سرقة قطع اثرية من تحف الفن القبطي ليست الأولي التي تطول كنوز مصر.. المفترض انها محمية داخل قلاع محصنة فمحاولات سرقة الآثار من المتاحف تكررت وكان أكبرها وأخطرها واقعة سرقة قرابة الألف قطعة أثرية من متحف ملوي في 2013م بعدما تم اقتحامه عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة. كما نجح الأمن في احباط محاولة سرقة تمثال "إيزيس" من داخل متحف النوبة والمتورط فيها موظفون بالمتحف. حوادث السرقة هذه تدق ناقوس الخطر وتنبه إلي ضرورة رفع درجة التأمين الفترة الأخيرة وغالباً أبطال السرقة عاملون في هذه المتاحف مما يطرح سؤلاً مهماً كيف يتم تأمين المتاحف بشكل كامل وما هي الشروط التي يجب ان تتوافر في العاملين بهذه المتاحف وهل يمكن الاستعانة بشركات أمنية صاحبة السمعة الحسنة؟ مصر تملك ارثاً تاريخياً عظيماً وجواهر اثرية لا تقدر بثمن والدولة تحاول جاهدة لإعادة الروح لقطاع السياحة وإعادة الريادة للمحروسة لتكون منارة ثقافية تشع نوراً للعالم لذا لابد ان نهتم بالمتاحف ونشدد من إجراءات التأمين. قامت "الجمهورية" بزيارة لمتحف الفن الإسلامي للوقوف علي إجراءات التأمين فالمتحف من أكبر المتاحف علي مستوي العالم لم يحظ بالشهرة المناسبة له خاصة بأنه يقدم رسالة للعالم أكمله بالحفاظ علي الهوية الإسلامية يحتوي علي 100 ألف قطعة أثرية معروض منها 4400 وتم تطويره مرتين الأولي عام 1982 والثانية بعد الانفجار الذي وقع أعقاب ثورة يونيو أمام مديرية أمن القاهرة وتم خلال هذا التطوير وضع إدارة خاصة بالأزمات للتعامل مع الآثار وقت وقوع الكوارث بطريقة علمية هذا ما يؤكده محمود عبدالرءوف مدير إدارة الأزمات بالمتحف الفن الإسلامي حيث المتحف يدار بواسطة مدير المتحف والأمناء والموظفين وهؤلاء تابعين لوزارة الآثار ويخضع لإجراءات أمنية مشددة لحماية مقتنياته الفنية من خلال أفراد أمن مدنية تابعة لوزارة الآثار ويكون المسئول عن تأمين قاعات العرض وتأمين المتحف داخلياً بالتعاون مع أفراد شرطة تابعين لشرطة السياحة بوزارة الداخلية وتتم عملية فتح المتحف صباحاً قبل دخول الزوار بساعة علي الأكثر من خلال محضر فتح مكون من 3 جهات وهم 3 أمناء للمتحف ومنهم الشخص الذي معاه مفتاح التابلوه الموجود بغرفة الشرطة الذي به مفتاح المتحف إذن لا يمكن لأحد بمفرده سرقة أثر وبعد الفتح ودخول الزوار تقع مسئولية المتحف بأكمله علي عاتق الأمين. يوضح عبدالرؤوف ان مخازن الآثار تحتوي علي 100 ألف قطعة أثرية معروض منها 4400 قطعة كل قطعة لها رقم سجل تعريفي توصيفي تسلسلي وكل نوع منها مسئول عنها أمين متحف وتم اختيار أهم تحف الفن الإسلامي للعرض من حيث القيمة التاريخية منوهاً عن أن المتحف من أهم وأكبر المتاحف علي مستوي العالم لكنه لم يأخذ خطة مثل باقي المتاحف لغلقه عدة مرات مرة في الثمانينيات والأخري لمدة 7 سنوات من 2003 وحتي 2010 لتطويره ولكن بعد الانفجار الذي تعرضت له مديرية أمن القاهرة عرفه الجمهور وأكثر وحتي الآن يحتاج لتسويق. ومع تطريره مع وضع نظام خاص لحماية أثاره لتفادي ما تعرض له المتحف المصري ومتحف ملوي بالمنيا أعقاب ثورة يناير من سرقات لذا قامت منظمات دولية مثل اليونسكو وجمعية إعمار الأرض بمصر بالتعاون مع وزارة الآثار بتدريب مجموعة أمناء كل المتاحف علي إدارة الأزمات للحفاظ علي الأثر في حالة الكوارث والسيول خاصة أن موظفي متحف ملوي تعاملوا مع الأثر بطريقة أضرت بالآثار. وهذا لم يحدث بالمتحف الإسلامي عندما تعرض لكارثة الانفجار تم التعامل بطريقة صحيحة منعهاً للسرقة وضع كردون أمني حول المتحف ومنع أي فرد من الدخول مع نقل الآثار لمخزن مؤقت بالقاعة 17 بنفس المتحف وليس بالخارج لمنع السرقة وتم ترقيم الآثار من جديد بشكل علمي بوصف حالتها وعمل ترميم مبدئي ثم حصر كل نوع علي حده علماً بأن المعروض كان 1485 قطعة قبل الحادث و177 قطعة تعرضت للتلف ومعظمها زجاجية وتم ترميمها وإعادتها كما كانت ووضع عليها نقطة حمراء بقاعات العرض توضح انها دمرت وعادت من جديد ويستكمل حديثه قائلاً إن المتحف به فاترينات عرض من أفضل الفاترينات لذا لم تتأثر من الانفجار وتؤمن قاعات العرض والمتحف داخلياً وخارجياً علي مدار 24 ساعة من أفراد أمن الشرطة وأمن الوزارة وبه 8 غرف لمراقبة المتحف داخلياً كما ان المخازن تفتح من خلال لجنة ثلاثية 3 أمناء وكل قطعة بها أختام رصاصية وعهدة بحوزة شخص معين كما أنه لا يمكن حدوث خلل وتعرض المتحف للسرقة إلا في حالة المحزن بالخارج ويمكن استبدال قطع أصلية بمقلدة ويصعب التواطؤ بين الأطراف مطالباً بتفعيل دور الرقابة من قبل الوزارة فلا توجد إدارة للأزمات بالوزارة. حالة فردية ويدافع بكر عبدالخالق- مسئول أمن بالمتحف- عن أفراد أمن المتاحف قائلاً: إن ما تم من سرقة بواسطة فرد أمن بالمتحف القبطي ما هو إلا حالة فردية استثنائية وعلي المخطأ محاسبته وليس تشويه صورة منظومة الأمن ووصفها بأنها مفتاح لسرقة آثار مصر. حيث إن عملية فتح المتحف تتم في الثامنة صباحاً بفتح الباب الخلفي للمتحف لدخول أفراد الأمن والانتشار كل بموقعه ثم مراجعة كل القطع الموجودة بقاعات العرض مع مراجعة الاختام الرصاصية للقطع الموجودة بالمخازن علاوة علي تفتيش الحمام ويعقب هذا الإجراء دخول شركة النظافة ونعمل بقلب رجل واحد خاصة أن متحف الفن الإسلامي يقدم رسالة سامية وهي الحفاظ علي الهوية الإسلامية. ويشير عبدالخالق إلي انتشار أفراد الأمن كل فردين في قاعة لمتابعة الزائر والتنبيه بمنع لمس الأثر ومع نهاية اليوم يجرد المخزن للمراجعة بواسطة لجنة ثلاثية وكذلك الحمامات وغرف الكهرباء في تمام الساعة الخامسة إلا ربع في حضور الشرطة وأمين المتحف. ويتابع بأن هناك إجراءات متبعة لاختيار أفراد الأمن أهمها التحريات للشخص المقدم وأفراد أسرته وعائلته مع تكرارها في حالة الشك في سلوكه ثم الفصل في حا لة ثبوت الواقعة مضيفاً أن تردي المرتبات والأجور وراء ظاهرة السرقة بالمتاحف ولكن الضمير والأمانة تقف حائل لمنع السرقة بدليل أن التحف كانت متناثرة أمامنا بعد الانفجار ولم تسرق علماً لا توجد شركات أمن خاصة سوي بمنطقة الأهرامات لأن صرح ومكان مفتوح لزيادة التأمين ويخضع لإشراف الأمن التابع لشرطة السياحة لذا فان إعادة هيكلة منظومة الأمن باستمرار ستغلق باب السرقات مع إجراء كشف طبي للمخدرات. غاية في الدقة ويؤكد الدكتور مختار الكسباني- أستاذ الآثار بالإسلامية بجامعة القاهرة ومستشار وزارة الآثار- ان المتاحف المهمة كلها مؤمنة من أجهزة أمن غاية في الدقة أما ما تعرضت له بعض المتاحف مثل ملوي كان أثناء الثورة ومخططاً من جماعة الإخوان بدليل إنها هربت عن طريق ليبيا ومنها إلي تركيا ولكن قوات الأمن استطاعت ضبط الجناة واعيدت المسروقات للمتحف أما القبطي وهنا الكارثة حيث تمت سرقته من الداخل حيث قام فرد أمن بسرقة حشوات من حجاب كنيسة البربرة بمصر القديمة وهو من شركات الامن الخاصة وللاسف لاتوجد معايير لاختيارهم فهم افراد ليس لهم خبرة ولا دراية بأهمية قيمتها مطالباً بالعودة للامن العام لسهولة اختراق شركات الامن. ويرجع الدكتور علاء محمد- مدير تخطيط ومتابعة بمنطقة آثار مصر العليا- تعرض بعض المتاحف للسرقة حيث عملية الجرد كانت غير مضبوطة تخزن بدون توثيق ولا صورة او رقم لكل قطعة مؤكداً لاتوجد معايير لاختيار فرد الامن سواء بالوزارة او شركات خاصة وللاسف السرقات حدثت من الداخل ولكن التأمين الحالي يخضع لمنظومة جيدة خاصة لان عملية التسجيل للاثر تتم الكترونياًمع توصيفها السرقات. الدكتورمحمد حمزة استاذ الاثار بجامعة القاهرة يؤكد علي ضرورة الاهتمام بالمتاحف وتأمينها بشكل متكامل فهي تحوي كنوز وارث مصر التاريخي والتي لاتقدر بثمن ولو تم الاستفادة منها بشكل جيد ستكون عماد النهوض بالاقتصاد الوطني مشيرا إلي اهمية توعية افراد الامن والعاملين بالمتاحف بقيمة الاثار. ويقترح: ان يتم الاستعانة بخريجي كليات الاثار وتدريبهم لمدة عام باكاديمية الشرطة واسناد مهمة تأمين المتاحف لهم فهم اكثر من يعرف قيمة الاثار وسيكونون حريصين عليها موضحا ان الاثار الاسلامية والقبطية معظمها قطع صغيرة بها حشوات لذا يتمكن بعض ضعاف النفوس من سرقتها. ويطالب د.حمزة باطلاق مشروع قومي ضخم للتعريف بالاثار والترويج لها لزيادة الزائرين من انحاء العالم فمصر بها اهم آثار العالم وينبغي ان تكون واجهة السياح فاليونان زارها 30 مليون سائح في العام الماضي ومصر بها كنوز وارث تاريخي هو الافضل علي مستوي العالم مشددا علي ضرورة توفير كافة الاجهزة الحديثة للمتاحف لاحكام الرقابة والتأمين. أفراد غير مؤهلين ويوضح اللواء دكتور اشرف السعيد المحاضر باكاديمية الشرطة ان عملية تأمين المتاحف من الداخل تخضع لاشراف شركات الامن الخاصة بينما تقتصر عملية التأمين من الخارج علي جهاز الشرطة والذي يؤمن مداخل ومخارج المتاحف ويتدخل اذا استدعاه عناصر امن الشركات الخاصة فعملية التأمين مكلفة وصعبة ولا تستطيع الشرطة وحدها القيام بها. ويرجع اللواء السعيد تورط بعض افراد شركات الامن الخاصة بسرقة الآثار من المتاحف إلي اعتماد هذه الشركات علي اشخاص غير مؤهلين فغالبية هذه الشركات تسعي لتحقيق الربح ولاتهتم بتدريب الافراد العاملين بها او اكسابهم الخبرات والمهارات. كما انها تعطيهم مرتبات ضئيلة لذلك تقوم بتوظيف اشخاص غير صالحين. ويؤكد علي اهمية الاستعانة فقط بشركات الامن الكبري والتي لديها الامكانات والقدرات البشرية المؤهلة والمدربة لتأمين المتاحف فمصر بها قرابة مائة الف شركة امن خاصة ولكن لايوجد سوي عدد محدود منها لديه الخبرة ويسند اليها تأمين الاماكن الهامة مثل البنوك. اللواء علي الدمرداش مدير امن القاهرة الاسبق يشدد علي اهمية التحري الدقيق عن العاملين بشركات الامن المسند لها تأمين المتاحف قبل التحاقهم بهذه الوظيفة الهامة واستبعاد اي شخص يكون سجله الامني سيئاً حتي لاتكرر اي سرقات بالمتاحف. ويتابع: لابد ان تستعين شركات الامن باحدث الاجهزة والوسائل للتأمين فالمطارات تخضع لاجراءات امنية مشددة وبها اجهزة حديثة تكشف ما بداخل الحقائب وهو ما ينبغي ان يكون موجوداً بالمتاحف ويجب ان يخضع الجميع للاجراءات الامنية حتي ضباط الشرطة وان لايسمح لاي من العاملين بالخروج باي حقيبة قبل تفتيشها بشكل كامل. مع اهمية فحص كاميرات المراقبة باستمرار والتأكد من عملها. ويستكمل ان مراقبي الامن الذين يؤمنون المتاحف يعلمون كل كبيرة وصغيرة وعندما يتعطل اي جهاز مثل الكاميرات يوفر ذلك بيئة خصبة لضعاف النفوس للسرقة.