بصفتها الدولة الديمقراطية الصناعية الوحيدة التي أغلقت حدودها في وجه المهاجرين من العمال منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. يُنظر إلي اليابان كعدو للهجرة.. فرغم الزيادة السريعة في عدد المواطنين من أصول غير يابانية من 850 ألفا في عام 1985 إلي 2.6 مليون تقريبًا في عام 2017. ما يزال المغتربون يشكلون نسبة أقل من 2% من إجمالي السكان. مقارنة بنسبتهم في غرب أوروبا حيث تتراوح ما بين 8% و25% لكن ارتفاع معدل الشيخوخة في الشعب الياباني أوجد طلبًا علي العمالة الأجنبية خاصة في الإنشاءات والتعدين والرعاية المنزلية والمطاعم والفنادق. في يوليو الماضي قالت الغرفة التجارية والصناعية في اليابان إن نحو 65% من أعضائها من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة يجدون صعوبة في البحث عن العمالة رغم زيادة الأجور ولمواجهة هذا النقص. اعتمدت إدارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الانفتاح علي العمالة الأجنبية. منذ عام 2015 وسعت وزارة الهجرة اليابانية عدد عمال الإنشاء وإطالة مدة إقامتهم استعدادًا لأولمبياد 2020 المقرر إقامتها في العاصمة طوكيو. كما أعلنت إدارة "آبي" في مايو الماضي نيتها قبول عمالة إضافية بحد أقصي 500 ألف عامل في مجالات الزراعة والإنشاء والتمريض وبناء السفن وحتي عام 2025 يذكر أنه في الستينيات من القرن الماضي. واجهت اليابان مشكلة مماثلة في بداية عصر الصناعة الحديثة. لكنها بدلاً من أن تستقدم العمال الأجانب مثل أمريكا الشمالية وأوروبا. لجأ المسئولون والشركات في اليابان إلي استبدال الآلة بالإنسان ونقل خطوط الإنتاج إلي الخارج والبحث عن قوي عاملة محلية بديلة مثل النساء والطلاب وكبار السن وأهل الريف. وتكررت الأزمة مرة أخري في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي. حيث واجهت اليابان المشكلة ذاتها. لكن في هذه المرة استنفدت اليابان عمالتها المحلية. كما أن زيادة أسعار الأراضي في المدن أجبرت العمال علي مغادرتها. وواجهت الحكومة اليابانية تلك المشكلة بتعديل قانون مراقبة الهجرة والاعتراف باللاجئين حيث أتاحت ثغرتين قانونيتين لأصحاب الأعمال استقدموا من خلالهما عددا صغيرا من العمالة الماهرة أغلبها من الغرب من أبناء المهاجرين اليابانيين هناك! ويصف الباحثان في شئون الهجرة جيمز هوليفيلد ومايكل أورلاندو اليابان بدولة الهجرة الصاعدة التي تضع سياسة الهجرة بناءً علي حاجاتها المتزايدة إلي العمال. ويوضح العالمان أن اليابان مترددة في وضع خريطة طريق واضحة لمستقبل استقدام الوافدين. وفي الوقت نفسه تحاول الرقص علي السلالم بوضع برامج مؤقتة لاستجلاب العمالة الأجنبية مع صعوبة حصولهم علي الإقامة أو تجديدها أو منحهم الجنسية اليابانية. ويقول خبراء إن هذه التغييرات التي تجريها طوكيو بشأن المهاجرين. لا سيما في الوقت الذي تتبني فيه الدول الديمقراطية الغربية سياسات هجرة أكثر شدة. قد تضع اليابان في مصاف دول المهجر. فيما يعارض آخرون ذلك ويعدونه أملا زائفًا ويحتجون في ذلك بتأكيد الخطاب الياباني الرسمي أهمية الوحدة العرقية. حتي أن النقاشات العامة تحذر من خطر التعدد العرقي علي الاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني. ويتوقع خبراء أن تتجه اليابان إلي تبني نظام يفتقر إلي الحرية يعامل المهاجرين الأجانب كمواطنين درجة ثانية منتقصي الحقوق وبخاصة العمالة غير الماهرة. ويُصعب الأمر كون اليابان تعاني من البيروقراطية الحكومية الصارمة وضعف النشاط الحقوقي والأداء الانتخابي وهي عوامل قد توفر بعض الحماية للعمال من غير مواطني البلد.