عندما يذكر اسم محافظة الشرقية يتبادر إلي الذهن مباشرة الصفة التي التصقت بأهلها وهي الكرم مرتبطة بقصة تتناقلها الأجيال منذ أكثر من مائة عام ففي مثل هذه الأيام من شهر رمضان المبارك تعطل قطار الشرق السريع أمام قرية أكياد بمركز فاقوس وكان خذ هذا القطار يمتد من القاهرة إلي العريش ثم القدس ودمشق حتي اسطنبول عاصمة الامبراطورية العثمانية ومنها إلي باقي دول القارة الأوروبية وكان من ركاب القطار تجار من الشوام والأتراك وأجانب من الأقطار المختلفة وبعد عودتهم لبلادهم تحدثوا عن كرم أهل القرية فذاع صيتها في الآفاق حتي إن بلاد الشام عندما تضرب المثل في الكرم فيقال "أكرم من أكيادي". يقول حمدي كسكين وكيل وزارة بالتربية والتعليم في أحد أيام رمضان عام 1917 كان قطار الشرق السريع يمر من أمام قريتنا متجهاً للعريش لمحركاته وفجأة تعطل القطار الدولي قبل الإفطار بوقت قصير وكان الوقت صيفاً والحر شديداً وأعداد المسافرين غفيرة وقد ظهرت علي وجوههم معاناة السفر وتصبب عرقهم من الحر الشديد فتكاتفت عائلات أكياد علي ضرورة إفطار جميع ركاب القطار. فتم رش المكان بالماء لتلطيف درجة الحرارة وفرش محطة القطار بالكامل بالحصير والمساند وفتحت البيوت القرية لقضاء الركاب المسافرين حاجتهم والوضوء والاستحمام وتم توزيع البقية علي المساجد القريبة من المحطة وفتحت المضايف الخاصة بكل عائلات القرية ومع أذان المغرب تناول الأهالي مع الضيوف طعام الإفطار في أكبر إفطار جماعي شهدته أكياد في ذلك الوقت في جو رمضاني بهيج وتعالي السمر وتبادلت الضحكات وعبارات الشكر والمديح من الركاب وأهالي القرية بل تم تزويد المسافرين بطعام السحور وكان من بين ركاب القطار بعض التجار الأتراك والشوام وبعض الركاب الاجريج يعني اليونانيين بلغة أجدادنا في أكياد وتناقل جميع المسافرين ما حدث معهم في كرم في أكياد عند العود لبلادهم وبخاصة التجار الشوام ولذلك يضرب المثل في الكرم ببلاد الشام فيقال "أكرم من أكيادي" ومن هنا انتشر صيت الشراقوة وشهرتهم في الكرم فقالوا الشراقوة عزموا القطر. يضيف كسكين كان في رحلة القطار المعطل أحد كبار موظفي ا لخاصة الملكية ومسئول مقرب من السلطان العثماني فنقلا ما حدث للملك والسلطان لذلك أرسل الملك مندوباً يشكر أهل القرية كما منح الباب العالي بتركيا عمدة أكياد لقب الباشوية وذلك تقديراً لأهل القرية علي كرمهم وحسن معاملة واستقبال ركاب القطار. يضيف محمد عرابي تكرر الأمر في العشر الأواخر من شهر رمضان عام 1968 حيث تعطل القطار قبل أذان المغرب بساعة وفشلت محاولات إصلاحه مما اضطر ركابه للنزول وافتراش المناطق المحيطة بالمحطة فخرج الأهالي يحملون الصواني والطلبات وعزموا ركاب القطار علي الإفطار وبعضهم استضاف الأسر التي لديها أطفال داخل منازلهم لحين إصلاح الأعطال وعام 1967 حينما كان الجيش مهزوماً كان أهل القرية يقومون باطعام العساكر عند عودتهم علي الطريق العام وأثناء حرب الاستنزاف وقبل نصر أكتوبر كنا عندما نشاهد قطارا حربيا يحمل جنود الجيش نسارع لمنازلنا لاحضار المأكولات والمياه لهم ومن هنا اطلق علي أهالي الشرقية لقب "أهل الكرم". أما محمد السيد- مدرس- فيقول البعض يتندر بهذه الواقعة علي أهالي الشرقية ويصفهم بالسذاجة والغفلة ولكن نحن نفتخر بها ونذكر أنها تكررت ثلاث مرات بعد 1917 في الثلاثينيات ونهاية الستينيات والأخيرة منذ عامين وحالياً عندما يمر القطار بالقرية وقت الإفطار يتسابق الأهالي لتقديم التمر والعصائر والماء المثلج للركاب فنحن تربطنا عادات وتقاليد لا يمكن الاستغناء عنها وصفة الكرم معروفة عن الشراقوة.