والمستأجر الغلبان يتعرض لمضايقات من الشرطة والحي والمستفيد الأكبر أصحاب المحلات لذلك علي الدولة أن تراعي ظروفنا ويتم تأجير الباكيات والمستفيد هنا هو المواطن والمحافظة لأنها ستحصل علي الإيجار وتعود بالنفع علي خزينة الدولة. ويقول س.ع صاحب محل بشارع عبدالعزيز الباعة الجائلون الذين احتلوا الشارع لا يدفعون ما عليهم للدولة لا ضرائب ولا مرافق حتي الكهرباء يقومون بسرقتها من أعمدة الإنارة متسائلاً لماذا لا تقوم الدولة بتوفير أسواق بديلة لهم؟! فأصحاب المحلات بشارعي عبدالعزيز والعطار أصابهم الركود بسبب هؤلاء وان معظمهم من منطقة منشية ناصر ويعتقدون أن الشارع ملك لهم ويحق لهم توريثه وهذا ما يحدث بالفعل علي أرض الواقع فمن يمتلك "فرشة" إذا مات ابنه أو أحد أقاربه يأخذ مكانه ولا يستطيع أي شخص غريب الاقتراب من الشارع أو وضع فرش جديد بالشارع فهم مسيطرون علي الشارع بالكامل ولا يستطيع أحد منعهم لا شرطة ولا حي ولا محافظة. ويؤكد محمد إسماعيل صاحب محل بشارع العطار ان الجميع يخشي بطش الباعة الجائلين بالشارع وكل محاولات الحي والقسم لطردهم باءت بالفشل رغم ما يسببونه من خسائر فادحة للمحلات واشغالات الطريق وان الغرامة الموقعة عليهم 50 جنيهاً فقط "اشغال طريق" وهو مبلغ لا يمثل أي مشكلة لأن مكسب الباكية الواحدة لا يقل عن 200 جنيه يومياً والزبون دائماً يبحث عن الأرخص مضيفاً ان المشكلة الأكبر ان كثيراً من الفنيين قد تركوا المحلات وقاموا بالعمل باليومية معهم مقابل 150 جنيهاً في اليوم الواحد يعني "موت وخراب ديار"؟ مضيفاً أن أكشاك الصيانة انتشرت كثيراً بالشارع والاقبال عليها كبير بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الموبايلات وأصبح الاقبال علي الصيانة علي مختلف الطبقات وليس للفقير فقط والأزمة في تجميع أي موبايل هي "البوردة" وإذا وفرها الزبون لي أستطيع تجميع أي موبايل حتي ولو كان "آي فون" بأقل من ثمنه! من جانبه يؤكد بهجت حسني رئيس شعبة الأدوات الكهربائية بالغرفة التجارية ان الباعة الجائلين بشارع عبدالعزيز يتسببون في خسائر فادحة للمحلات التجارية حيث يقوم هؤلاء ببيع سلع مجهولة المصدر ورخيصة الثمن وبالتالي الإساءة للسلع المباعة في المحلات بالشارع مشدداً علي ضرورة تدخل المحافظة والحي لإزالة تجمعات الباعة الجائلين بالمنطقة مع اتخاذ جميع التدابير لعدم عودتهم مرة أخري. وبمواجهة اللواء جمال محيي رئيس حي الموسكي كان رده أن حملات الحي بالتنسيق مع الشرطة مستمرة لتطهير منطقة الموسكي وشارع عبدالعزيز والعطار من الباعة الجائلين من أجل عدم إعاقة حركة المارة وعدم السماح لأي اشغالات تعوق الحركة المرورية مشدداً علي أن قريباً سيتم تطهير الموسكي من جميع الاشغالات ولن يسمح بعودتها مرة أخري حيث ان تعليمات المحافظ واضحة وصريحة لجعل العاصمة جميلة ونظيفة بلا إشغالات أو قمامة.