تعاني مدينة القاهرة الجديدة من إهمال شديد. فبعد أن كان الانضباط والحزم عنوانا لعمل أجهزتها. تبدل الوضع وغابت الرقابة وظهر الفساد الإداري والفوضي. حيث قام بعض البلطجية بالاستيلاء علي آلاف الشقق دون أي سند قانوني وأجروها للمواطنين في غيبة الجهاز. كما قام بعض أصحاب الفيلات بتحويل البدروم إلي سناتر تعليمية ومراكز تجميل وحضانات بالإضافة إلي تحويل الشقق السكنية إلي محال تجارية فهناك حي كامل بالمدينة تحول إلي ورش وكافتيريا ومقاه. يقول مصطفي محمود محاسب إن الحي الثالث أصبح بالفعل خارج سيطرة الدولة بعد أن انتشرت أعمال السرقة والبلطجة. وبيع المخدرات علي الطرقات في عز الظهر. فضلاً عن الأفعال المنافية للآداب التي تحدث من طلبة المعهد العالي الموجود بالمنطقة في الطرقات والحدائق وعلي سلالم العمارات السكنية. كل ذلك في ظل غياب تام للأمن بالمنطقة. ويؤكد عبده أحمد أحد سكان المنطقة إن هناك تقارير تؤكد أن حوالي 1200 شقة بالقاهرة الجديدة تم الاستيلاء عليها بعد ثورة يناير من قبل مجموعة من المنتفعين علي رأسهم أصحاب مكاتب العقارات بالتعاون مع مسئولين بالجهاز وصغار أفراد الشرطة بالمدينة وشاركهم في ذلك إحدي العائلات الشهيرة بالمنطقة وهم معروفون للجميع. حيث قاموا بعد الاستيلاء علي تلك الشقق بتأجيرها للأهالي والعمال ووصل الأمر إلي أن الشقة الواحدة يشغلها عشرات العمال بسعر 250 جنيهاً للفرد الواحد. ويضيف علي محمد أحد سكان المدينة أن أغلب هذه الشقق المنهوبة موجودة في الحي الثالث الذي فقد الجهاز السيطرة عليه تماماً. فهناك عمارة رقم 238 و152 تم الاستيلاء عليهما بالكامل. كما أن هناك شققا بالحي الرابع أمام نقطة الشرطة وفي منطقة الرحباية الملاصقة لإدارة التنمية المعنية بمنع المخالفات وتطبيق القانون!! ويشير محمود خليفة إلي وجود تلاعب صارخ في عملية توزيع المحال التجارية التي تتم بطريقة القرعة أو المزاد. فهناك أشخاص حصلوا علي أكثر من محل تجاري في مول "مؤمن" و"الأخضر" وهذا مخالف للقانون. كما أن هناك من يحصل علي نفس المحل كل قرعة أو مزاد. وهذا ما يحدث أيضاً في توزيع الأراضي السكنية والصناعية الأمر الذي يحتاج تدخل الرقابة الإدارية لكشف العلاقة الخفية بين المنتفعين من تلك الأراضي والشقق ومسئولين بالجهاز الذين سهلوا وتربحوا من توزيع الأراضي السكنية والصناعية علي المعارف والمحاسيب بل وعلي عائلات وأسر موظفي الجهاز. ورش مخالفة ويوضح زاهر عزالدين مهندس علي أن ما يحدث بالتجمع الخامس وبالتحديد في الحي الثالث دليل علي غياب الدولة وعجز الأجهزة المعنية في السيطرة علي الأوضاع. فهناك بعض أصحاب الشقق السكنية بالأدوار الأولي قاموا بتحويلها إلي محال تجارية لتباع الوحدة ال 64 متراً بنصف مليون جنيه. مما جعل الحي الثالث عبارة عن أسواق تجارية بها تشكيلة متنوعة من محال الخياطة. الحلاقة. بقالة. ورش للسمكرة وغسيل السيارات حتي أصبحت الفوضي أسلوب حياة لسكان هذه المنطقة. كل ذلك في غياب تام ومتعمد للأجهزة الرقابية الأمر الذي كبد أصحاب المحال الشرعية خسائر طائلة. ويقول أمين رفاعي مدرس قمت بشراء شقة في روف احدي الفيلات بالتجمع الخامس ظناً مني أنه قانوني خاصة بعد انتشار البناء بها بشكل كبير. وقبل أن أنهي عملية الشراء ذهبت إلي جهاز المدينة لمعرفة مدي قانونية الوضع فوجئت بأن كل هذه الشقق مخالفة للقانون ولن يتم ادخال الكهرباء لها لأن توصيفها القانوني غرفة سطح. فذهبت إلي مالك العقار فقال لي سوف ادخل لك عداد الكهرباء وأرسلني إلي مكتب للعقارات بمنطقة الشباب اسمه "طيبة" وهناك قابلت صاحب المكتب الذي أكد لي أنه سوف ينهي عملية ادخال الكهرباء وطلب مني مهلة اسبوع وصورة البطاقة وبعد أسبوع فوجئت به يحدثني علي التليفون ويخبرني بأنه احضر عداد الكهرباء وطلب مبلغ 10 آلاف جنيه لتركيبه باسمي ثم يسقطه علي "السيستم" بعد شهرين ولكني تراجعت لظروف خاصة بي. وللأسف علمت وقتها أن الفساد أقوي من الدولة. "السناير والحضانات فوق القانون" هكذا بدأ علاء سعد صاحب فيلا بمنطقة المعهد حديثه مؤكداً أن بجواره فيلا أمام المعهد العالي تحولت إلي فصول وقاعات للدروس الخصوصية لكافة المراحل والأعمار يرتادها كل طلاب المنطقة من الصباح الباكر حتي العاشرة. مساءً. ووصل سعر الساعة في السنتر ما بين 25 إلي 60 جنيها للحصة الواحدة والغريب في الأمر أن السنتر علي بُعد خطوات من الإدارة التعليمية وجهاز المدينة. والشيء نفسه لعدد كبير من الحضانات ومراكز التجميل والمخازن التي انتشرت في بدروم الفلل. والسؤال من المسئول عن هذه الفوضي التي حولت حياتنا إلي جحيم بعد أن انفقنا كل ما نملك في شراء سكن هادئ نطمئن فيه علي أولادنا بعيداً عن العشوائية والفوضي؟!