** كان من الطبيعي جداً ألا يتأخر الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن تنفيذ وعده الانتخابي بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس.. فلماذا يلجأ إلي التأجيل كل 6 شهور مثل اسلافه من رؤساء الولاياتالمتحدة الذين فعلوا ذلك منذ ان اقر الكونجرس القانون عام 1995؟! كانت كل التقارير والشواهد والمقدمات تدعو الرجل لاتخاذ القرار.. فما الداعي للتأجيل إذا كانت كل الظروف مهيأة.. فلا خوف من العرب والمسلمين فاذا كانوا قد صمتوا طوال 22 عاماً ولم يفعلوا شيئاً فهل سيتحركون الآن.. كما أنه لا قلق من ردود أفعالهم.. المهم هو رضاء الأصدقاء في تل أبيب الذين يحركون انصارهم ممن يمتلكون وسائل الإعلام المؤثرة.. ويقودون جماعات اللوبي الصهيوني التي تتحكم في مؤسسات صناعة القرار الأمريكي؟! تعلم ترامب أن الحفاظ علي مقعده في المكتب البيضاوي واستمراره في البيت الأبيض يرتبط برضاء جماعات الضغط الصهيونية.. أما العرب والمسلمون فقد اعتادوا علي تلقي الصفعات الواحدة تلو الأخري في كل العصور.. دون ان يردوا بالمثل.. بل إن من كرمهم كانوا يديرون الخد الآخر وظهورهم ايضا لتلقي المزيد من الضربات فمن كانوا كذلك فجانبهم مأمون لذلك ظل يبشرهم "بصفقة القرن" ولما صدقوه دار من خلفهم وصفعهم في قدسهم!! لن تكون صفعة ترامب هي الأخيرة خاصة إذا استسلم لها العرب والمسلمون كما فعلوا من قبل حين استهانوا بوعد بلفور عام 1917.. ويبدو أنه علي رأس كل 100 عام تحل علي الأمة مصيبة أو نكبة تمنح لليهود ما يؤكد احتلالهم لفلسطين.. بينما نظل نردد اعطي من لا يملك حقاً لمن لا يستحق.. وللأسف يظهر أنهم يستحقون لأنهم يخططون ويعملون وينفذون ما يريدون أما العرب والمسلمون فيقاتلون بعضهم ويعتدون علي انفسهم ويمثلون بجثث موتاهم من اليمن إلي ليبيا.. ثم يخرجون ليتظاهروا يلعنون ويشجبون وينددون.. ويتركون لإسرائيل كسب التعاطف ونهب الأراضي وبناء المستوطنات! تحول العرب إلي اكبر سوق لعقد الصفقات التي لن يكون آخرها "سايكس بيكو" ولا كامب ديفيد ولا اتفاقيات اوسلو وكوبنهاجن وجنيف.. وفي كل صفقة يتنازلون عن قطعة ارض ويعترفون بوجود الكيان الصهيوني.. والغريب انهم بينما يتنازلون عن قطعة قطعة واصبحوا لا تغطيهم سوي "ورقة التوت" فانهم في المقابل لا يحصلون علي أي شيء سوي قتل وتشريد آلاف الفلسطينيين وربما بعض الوعود بمستقبل أفضل!! يا تري هل سيكون هناك عرب ومسلمون بعد 100 عام لنتحدث عن الصفعة أو الصفقة القادمة؟! "عقدة نيكسون".. واللوبي الصهيوني ** وقع ترامب أسيراً لجماعات الضغط الصهيونية وتلاعبت به وسائل الإعلام اليهودية التي بدأ يعمل لها حسابا ويحاول التقرب إليها بعد هجومه عليها منذ ان اظهرت له العداء اثناء ترشحه للرئاسة.. ثم بعد نجاحه بدأت تنبش في ماضيه وفي افعاله لتصل إلي ما تحكم به قبضتها عليه.. فأخرجت له قضايا تحرش وفتشت عن اخطائه خلال الحملة الانتخابية وتعاونه مع الروس وارتكابه لما يضعه تحت طائلة القانون.. وعندما اصبح في يد الإعلام اليهودي "سي. دي" متكاملاً بدأوا يلاعبون حاكم البيت الابيض اما ان يرضخ ويعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وينقل إليها السفارة.. أو يكون مصيره العزل مثل الرئيس نيكسون الذي تحول إلي عقدة لكل رؤساء امريكا بعد فضيحة "ووترجيت".. لذلك تعلموا جميعهم الدرس جيداً واصبحت إسرائيل الضمان لبقائهم في المنصب ولم يتأخر أحدهم عن التوجه إليها كقبلة يزورون فيها حائط المبكي ويرتدون "الطاقية" ويلتقطون صورة تذكارية يزرف فيها كل رئيس أمريكي الدموع لمواساة اليهود!! لن يترك الإعلام الأمريكي ولا حكام اسرائيل الرئيس دونالد ترامب الذي اعطاهم اكثر مما يحلمون به.. وسيظلون يلاحقونه بالسيديهات لابتزازه ليمنحهم كل ما يريدونه وفي النهاية بعد استنفاد اغراضهم قد يسقطونه. أوراق العرب.. ورهان ترامب!! ** سكت الكلام بعد قرار ترامب.. ولم يعد هناك سوي اتخاذ المواقف.. وكفانا بكاء علي اللبن المسكوب وتصدير اليأس والاحباط علي الواقع العربي المزري.. ولابد من التفكير في حلول جدية للخروج من هذه الأزمة قبل ان تتحول "القدس اليهودية" إلي أمر واقع.. ونفاجأ بأن العالم الذي يقف معنا الآن تقوم الدول واحدة بعد الأخري لتنقل سفاراتها إلي المدينة المقدسة لان العرب عجزوا عن فعل ما يحفظها لهم!! اهدرنا الكثير من الوقت.. واضعنا أغلب أوراق القوة التي نمتلكها ومنها البترول تلك الثروة التي منحنا الله اياها فأعطيناها للآخرين ليبنوا حضارتهم وحتي ثمنها البخس وضعناه اموالا تتكدث في بنوكهم تنعش اقتصادهم.. ونتحدي من يملك استعادتها حيث تحولت إلي سلاح لهم ضدنا يضغطون به علينا وإذا لم نرضخ لهم ونظل ندور في فلكهم صادروها.. فهل بعد ذلك لدينا وسائل ضغط تجعل ترامب يتراجع عن قراره؟! نعم لدينا.. رغم كل الضعف والهوان والانقسام بشرط ان يبدأ العرب والمسلمون فوراً في نبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة والعمل معاً.. لأن الخطر القادم لن يفرق بين احد والطوفان عندما يأتي يغرق الجميع.. وإذا لم نواجه العالم يداً واحدة فلن ينظروا إلينا ولن نجد من يقف معنا!! أخرج الرئيس الامريكي لسانه للعرب والمسلمين ولم يهتم بمصالح بلاده معهم وامتلك شجاعة لم يمتلكها اسلافه وهو يراهن علي التاريخ والوقت حيث تؤكد كل السوابق ان العرب والمسلمين يتلقون الصفعات دون اتخاذ مواقف جدية وانهم ينسون الاساءة مع الوقت.. كما ان زعماءهم الذين صمتوا منذ عام 1995 لا يجدون الشجاعة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع امريكا تنفيذاً لقرارات القمم العربية المتتالية. لماذا لا نكون مجانين.. ولو مرة!! بالطبع.. لا نريد ان نحرج الحكام العرب ولا نطالبهم بما لا يطيقونه خاصة وحال الامة لا يسر.. ولا نتمني لأي عربي ان يتنازل عن الطعام والشراب والسيارات الامريكية الفارهة لأنه لن يفعل.. ولا نطالب بعمليات ارهابية ضد السفارات الامريكية ولا ضد المدنيين ولا حتي العسكريين.. ومع ذلك فمازالت هناك أوراق يمكن مواجهة القرار الأمريكي بها!! دائما يطالبون العرب بضبط النفس وتحكيم العقل والالتزام بالحكمة مع ان اسرائيل تتهور وتفعل ما يحلو لها وما يحقق ارادتها دون النظر للقرارات الدولية.. وهذا ترامب يفعل ما يعتقد انه شجاعة في مصلحة بلاده ولا يعبأ بمعاداته للاجماع العالمي ولكل قواعد القانون الدولي ولمصالحه مع العرب كما انه يشجع المعتدي ويمنح الارض للمحتل المغتصب فلماذا لا يتهور العرب ولو مرة واحد ويتخذون قراراً "مجنوناً" يريح شعوبهم ويثبت أن الأمة مازالت علي قيد الحياة والدماء تنبض في عروقها ولم يستخرجوا شهادة وفاتها بعد؟! لابد ان يتفق العرب والمسلمون علي "خارطة طريق" تخرج عن الدبلوماسية قليلا وتنفذ بخطوات تصاعدية تبدأ بسحب السفراء مع وقف جميع صفقات السلاح التي تم التعاقد عليها بالمليارات.. وكذلك وقف شراء الطائرات المدنية واستبدالها بالأوروبية مع تصدير الغضب الشعبي إلي أمريكا ومصالحها وليس ضد بلداننا.. وعلي الاقل تقليل الاستيراد مع عدم منح عقود جديدة لأي شركة امريكية.. وارسال المليارات للاستثمارات العاملة في الدول العربية والاسلامية. أما إذا اردنا التطرف في الجنون وهو الخطوة الاخيرة إذا لم يغير ترامب قراره.. فلا مناص من قطع العلاقات ومقاطعة البضائع وان يتم التلويح بغلق كافة القواعد العسكرية الأمريكية في الدول العربية والاسلامية. ووقف كافة اشكال التعاون ووقف الاستيراد والتصدير.. وانهاء عقود كافة الشركات الأمريكية العاملة علي الأراضي العربية بما في ذلك شركات البترول والمقاولات والبنوك الكبري عابرة القارات.. فلن يعيد ترامب رجل الاعمال إلي رشده إلا بتهديد مصالح بلاده الاقتصادية فهي اللغة الوحيدة التي يفهمها لنجعل الشركات الامريكية هي التي تضغط علي ترامب لينقذها من الضرر والخسائر التي لحقت بها جراء قراره غير المسئول. لابد من استغلال الموقف الدولي والأوروبي المؤيد للحقوق الفلسطينية وإعلان الدولة وعاصمتها القدس واستصدار قرار من الجمعية العامة وبدء اعتراف الدول بذلك طالما أن الفيتو الامريكي سيعرقل مثل هذا القرار في مجلس الامن. لن تجدي اي تحركات إلا بتحقيق المصالحة العربية والاسلامية والتكاتف واتخاذ مواقف موحدة وجماعية. طالما لم تأت السياسة الرشيدة وضبط النفس والتعقل برد فعل امريكي مقبول.. فلنجعل "الجنون العربي" يدفع ترامب لعقد مؤتمر صحفي مماثل لما اعلن فيه نقل السفارة للقدس ولكن هذه المرة يعترف فيه بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية.. ثم يدعو لبدء مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إذا اراد ان تستمر امريكا راعية لجهود السلام. ضحك ترامب علي العرب وحصل علي مليارات في رحلته الاولي للمنطقة.. ولا نريده أن يضحك عليهم اكثر من ذلك ويأخذ ارضهم ومقدساتهم.. ولن تفلح محاولات نائبه بأن نقل السفارة مؤجل لمدة عامين لحين بناء مبني لها فتلك استهانة بعقول وبقوة العرب والمطلوب هو إلغاء القرار من اساسه ولن يتحقق ذلك إلا إذا تأكدوا من تأثر بلادهم اقتصاديا وتهدد مصالحهم المباشرة. إذا استمر تخاذل العرب والمسلمين.. ولم يكن التحرك سريعاً وحاسماً.. فلن يمر وقت طويل علي نقل سفارات اغلب الدول إلي القدس وعلي هدم المسجد الاقصي وبناء هيكل سليمان.. وندعو الله الا نعيش لنري هذا الهوان!