إذا قرأنا التاريخ القديم والحديث بتمعن وفهم ووعي وروية نجد أن مصر الدولة الوحيدة في العالم التي تكالب عليها الأعداء من الشرق والغرب طمعاً في موقعها الاستراتيجي الفريد. وخيراتها الوافرة الوفيرة التي أنعم الله سبحانه عليها بها. لأنها "مصر فجر الحضارة والضمير الإنساني" كما وصفها عالم الآثار "جيمس برستيد" في كت ابه عنها "فجر الضمير" وهي "قلب العالم" بتعبير الإسكندر الأكبر. وهي مصر "أهم بلد في العالم من يتحكم فيها يتحكم في العالم" كما قال نابليون بونابرت. مصر هي "قلب العالم العربي" ومركز العالم الاسلامي وحجر الزاوية في العالم الافريقي كما ذكر المفكر د. جمال حمدان في موسوعته "شخصية مصر.. عبقرية المكان" وعن مكانتها لا ننسي ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق "ايزنهاور" طمعاً فيها في منتصف القرن الماضي "إن منطقة الشرق الاوسط مثل الزرافة. ورأسها مصر. ومن يتحكم في مصر يتحكم في منطقة الشرق الأوسط". ولهذا لا ننسي لماذا أنشأ الغرب الكيان الصهيوني في عام 1948 في فلسطين العربية؟ انه بهدف رئيس هو تهديد مصر واضعافها و بالتالي اضعاف العرب. ولا ننسي الاعتداء علي مصر بعدوان ثلاثي في عام 1956 قامت به بريطانيا وفرنسا واسرائيل. ثم ضرب مصر واحتلال سيناء عام 1967 ولكن جيشنا المصري لم يجعل للعدو يغفل له جفن وقض مضجعه بحرب الاستنزاف العظيمة حتي تم العبور وتحطيم خط بارليف في اكتوبر عام 1973. كم انبهر الخبراء العسكريون في العالم بالجيش المصري عندما يدخل في مواجهات ضد اعداء مصر. وهل هناك اعظم من شهادة الرسول عليه الصلاة والسلام عن جنود مصر التي اوردها "ابن عبدالحكم" في كتابه "فتوح مصر"؟ يقول ابن عبدالحكم خطب عمرو بن العاص في اهل مصر فكان مما قاله لهم: حدثني عمر أمير المؤمنين انه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال أبوبكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنهم في رباط إلي يوم القيامة". وإذا استدعينا التاريخ الحديث نجد أن محمد علي عندما اراد تكوين جيش قوي من المصريين قد عهد إلي الطبيب الفرنسي كلوت بك 1793 1868 بتنظيم الإدارة الصحية وجعله رئيس أطباء الجيش ونجد "كلوت بك" يعترف في شهادته عن الجنود المصريين قائلاً: "ربما يعد المصريون أصلح الأمم لأن يكونوا من خيرة الجنود. ومن صفاتهم العسكرية الامتثال للأوامر والشجاعة والثبات عند الخطر والتذرع بالصبر في مواجهة الخطوب والمحن والاقدام علي المخاطر والاتجاه إلي خط النار وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد". ما أعظمك يا مصر التي اقامت أول جيش نظامي منذ بداية تاريخها حماية لحدودها دماء يثلها. ووحدتها الوطنية المتجانسة. ما أعظمك وأشجعك يا جيش مصر لأنك من أبنائها المنصهرين بحبها وفي حبها. والذود عن امنها القومي الاستراتيجي داخل حدودها وخارجها. ذلك الجيش الباسل الذي لم تتغير عقيدته العسكرية التي تضع أعداءها في إطار محدد تدك حصونه بشجاعة ومهارة وعقول فاهمة ذكية تتسلح بيقين إيماني راسخ "إما النصر وإما الشهادة". ما أروع شجاعة الجندي المصري وقوة إرادته وصلابته التي ابرزها د. جمال حمدان بعد اقتحام المصريين خط بارليف تلك الصفات والسمات التي يتصف ويتسم بها الجندي المصري عندما يقاتل الاعداء في كل وقت وحين باقية خالدة. يقول د. جمال حمدان: "لقد كانت ملحمة اكتساح خط بارليف صراعاً بين الشجاعة والمناعة: شجاعة المقاتل البحتة و مناعة الابراج المثيرة مثلما كانت مواجهة بين فلسفة الخطوط الزاحفة المتحركة ونظرية الخطوط المحصنة الثابتة وفي الحالتين تغلبت الاولي علي الثانية تغلبت الإرادة علي الأرض والإنسان علي السلاح واصحاب الارض علي الغاصبين. وللحديث بقية إن شاء الله