أول من شق قناة لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر المصريون القدماء في عهد سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة عام 1874 ق. م ثم أهملت وأعيد افتتاحها عدة مرات بعدة أسماء أبرزها قناة سيتي الأول عام 1310ق.م وقناة دارا الأول عام 510ق.م ثم قناة بطليموس الثاني عام 285 ق. م والرومان في عهد الأمبراطور تراجان عام 117 وأمير المؤمنين عام 640 بعد الفتح الإسلامي لمصر علي يد عمرو بن العاص وظلت 150 عاما حتي أمر الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور بردم القناة التي كانت تصل بين الفسطاط والسويس وسدها من ناحية السويس تجنبا لأي امدادات مصر للثائرين ضد الحكم العباسي فأغلق الطريق البحري إلي الهند وبلاد الشرق وأصبحت البضائع تنقل عبر الصحراء بواسطة القوافل وظلت مغلقة حتي عام 1820. وعندما اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح في بداية القرن السادس عشر الميلادي تغيرت معه حركة التجارة العالمية وتضرر اقتصاد مصر المملوكية والبندقية ونابولي وجنوة بشكل بالغ فما كان من امراء البندقية الا ان وفدوا علي مصر عام 1501 ليعرضوا علي السلطان الغوري فكرة الاستغناء عن طرق القوافل واستبدالها بالنقل عبر النيل بحفر قناة تصل بين البحرين الأحمر والأبيض الا ان ظروف مصر وصراعها مع العثمانيين والذي انتهي باحتلالهم للقاهرة سنة 1517 لم يسمح بانشاء مشروع بهذا الحجم ومات المشروع حتي اقترحه الفيلسوف الألماني الشهير لايبتيز علي الملك لويس الرابع عشر في اطار مشروع شامل لغزو مصر ولكن الملك لويس لم يرد اغضاب الباب العالي في الاستانة من ناحية ولأن أحلامه التوسعية كانت في أوروبا من ناحية أخري. وعندما قامت الثورة الفرنسية دخلت في صراعات مسلحة دموية مع ممالك أوروبا واستطاعت الانتصار عليها الامملكة واحدة وهي انجلترا وأرادت فرنسا قطع طريق المستعمرات البريطانية في الهند باحتلال مصر فكانت الحملة الفرنسية علي مصر سنة 1798 فأعطت حكومة "الديركتوار" التي كانت تحكم فرنسا أمرا مباشرا لنابليون بونابرت بالقيام بحملة لحفر قناة تربط بين البحرين ولذا كانت تسمي قناة البحرين فخرج نابليون من القاهرة ومعه مجموعة من المهندسين يرأسهم مهندس يدعي لوبير لمعاينة الموقع هندسيا عند السويس والبدء في الحفر الا ان لوبير أقنع نابليون بالعدول عن المشروع لانه اكتشف ان مستوي البحر الأحمر أعلي من مستوي البحر الأبيض مما سيتسبب في غرق مصر كلها ليتم حفرها في عهد اسماعيل بأيدي الفلاحين المصريين وهنا يقول الدكتور محمد عفيفي رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة القاهرة قناة السويس كانت من من أكبر مشروعات الطرق والمواصلات العالمية وهي نقطة تحول في تاريخ العالم قربت الشرق بالغرب بدلا من الدوران حول طريق رأس الرجاء الصالح ونشطت حركة التجارة العالمية وقربت الثقافات الغربيةوالشرقية وأثرت في تاريخ مصر حتي ان المؤرخين قالوا من أراد الكتابة عن تاريخ مصر فليكتب عن تاريخ قناة السويس فالاحتلال البريطاني بدأ من خلال قناة السويس ثم حرب 56 ثم 67 حرب الاستنزاف ثم حرب 73 والتحولات الكبري التي حدثت في مصر وعصر الانفتاح الاقتصادي وكل هذا أثر في تاريخ مصر مشيرا الي ان تاريخ قناة السويس يبدأ بعد ان تولي المشروع مجموعة من المهندسين وحصلوا علي إذن نابليون بالذهاب الي الموقع من جديد وتبين لهم ان البحرين مستويان وان مهندس نابليون أخطأ الحساب والتقدير وتم حفر القناة بسواعد مليون فلاح مصري ممن أجبروا علي ترك حقولهم وقراهم ليشقوا الصحراء ويبنوا قناة السويس ذلك الممر المائي الاصطناعي ازدواجي المرور في مصر والتي يبلغ طولها 193 كم وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وتنقسم طوليا الي قسمين شمال وجنوب البحيرات المرة وعرضيا الي ممرين في أغلب أجزائها لتسمح بعبور السفن في اتجاهين في نفس الوقت بين كل من أوروبا وأسيا وتعتبر أسرع ممر يجري بين القارتين وتوفر ما يقرب من 15 يوما في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح وقد تحولت الفكرة لحقيقة في عام 1854 حين استطاع ديليسبس اقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل علي موافقة الباب العالي فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة ديليسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاما وتم افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة. ويري الدكتور محمد عفيفي ان فكرة انشاء قناة سويس جديدة كانت من أجل التطوير ومواكبة التوسع والتقدم في حجم التجارة العالمية خاصة بعد التطور في صناعة السفن الضخمة التي أصبحت لا تتمكن من دخول القناة القديمة بسبب ضيق مساحتها واختصارا للمسافة التي تستغرقها السفن في الوصول إلي الموانئ علي قناة السويس القديمة. ويتحدث الدكتور حاتم القرنشاوي أستاذ الاقتصاد المتفرغ بجامعة الأزهر عن عمليات التوسعة الازدواجية الخاضعة للدراسات الاقتصادية وتطورات الملاحة العالمية والطرق البديلة خاصة ان السفن في الوقت الحالي حينما تمر من قناة السويس تدفع رسوما ونظرا للتكدس بسبب زيادة السفن تضطر للدوران حول رأس الرجاء الصالح مرة أخري حتي يسمح لها بالمرور وبالتالي انشاء قناة السويس الجديدة من أجل اختصار الوقت الذي تستغرقه حركة التجارة العالمية وهو مبني علي دراسات اقتصادية وتاريخية من مركز الدراسات الاقتصادية الخاص بهيئة قناة السويس. الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والقانونية ان توسعة قناة السويس وانشاء قناة جديدة يعمل علي محاور أبرزها المحور السياسي فهي ضربة قاضية للاتفاقيات السياسية التي تمت من خلال كامب ديفيد والتوجهات السياسية لحماية الأمن القومي الاسرائيلي أما المحور الاقتصادي فالقناة الجديدة ربطت الضفة الشرقية بالضفة الغربية من خلال انفاق وكباري تسهل عملية الوصول ونقل المعدات الثقيلة والمعدات والأسلحة العسكرية لحماية سيناء من أي اعتداء خاصة وان القناة الجديدة انشئت في المنطقة التي وجد بها خط بارليف والذي كان الجانب الاسرائيلي قد أرساه لحمايتها اما الجانب الاجتماعي فهو تحريك للنمو السكاني لتنمية المنطقة وهو انتصار حقيقي للشعب المصري حينما التف حول قيادته وبالتالي أصبح الشعب حائط صد لحماية أراضيه.