في إطار التوجهات الاستراتيجية للدولة المصرية نحو الطاقة النظيفة وتطوير منظومة النقل، تتسارع خطوات الحكومة نحو تنفيذ خطة طموح لإحلال سيارات التاكسي القديمة بمركبات كهربائية، وذلك استجابة لتكليف مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتحت إشراف رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي. تتلاقي في هذه المبادرة الرئاسية أبعاد بيئية واقتصادية واجتماعية، وتشارك فيها مختلف مؤسسات الدولة بالتنسيق مع القطاع الخاص، وسط تحديات قائمة أبرزها البنية التحتية والتكلفة المرتفعة، لكنها تسير بخطط واضحة، وأهداف قابلة للتحقيق. ◄ حماد: تحسين لجودة الحياة طنة: خطوة تدعم البيئة وتقلل نفقات التشغيل ◄ مبادرات وطنية يرى محمود حماد نائب رئيس رابطة تجار السيارات ورئيس قطاع المستعمل أن الحكومة المصرية، استجابة لتوجيهات القيادة السياسية، تواصل تنفيذ مبادرات وطنية تهدف إلى الارتقاء بمنظومة النقل وتحسين جودة الحياة للمواطنين. فقد أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة بصدد تنفيذ خطة لاستبدال سيارات التاكسى القديمة بمركبات كهربائية حديثة، وذلك ضمن استراتيجية الدولة للتحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة. وفي الوقت ذاته، أعلن الفريق كامل الوزير، وزير النقل، عن مبادرة رئاسية أخرى تستهدف إحلال الميكروباصات التقليدية واستبدالها بسيارات نقل كهربائية، فى خطوة تعكس التوجه الوطنى نحو تقليل الانبعاثات وتحسين البنية التحتية لوسائل المواصلات. وتُعد هذه المبادرات امتداداً للبرنامج الحكومى القائم لإحلال السيارات الملاكى، حيث يمكن للمواطنين التقديم عبر موقع "جو جرين" لتسجيل بياناتهم واختيار السيارة الجديدة، على أن يتولى البنك إجراءات التمويل بأقل فائدة وبمقدم ميسر، بدعم مباشر من الدولة. ورغم التحديات المرتبطة بانتشار السيارات الكهربائية، وعلى رأسها البنية التحتية لمحطات الشحن، إلا أن الحكومة تعمل على تعزيز انتشار هذه المحطات فى أنحاء الجمهورية، بما يواكب خطط التحول نحو النقل الذكى والمستدام. ◄ اقرأ أيضًا | سيارة جديدة وإعانة مالية لسائق تاكسى «العاصفة» ◄ مستقبل أكثر استدامة يشير جمال طنة مدير التسويق بشركة سوق السيارات المستعملة إلى أن تلك الخطوة تعكس التزام الدولة بتوجيهات القيادة السياسية نحو مستقبل أكثر استدامة. وأوضح أن الجهات المعنية بدأت التفاوض مع الشركات المصنعة لمناقشة الأسعار تمهيداً لإطلاق المشروع، فى إطار خطة استراتيجية متكاملة تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية ومواكبة التحول العالمى. كما أكد أن هذه الخطوة تمهّد لتقليل نفقات التشغيل على السائقين، ما يجعلها ذات بُعد بيئى واقتصادى فى آنٍ واحد. ورغم عدم الإعلان عن جدول زمنى رسمى، فإن التوقعات تشير إلى بدء المرحلة التجريبية قبل نهاية عام 2025 فى محافظات كبرى مثل القاهرة والإسكندرية والمدن السياحية. وأضاف أن تكلفة السيارات الكهربائية تُعد من أبرز التحديات، وهو ما يدفع الدولة إلى التفكير فى حوافز مثل الإعفاءات الضريبية والجمركية لتحفيز التصنيع المحلى. وأوضح أن البنية التحتية لمحطات الشحن تشهد تطوراً بفضل دخول شركات مثل "إنفينيتي"، و"ريفولتا مصر"، و"شل مصر"، إلى جانب عروض تقنية من "هواوى مصر"، وكذلك دخول البنك الأهلي المصري وبنك مصر في شراكات لتمويل مشروعات الشحن. وبحسب ما أعلنه محمد منصور، ممثل شركة إنفينيتى، خلال قمة Egypt EV Summit 2023، تستهدف الدولة تركيب ما بين 3٫000 إلى 5٫000 نقطة شحن خلال ثلاث سنوات. ويرى طنة أن هذه المبادرة ستُحدث تحولات نوعية في سوق السيارات المستعملة، من خلال زيادة المعروض من المركبات العاملة بالبنزين، مما يتطلب استعداد التجار لمرحلة انتقال تدريجية نحو الكهرباء. ◄ محمود: آليات مجربة وحوافز مشجعة ◄ خطوات تدريجية يقول الدكتور أسامة محمود خبير تسويق السيارات إن الحكومة المصرية بدأت فعلياً فى تنفيذ خطة إحلال سيارات التاكسى القديمة بأخرى كهربائية، ضمن خطوات تدريجية نحو مستقبل أكثر استدامة. وتعتمد الخطة على آليات سابقة ناجحة مثل الحافز الأخضر، لتشجيع المواطنين على المشاركة، وتبدأ بمحافظات تمتلك بنية تحتية مؤهلة لمحطات الشحن. أضاف أن الدولة تُجرى مفاوضات مع الشركات المصنعة لتوفير السيارات بأسعار تنافسية وتوزيع كافٍ لتلبية السوق المحلى، ويُتوقع أن يكون التنفيذ تدريجياً لتجنب التأثيرات السلبية. وأشار إلى أن التحديات تشمل ارتفاع التكلفة، وقلة عدد محطات الشحن التى لم تتجاوز حتى الآن 450 محطة، رغم استهداف 3000 محطة خلال 18 شهراً. وتسعى الحكومة لتسريع وتيرة الإنشاء من خلال شراكات مع القطاع الخاص. كما أشار إلى أن ضعف الوعى المجتمعى يمثل تحدياً إضافياً، ما دفع الحكومة إلى إطلاق حملات توعية، إلى جانب السعى لتوطين الصناعة بالشراكة مع شركات صينية ومصرية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وخفض التكلفة، وتوفير وظائف جديدة. واختتم بالقول إن نجاح الخطة مرهون بقدرة الحكومة على تنفيذ البنية التحتية وضمان توفر السيارات بأسعار معقولة، ما سيضع مصر على أعتاب نظام نقل ذكى صديق للبيئة. تحول استراتيجي ◄ سعد: مصنعون مصريون يستعدون للمنافسة أوضح خالد سعد المدير العام لرابطة مصنعي السيارات أن استبدال سيارات التاكسي القديمة بسيارات كهربائية يمثل تحولاً استراتيجياً يهدف لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدى، وتخفيض تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 60٪، بالإضافة إلى تقليل فاتورة دعم الوقود. وأشار إلى أن شركات مثل "النصر" و"الصافي" تعكف حالياً على إنتاج سيارات كهربائية مصرية بأسعار مناسبة لسائقى التاكسى، وتمتاز هذه السيارات بانخفاض تكلفة التشغيل والصيانة، إذ لا تتطلب تغييرات زيت، وتكلفة الشحن لا تتجاوز 80 جنيهاً لمسافة تصل إلى 400 كيلومتر. ورغم هذه الإيجابيات، فإن الخطة الحكومية تواجه تحديات ملموسة، أبرزها نقص محطات الشحن السريع، ما يدفع السائقين للاعتماد على الشحن المنزلى البطىء. وتسعى الحكومة لتوفير 3000 محطة شحن جديدة، مع إدراجها ضمن محطات الوقود الحديثة. وأشار إلى أن وقف استخدام الشواحن الصينية خلق تحديات جديدة، تستوجب توفير محولات مناسبة، ومعالجة الفجوة فى أنواع الشواحن. واختتم بالتأكيد على أن القرار خطوة فى الاتجاه الصحيح، بشرط أن يتزامن مع تطوير عاجل للبنية التحتية، وضمان توفر التكنولوجيا بأسعار مدروسة، لدعم التحول الكامل نحو النقل النظيف فى مصر.