كان "رأفت" نابغة منذ صغره.. تخرج في إحدي كليات القمة وأكمل دراسته الأكاديمية في إحدي جامعات أوروبا.. كان التحصيل العلمي هو وسيلته الوحيدة والأكيدة لصعود السلم الاجتماعي لكن أفكاره ظلت نابعة من تقاليد عتيقة لا يقرها شرع أو دين. كان رأفت يؤكد بتصرفاته أن "البنت مش زي الولد" ويراها "كمالة عدد" برغم أنف الراحلين صلاح جاهين وسعاد حسني.. أما رغبات "ديك البرابر" فكانت أوامر تنفذ بطيب خاطر بينما تحتاج البنت لعقد جلسات مناقشة للوصول إلي حل وسط والقبول بالحد الأدني من طلبها: أحسن من مفيش!! باختصار.. لم يستفد الأستاذ النابغة من العلم الذي يحمله ولا من الحياة في أوربا وكان كما قال الشاعر الجاهلي طرفة ابن العبد: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمول. *** خلال رحلة الدكتور رأفت في الحياة أنجب ابنتين وولد .. اعتبره مسك الختام وأنه المراد من رب العباد وشيد من أجله عمارة ليعيش فيها بجواره وأهداه شقتين مفتوحين علي بعض ليتزوج فيهما باعتبار أن للولد مثل حظ الأنثيين وفرشهما من الأبرة للصاروخ "بزعم أن تجهيز الولد مسئولية أبيه.. فماذا كان موقفه من البنات؟ شخصية كارزمية كان حظ عبير أنها تلقت الصدمة الأولي.. رفض والدها الكثير ممن تقدموا لخطبتها بزعم أنهم "داخلين علي طمع" وأنه يريد شابا يطلبها لشخصها لا من أجل شقة في عمارة والدها ولا من أجل رصيده في البنك الذي جمعه في سنوات الغربة.. كان يريد عريسا يضيف إليها لا عريسا يأخذ منها. كان رأفت صاحب شخصية "كارزمية" تؤثر في من حوله . ولا تقبل المناقشة وكان "الأستاذ" ماهرا في تزيين الباطل وإلباسه ثوب الحق فقد كان كلامه ظاهره الرحمة وباطنه العذاب لكنه سقط في أول اختبار وكما قال الراحل سعيد صالح: كل شيء انكشفن وبان. تمسكت عبير بعريس كان بينهما حب واعجاب مشترك قالت انه يمتلك شقة ولا يطمع في عمارة أبيها فلماذا يعترض سبيلها ويقف أمام قلبها وعشقها؟! قال: لا تصدقيه بسهولة.. مجرد كلام محبين.. وكلام الليل مدهون بالزبدة. قالت: عندما يزورك ستتأكد من نواياه.. و"المية تكذب الغطاس". حصوة ملح في اللقاء الأول بين الأستاذ وطالب القرب.. قدم الشاب عقد الشقة التي اشتراها ليطلع عليها والد عبير قال إنه لا قبل أصلا أن يقيم في شقة زوجته لأن ذلك ضد مبدأه أن يكون مالك قراره وقال إنه لا يشترط عليه حجم مساهمته في تجهيز الشقة. التقط الأستاذ البارع طرف الخيط.. قال: عندك حق فالبيت يبني لبنة لبنة.. و"التفاحة اللي ماتقدرش علي اكلها دفعة واحدة.. اقضمها علي مراحل وعلي قد فمك". وافق الأستاذ مرغماً علي العريس.. صحيح أنه كان يفضل أن يزوج ابنته لعريس ميسور ياخدها بشنطة هدومها لكنها ترفض التراجع والاستسلام وكان مضطرا أن يضع في عينيه "حصوة ملح" ويعلن أنه سيساهم في تجهيز ابنته خاصة أن العريس بدأ التجهيز وقدم الشبكة وعقد القران. وكما أن قوة "الغليان" تدفع القطار علي القضبان فقد انفجر صدر العريس من محاورات حماه وتلكيكاته ومماطلاته ووصلت الخلافات بينهما إلي طريق مسدود فقرر أن ينسحب وطلق العروس قبل أن يدخل بها ورضي من الغنيمة بالإياب. لم يخجل الأستاذ وقال لابنته: الحمد لله إنه انكشف قبل ما تقع الفاس في الراس. *** لكن: إذا لم يستطع الإنسان أن يخترع كذبة مقنعة فأولي به أن يتمسك بالصدق كل ما نالته ابنته انها حملت لقب مطلقة لأن والدها لا يؤمن بمشروعية الحب للبنات إلا إذا كان العريس سيأخذها ب "شنطة هدومها"!! قعدات المزاج في جلسة سمر بعد انتهاء شهر العسل قال العريس لزوجته: أنا عايز أفتح لك قلبي واعترف بالماضي حتي لا تكون بيننا أسرار ونبدأ صفحة جديدة "علي مية بيضة". خطر علي بالها أنه سيحكي عن مغامراته مع البنات.. ردت وهي تبتسم: احكي.. لو ان اعترافاتك جت بعد ما وقع الفاس في الراس. قال : المشروع بتاعي بيخسر.. وأصبحت "ع الحديدة". قالت: من الأول.. قلت لك إن الوظيفة أفضل من العمل الحر. رد وهو يمط شفتيه : ال CV بتاعي لا يساعدني أصل أنا اتسجنت 3 سنين!! ثم أردف موضحا: كانت مجرد مشاجرة عادية وتسببت في عاهة مستديمة لأحد الجيران. بلعت زينب ريقها من الخضة وتوقفت تماما عن الكلام مثل شهرزاد عندما كان يدركها الصباح لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير وطرح أسئلة شائكة ليس لها إجابات: * فهل سترمي "كرسي في الكلوب" فتفضح نفسها وتنسف الزواج بسرعة صواريخ الفضاء؟ * أم تصبر.. وتنتظر ما سيأتي به قادم الأيام؟ كانت ليلة مظلمة فزوجها طلع سوابق لكن الليالي التالية كانت أسوأ.. وأشد ظلما وظلاما ففي الاعترافات التفصيلية اللاحقة عرفت أن المشاجرة التي دخل زوجها بسببها السجن لم تكن صدفة أو بسبب لعب العيال فقد كانت مع زميله تاجر المخدرات. قعدات المزاج لم تكن اعترافات الزوج بهدف فتح صفحة جديدة كما قال وإنما ليمهدها للدور المنتظر منها فهو يجهز قعدات مزاج في بيته ولابد أن تعرف لأنها ستشارك في خدمة الزبائن. وجاءت الليلة الموعودة بدأ الضيوف "يهلّون" فرادي وأزواجا وبعد أن اكتملت الشلة اشتعل منقد الفحم وتعمرت الشيشة وبدأت سحب الدخان الأزرق تعبق الشقة مصحوبة بضحكات صاخبة ونكات بذيئة وأصوات كاسات الخمر وهي "تطقّش" في بعض. حبست نفسها في حجرتها وانزوت في ركن منها في انتظار أن تنتهي الموقعة. لكنها كانت بتحلم.. اقتحم زوجها الحجرة غاضبا قال : انت مش شايفة ان عندنا ضيوف بسرعة قدمي لهم حاجة. قالت: دول ناس مساطيل وفي غيبوبة عن الواقع والأخلاق وكمان اللي بتعملوه ده ضد القانون ياريت تروح تشرب الهباب ده بره البيت. القانون مفيهوش زينب كانت الخمر والمخدرات قد لعبت برأسه فلم يدخل معها في نقاش رفع يده وصفعها بقوة فسقطت علي السرير وهي تتلوي من الألم. عاد الزوج إلي الزبائن الذين يعّد لهم النصبة بفلوسهم.. سألوه: فين ياعم الشاي والقهوة؟ قال وهو يهز رأسه بسخرية: تصوروا .. زينب مراتي بتقول ان "المزاج" ضد القانون! بادر أحدهم قائلا: القانون مفيهوش زينب.. واسألوا فؤاد المهندس!! انفجرت عاصفة من الضحك الهستيري الذي تشعلله أنفاس الحشيش فغطت علي صوت باب الشقة وزينب تغلقه وراءها برفق وهي تهرب بجلدها من الوكر. *** تذكرت نصائح والدها الذي لم يكن مرحبا بالعريس.. يومها قال لها: لا يهم أن العريس وسيم وسخي وايده فرطة الأهم أن نعرف أصله وفصله. لكنها سارت وراء قلبها.. واليوم تسير في طريق المحاكم. ميراث الغضب "لأ دي جت غلطة.. ههههههه".. هكذا كانت ترد "ليلي" علي كل من يري ابنتها الصغيرة "مي" ويسألها بعفوية: البنت دي طالعة لمين؟! كانت "ليلي" جميلة بيضاء "قشطة" بينما زوجها بينه وبين الوسامة "تار بايت" وان كان هذا الأمر لا يمثل له مشكلة فقد كان شعاره في الحياة: اللي معاه قرش يساوي قرش. وهكذا كانت ليلي تبدو وكأنها تتبرأ من طفلتها الصغيرة التي تذكّرها دائما بوالدها "الجِلْدة" بعكس شقيقاتها اللاتي أخذن صفاتهن الوراثية والجمالية منها بينما كان نصيب مي أن ترث جمالها من والدها. وهكذا نشأت مي في كنف أم تتنكر لها وأب يقسو عليها وكأنها كرة من المطاط ينفس فيها عن غضبه مع كل ضربة.. أما شقيقاتها الجميلات فقد كن في حماية أمهن وإذا كانت البداية مرة.. فإن الأحداث التالية أشد مرارة: تقول "الابنة الغلطة": لست دميمة بالصورة التي تتخيلها أمي والتي كانت تدفعها للسخرية مني بدليل أنني تزوجت في سن صغيرة بينما شقيقاتي الحسناوات عزباوات كل ما هنالك أن لون بشرتي قمحي بينما أمي بيضاء شاهق وكذلك شقيقاتي اللاتي طلعن لها. لكن اللون ليس كل شيء فليس كل ما يلمع ذهباً فقد حباني الله ب "خفة ظل" ودماثة خلق وحياء وكذلك جمال داخلي يعطي الروح فرحها وسكينتها ويجعل كل من يلتقيني.. يرتاح لي. تضيف: لم أكن "عقدة الست ماما" كما كانت تصور ذلك.. كنت فقط أذكرها بوالدي الذي تزوجته بدون حب طمعا في ثرائه فإذا به من النوع الذي "يوديك البحر ويرجعك عطشان".. كانت أمي علي قدر كبير من الجمال بينما كان أبي علي خصومة مع الوسامة والهندام.. لكنه "تاجر شاطر". وهكذا التقي النقيضان في زواج مصلحة.. حصل فيه التاجر الشاطر علي حصته بالكامل بينما لم "تتمرمغ" أمي في النعيم كما كانت تخطط فأبي يري أن ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا وكنت أنا من يدفع الثمن ويعاملاني بغلظة كما يتم معاملة أبناء "البطة السوداء". ليل امرئ القيس ذات مساء تملكت أبي موجة من الغضب العارم بسبب وصلة سباب وجهتها له أمي ولأنه لا يستطيع أن يسيء الأدب مع الآخرين فقد صب جام غضبه عليّ.. اندفع نحوي كالثور الهائج وأخذ يكيل لي من السباب أقذره ويحطم فوق رأسه كل ما تصل إليه يداه ولم يتوقف إلا بعد أن شعر أنه انتصر لنفسه ولكرامته التي "مرمطت" بها أمي الأرض. كانت حجته أنني سكبت الشاي علي أوراق مهمة ونسي أنني الوحيدة التي اخدمه بينما كل من في البيت لا يسمعون له أمرا ويعملون "ودن من طين وودن من عجين". كانت ليلة ليلاء لم يطلع لها نهار وكأنها سرمدية أو كأن نجومها "بكل مُغار الفَتلِ شُدّتْ بيَذْبُلِ" كما قال الشاعر الفارس أمريء القيس. تقهقرت داخل نفسي ولأول مرة رأيت نظرات الشفقة والأسي في أعين أمي وشقيقاتي فقد كانت الإهانات التي لحقت بي كبيرة جدا وفوق القدرة علي الاحتمال لكنني صمدت وكانت نظرات الاحترام التي أشاهدها في عيون الناس خارج بيت "العائلة المسمومة" تعزيني. المعجزة وحدثت المعجزة التي كان لها وقع الصدمة علي العائلة وقلبت مقاييس الجمال في نظرهم رأسا علي عقب فقد طرق بابي عريس متريش.. اختارني وأنا الصغري عن دون شقيقاتي الحسناوات بينما كانت كل توقعاتهم أنني سأصبح مثل "البيت الوقف" لكنهم لا يعرفون أن الجمال بلا فضيلة كالزهرة بلا أريج " .وأن جمال دون عقل كزهرة في الوحل. كانت فترة خطوبتي عسيرة ولولا أن خطيبي كان يواسيني لركبتني الأمراض النفسية فقد جهزوا شقتي بجهاز "عرَّة" رغم أن والدي ميسور لكنني كنت متعجلة في الهروب من البيت الذي لا أحمل فيه إلا كل ذكري أليمة وساعدني التفاهم مع خطيبي في تجاوز أي عقبات حتي تم الزفاف. لكن أمي استكثرت عليّ الراحة فبدأت تتدخل في حياتي ووصل بها الأمر أنها أهانت زوجي ووصفته بأنه "وضيع" وأنه تزوجني طمعا في ثروة أبي ولم تتركه إلا بعد أن انفجر في وجهها وقال: خذي ابنتك معك.. سأطلقها. كان الموقف عصيبا.. فكرت أن أتركه حتي يهدأ وأعود له يوم أو يومين لكنه في ثورة غضبه لكرامته التي أهدرتها أمي علي الأرض.. طلقني رسميا!! *** أرسلت له الأصدقاء لكي يصلحوا بيننا ووعدته بأنني سأنسي عائلتي التي كان كل نصيبي منها العذاب وأنه أصبح كل دنياي خاصة أن ثمرة الزواج بدأت تتحرك في أحشائي.. قلت له أنني سأصبح مثل الجدار العازل بينه وبين حماته أمي ونجحت جهود أهل الاصلاح وأعادني إلي عصمته.. ولكن: هل رأيتم أب وأم.. بمثل هذه القسوة والجحود.. والحقارة؟! عابد الشيطان كان زواج "صباح" تقليديا فهي فتاة ريفية من أسرة بسيطة وتعليمها متوسط ولا هي من بنات المجتمعات الراقية التي ترتاد النوادي وتختار عريسها بنفسها. كان العريس مثلها ليس له وظيفة "ميري" ولا أحد يعرف ماذا يعمل بالضبط فهو "يقلب" رزقه والسلام. * قالت صباح لأبيها: لكن العريس ليس موظفا وليس له دخل ثابت ومعروف؟ رد : يعني "شايفة" طوابير العرسان واقفة ع الباب.. المهم ان عنده شقة بالايجار في القاهرة ويستطيع أن يفتح بيت. * قالت: لكن شكله مدردح وبيلعب بالبيضة والحجر. رد: هي الدردحة بقت عيب اليومين دول.. لا تنسي أنه عايش في مصر يقصد القاهرة يعني لف الدنيا وتعلم منها كيف يجيب القرش من الهوا. لكن الحقيقة أن العريس لم يكن يحصل علي دخله من الهوا ولكن من العمل مع "الشياطين".. ليس شياطين الإنس فقط بل وشياطين الجن والعفاريت أيضا. فلماذا تزوج صباح الغلبانة وهل تأقلمت الفتاة الريفية مع سكان العالم السفلي؟ إلي التفاصيل : أنهت صباح تعليمها المتوسط وجلست في البيت في انتظار العريس كفتاة.. لم تكن تخلو من مسحة جمال لكن ظروف أسرتها الفقيرة لم تكن تشجع العرسان علي طرق بابها فمن المعروف أن والدها لن يقدم الكثير للمساعدة في تكاليف الزواج. لكنها لم تنتظر طويلا فقد جاءها عريس ابن قرية مجاورة لقريتها ويقيم في القاهرة كان العريس يطلب عروسا بمواصفات معينة أهمها أن تكون جميلة ومنكسرة فقد عرف بنات "مدردحات" لكن الرجل الشرقي عندما يريد أن ينشيء أسرة فإنه يختار فتاة يكون هو الرجل الأول والأخير في حياتها. بالضبط .. هذا ما قاله لها عندما سألته: لماذا تركت بنات مصر وجئت تبحث عن فتاة من الريف. بنات مصر * سألته: انت بتشتغل في إيه؟ قال: في كل حاجة واستطرد: ما تخافيش .. انا بكسب في اليوم قد مرتب الموظف في شهر. * سألته مرة أخري.. لكن هذه المرة بدافع من الانبهار وحب استطلاع: ازاي؟ اعتدل في جلسته.. ارتسمت علي وجهه ابتسامة الفوز: لم يعد تفكير الناس زي زمان.. الناس نسيت المثل اللي كان بيقول: ان فاتك الميري تمرمغ في ترابه. استطرد: أنا مثلا أعمل مع شخص كبير أخلص له أوراقه ومصالحه ويمنحني مقابل ذلك فلوس بالهبل. الناس دي الفلوس عندها بالكوم. حبل الكذب .. قصير انتقلت صباح بعد الزفاف للإقامة في القاهرة.. كانت الشقة متواضعة وفي منطقة عشوائية لكنها كانت بالنسبة لها قصرا ونقلة نوعية كبيرة وكانت أيضا عند حسن ظن زوجها لا تسأله رحت فين وجيت منين؟ كان زوجها الشاب ينام غالبية النهار ويخرج للعمل مع المجهول ويعود بعد منتصف الليل يحمل أكياس الفاكهة تارة والكباب والكفتة تارة أخري .. المهم انه لم يكن يعمل للفلوس أيّ حساب وما يحصل عليه باليمين ينفقه بالشمال. لم يكن للزوجة "المنكَسِرة" أن تتدخل في شئونه لكنها لاحظت أنه يأتي معه بزجاجات الخمر ويتناوله في البيت!! كان الأمر بالنسبة لها صدمة كبيرة وكما فشلت في تقبل هذا الأمر فقد فشلت أيضا في تغييره برغم المجادلات والمشاحنات وأيضاً المشاجرات فهي تعرف أن الخمر "أم الكبائر" ومن يجالس شارب الحمر آثم وأن الشر قليله كثير لكن كانت تلك هي البداية فكما يقولون: حبل الكذب قصير وها هي البكرة بدأت تىكّر. الغرفة المظلمة تغيرت أحوال الزوج لم يعد يذهب لما يقول عنه الشغل كثيراً وبدأ يستقبل ضيوفاً غرباء بينهم سيدات ويختلي بهن في غرفة يغلقها دائما سواء أكان في البيت.. أو خارجه. لم يكن كشف هذا اللغز يحتاج إلي تحريات فزوجها يعمل مساعدا لدجال مخضرم "شرب" منه الصنعة وبدأ يسحب بعض الزبائن لحسابه الخاص والغرفة المظلمة المعبقة بدخان البخور يمارس فيها ما يزعم أنه السحر الأسود أخطر أنواع السحر السفلي لعمل الأحجبة والكيد للمنافسين والتفريق بين المحبين. ولم يكن الأمر يخلو أحيانا من الاحتيال علي النساء لممارسة العلاقة المحرمة معهن بعد تخديرهن جزئيا ثم ابتزازهن بزعم إرضاء الأسياد من مردة الجن والشياطين. *** حملت صباح ملابسها وعادت إلي أسرتها فهي لن تكون زوجة لرجل اجتمعت فيه كل الرذائل: ساحر وشارب خمر وزان واقامت دعوي خلع. *** * قالوا لها: كنت اصبري وحاولي تغيريه.. هتلاقي فين عريس "كسِّيب" تاني؟ ردت : رجل بلا مال .. خير من رجل بلا شرف. الحب الملعون لم تعرف "حبيبة" الحب الحقيقي قبل أن تلتحق بالجامعة لذلك كانت قليلة الخبرة عندما التقت زميلها "المحترف حب" فتلاعب بها كما يتلاعب الحريف بالكرة الشراب. لكن المقدمات الخاطئة نتائجها أيضا خاطئة .قدمت له نفسها ك "لحم رخيص" فانتهك روحها ولما اكتفي لاذ بالهرب "كحمر مستنفرة فرت من قسورة" فكيف خرجت الفتاة البائسة .. من هذه الورطة؟ *** حبيبة تقول : تعرفت علي زميل في الجامعة معروف بعلاقاته العاطفية المتعددة فتحت له الباب فقد كنت معجبة وانتظرت اليوم الذي يعترف لي فيه أنه أيضا معجب وتحققت الأمنية بأسرع مما كنت أحلم فقد دلف بسرعة إلي قلبي من الباب المفتوح وتبادلنا الاعترافات بالحب. لكن الأفراح عمرها قصير.. صارحني بأنه عاد لفتاته التي لم يستطع أن يخلع شجرة حبها المغروزة في سوداء قلبه.. تقبلت الأمر وانسحبت مرغمة وقلت سأنساه خاصة أننا تخرجنا في الجامعة وذهب كل واحد في طريق. لكن لحسن حظي أو هكذا كنت أظن تعرض صديقي لأزمة كبيرة نظر حوله فلم يجد سواي جاهزاً للمساعدة لأنني باختصار: صاحبة الحب الحقيقي .. فسامحته علي الفور وقدمت له الدعم. بدافع من الحب الذي مازالت جمرته مشتعلة في فؤادي . عادت علاقتنا أقوي من الأول.. اعترفت له بحبي قال إنه "بيموت فيّ" .. لكنه في الواقع كان يعشق جسدي وقرر أن يفوز به من غير انتظار.. البداية كانت كلام "جريء" يخدش حياء العذاري.. حاولت رفض هذا الأسلوب في التعامل فغضب مني وقال ان "طبعه كده" ولن يتغير ويجب أن أقبله كما هو وإلا أنا من سكة.. وهو من سكة تانية وهددني بقطع العلاقة. حل وسط قلت لنفسي: خلاص.. سأقبله علي حاله وكحل وسط سأتركه يريح نفسه بالكلام حتي لا أخسره وبعدين هو يعني الكلام عليه جمرك؟ لكنني لم أدرك أنها البداية فقط وأنني مشيت في "سكة التنازلات" واحدة .. واحدة فقد استجبت لإلحاحه بالذهاب معه إلي مكان هاديء يكون فيه المحبون علي راحتهم وهناك قدمت تنازلاً جديدا بعد ضغوطه الشديدة واتهامه لي بأنني "مابحبهوش".. فتركته يحبني بطريقته لأثبت له أنني أيضا أحبه لولا أن ذلك حرام. تابعت حبيبة بعد لقاء الحب العاصف توقف حبيبي عن الرد علي مكالماتي مما زاد من حيرتي فأنا أعطيته ما أراد في حدود أننا في "الركن البعيد الهادئ" فماذا كان ينتظر ثم لماذا يغضب مني؟ تملكتني مشاعر غاضبة ووجهت اللوم لنفسي فلو لم أستجب له وأروي ظمأه للعشق لظلت جمرة الحب مشتعلة في قلبه وقررت أن أقطع صلتي به تحت شعار "هو أنا معنديش كرامة"؟ لا كرامة في الحب برغم قرار المقاطعة الذي اتخذته من طرف واحد أسرعت بالرد علي مكالمته من أول رنة عملت نفسي زعلانة وقلت له بدلال: لأ.. أنا مخاصماك! رد وهو يضحك : ليه؟ قلت له ما كان يدور في خلدي: لأنك لم ترد علي مكالماتي.. هو أنا معنديش كرامة؟ قال: طبعا لا.... أخرجني من الصدمة مستطردا: ولا أنا.. يا عبيطة ف "لا كرامة في الحب ولا في الحرب".. كما قال هتلر. شعرت بالراحة الشديدة وكأنه "دلق" عليّ جردل ماء في يوم شديد الحرارة. فقد أخرجني من حالة لوم النفس التي كانت تخنقني وأصبحت علاقتنا "سداح مداح" فقد ذهبت إلي شقته بعدما أصبحت ملكه وهو كان يريدني روحا وجسدا باسم الحب والوعد بالزواج وكان المهم عندي أنه لم ينتهك عذريتي. تكمل: أنا لا أبرر لنفسي فتلك العلاقة المشينة كادت أن تدفعني للجنون فليس لها اسم آخر إلا الزنا وليس كلمة الحب إلا ك "ورق سوليفان براق" لتغطية الرذيلة. في لحظة.. شعرت بالتقزز من هذه العلاقة.. أدركت أنه لو كان يحبني لطلبني للزواج فورا خاصة أنه يمتلك شقة لكنه اختار الأسهل والأرخص.. ويطفيء "نار الرغبة" باسم الحب وأي حب.. انه "الحب الملعون". قلت له: كفاية.. إحنا مش جهلة ولا عيال صغار.. قال: نخليها بالحلال.. سأتزوجك عرفيا لتكون لقاءاتنا شرعية حتي تأتي الفرصة ونعلن حبنا للناس. وافقت.. قلت مرة أخري: حل وسط وتم الزواج الشفوي في وجود 2 شهود من أصدقائه وأصبحت كما قال "زوجته".. وانتهت حجتي في التمسك ب "العذرية". حاجة غلط لكنه لم يكن صادقا.. طرق بابي العديد من العرسان كنت أرفض فأنا متزوجة بالفعل تعرضت لضغوط شديدة من الأسرة فقد باتت حكايتي مقلقة وفيها حاجة غلط.. دعوته أن ينقذني ويتقدم لخطبتي.. قال: ما أقدرش وطلقني "شفويا" كما تزوجني "شفويا" ولم يتركني معلقة فقد كان كريما معي كما قال . خسرت كل شيء والأهم سمعتي.. وكان لزاما عليّ رفع دعوي اثبات الزواج العرفي وإلا كيف سأكتب في قسيمة الزواج إذا كان لي فيه نصيب عبارة : البكر الرشيد؟. *** أنهت قضيتها قائلة: تصادق مع الذئاب.. علي أن يكون فأسك مستعدا. لكنها ليست بريئة تماما.. فالحقيقة أنه: إذا خانك الشخص مرّة فهذا ذنبه أما إذا خانك مرتين فهذا ذنبك أنت.