ونكتب عن العاشر من رمضان.. عن ذكريات المجد والفخار للمقاتل المصري.. ولشعب مصر كله. نكتب عن اليوم الذي اندفع فيه الجيش المصري في نهار شهر رمضان شهر الخير والبركة في ملحمة رائعة لعبور قناة السويس أكبر مانع مائي في العالم لاستعادة الأرض والكرامة. ففي العاشر من رمضان 1393ه الموافق السادس من أكتوبر 1973م فإن رجالات مصر في جيشها العظيم كانوا علي العهد في التضحية والاستشهاد من أجل الوطن وانطلقوا يزلزلون الأرض بحثاً عن الموت من أجل الكرامة واستعادة الأرض المحتلة. وعندما أصدر محمد أنور السادات الرئيس التاريخي لمصر قرار العبور والحرب فإن حناجر الرجال التي رددت الله أكبر علي ضفة القناة كانت كفيلة بتحقيق النصر لأنها عكست روح الرجال وإيمانهم ويقينهم بأن الله معهم وأن الحرب في رمضان هي حرب مقدسة للاستشهاد في سبيل الله والوطن. وكان أنور السادات علي ثقة من أن اختياره لشهر رمضان لبدء حرب التحرير سيكون دافعاً للرجال ووقوداً للحماس والرغبة في الانتصار. ہہہ وكان الرجال علي الوعد.. فالرجال الذين ظلوا منذ نكسة يونيه 1967 يبحثون وينتظرون قرار الحرب قضوا سنوات طويلة في التدريب والاستعداد وأصبحوا علي ثقة من قدراتهم وإمكانياتهم في دخول المواجهة والانتصار. وحسم العامل المعنوي الحرب قبل أن تبدأ. فجيش مصر العظيم خاض الحرب بروح معنوية وبدافع ديني مرتفع. وبرجالات يستعذبون الموت فكتبت لهم الحياة والانتصار. وعندما عبر الرجال قناة السويس في وضح النهار في قواربهم المطاطية في مفاجأة أذهلت العالم فإنهم كانوا علي ثقة من أن الملائكة تحلق فوقهم تقدم لهم الحماية والدعم وأن الجنة في انتظارهم. وكانت هذه الثقة والروح الإيمانية العميقة والرغبة في الاستشهاد هي عوامل التفوق علي الجندي الإسرائيلي الذي لم يكن مستعداً للمواجهات المباشرة والذي تفوق في نكسة 1967 بسلاح الجو ولم تكن هناك معركة أو مواجهات. ہہہ وحين نكتب اليوم للتذكير بالعاشر من رمضان فإننا نكتب للأجيال الجديدة التي لا تعرف الكثير عن بطولات وتضحيات أجيال سابقة حافظت علي هذا الوطن وكيانه وأقسمت العهد علي ألا تفرط في ذرة من ترابه. وحين نكتب عن بطولات الرجال فإننا لا ننسي أن هناك رجالاً يكتبون سطوراً مضيئة في تاريخ جيش مصر العظيم عندما يخوضون اليوم واحدة من أهم معارك مصر الحديثة متمثلة في الحرب علي الإرهاب في سيناء وفي التصدي لكل مخاطر ومخططات هدم الدولة وتهديدها من خارجها وداخلها. إننا نعيش مع الرجال في سيناء بكل عقولنا ومشاعرنا نراقب ونتابع ونقدر حجم عطائهم وتضحياتهم ونقف معهم داعمين ومساندين ندعو لهم بالسلامة والانتصار ولشهدائنا الأبرار بالجنة ولشعب مصر بالأمن والأمان والاستقرار. ہہہ وأقوي ما في مصر هو أن الحياة تسير والقافلة تمضي في طريقها متخطية أي صعاب ومتجاوزة لأي أزمة. وشعبها العظيم انتصر علي الإرهاب ولم يمنحه الفرصة لكي يوقف عجلة الحياة. الشعب تعامل مع الإرهاب علي أن مثل حوادث المرور.. نأسف لها. ونبكي علي من راح ثم ننطلق في طريقنا من جديد. ولأن الشعب لم يتوقف كثيراً أمام العمليات الإرهابية ولم ينتابه الخوف والذعر فإن الإرهاب فقد قيمته وتأثيره ولم تعد عملياته مجدية أو تأثيره فعالاً. وهذه القوة الهائلة في مكونات الشعب المصري هي التي منحت هذا الشعب نوعاً من التميز والقدرة علي تجاوز أعنف الأزمات.. نحن شعب لا يعرف الخوف.. ولا اليأس.. والأمل دائماً مصدر قوته.. والصبر سر صموده وحكمته. ہہہ وأخيراً.. مصر كلها اليوم مع محمد صلاح.. وسوف تمتلئ مقاهي مصر من أسوان إلي القاهرة بآلاف من المصريين الذين سيتابعون صلاح مع فريقه ليفربول ضد الريال مدريد.. مصر أحبت صلاح وتفرح له.. وحتي الكرة أحبت صلاح وتذهب إليه ليسجل أهدافاً بها.. وصلاح ظاهرة كروية تؤكد أن التوفيق من عند الله.. وأن المولي عز وجل إذا أحب عبداً منحه كل شيء بلا حساب.. وأن تحصل علي حب الله فهذا هو الجهاد الأعظم.