1⁄4 ونكتب دائماً عن مصر.. لا نكتب أشعاراً.. ولا نفاقاً. ولا رغبة في منصب أو جاه.. نكتب عن مصر أكتوبر.. مصر التي نعيد التذكير بانتصاراتها العظيمة المبهرة التي استعادت بها كبريائها الوطني وهامتها المرفوعة. ولا نكتب عن أكتوبر حديثاً للذكريات وترديداً للروايات والبطولات. وإنما نكتب عن معاني انتصار يجب أن يظل قوة دفع ومصدر طاقة لوطن عظيم. ينتظره مستقبل أفضل. وحين غنت وتغنت نانسي عجرم في حفل افتتاح فندق "الماسة كابيتال" بالعاصمة الإدارية الجديدة "خُدُوا بالكم دي مصر". فإن العبارة وحدها كانت تختزل كل ما نريد إيصاله لأنفسنا. وللعالم بأن مصر وجود آخر مختلف. ومصر شُعاع حضارة وفكر وعطاء لا يتوقف. ومصر التي دخلت مرحلة العبور إلي صناعة الدولة الجديدة. تمر بمرحلة المعاناة. وهي مرحلة الصمود والتحدي في انتظار ما هو أفضل. * * * 1⁄4 وصحيح أن هناك شعوراً عاماً بالقلق من الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات. إلا أن هناك مع ذلك نوعاً من التسليم بأن الخطوات الاقتصادية التي تم تطبيقها. كانت ضرورية للحد من مخاوف أكبر كانت تتعلق بإفلاس دولة بأكملها. ورغم أن هناك شكوي مستمرة علي كل المستويات من المتاعب الاقتصادية والحياتية. إلا أن هناك مع ذلك قناعات بأن الدولة تتحرك إلي الأمام. وأن الرئيس الذي اتخذ موقف المصارحة مع شعبة يمضي في خطوات محسوبة لمشروعات هي الأكبر والأضخم في تاريخ مصر الحديث. * * * 1⁄4 ولا يمكن لأحد إنكار ما تشهده مصر من مشروع هائل للإسكان الاجتماعي في كل محافظات مصر. وهو مشروع يتكلف 185 مليار جنيه. في إنجاز ضخم خلال سنوات قليلة. بحيث لم يعد الحصول علي الشقة "الآدمية" حلماً مستحيلاً. وإنما أصبح واقعاً وحقيقة. لم يكن هناك مَن يعتقد في إمكانية تحقيقها. ومررت فوق محور شبرا بنها. بامتداد 42 كيلومتراً في طريقي من القاهرة إلي طنطا.. وأشهد أنها معجزة إنشائية وثورة في الطرق لم نكن نتوقع رؤيتها أو تنفيذها. فقد انتابنا اليأس من إمكانية إصلاح طريق القاهرةالإسكندرية الزراعي الذي تحول إلي طريق للحوادث والموت والفوضي. والتكدس المروري الهائل.. ولم يكن هناك أمل في توسعة الطريق أو إيجاد حلول بديلة له. وجاء مشروع طريق شبرا بنها البديل. وهو ثالث طريق حر في مصر. وأول طريق حر زراعي. ليمثل طوق الإنقاذ ل150 ألف سيارة تمر يومياً عبر طريق القاهرةالإسكندرية الزراعي. والطريق الجديد نوع من الفكر الهندسي المتطور. فهو يرتفع عن سطح الأرض أكثر من ثمانية أمتار. بدون تقاطعات أو منازل. ويمر وسط الزراعات والمنازل علي مجموعة من الكباري والأنفاق. بتكلفة 3.3 مليار جنيه. * * * 1⁄4 ولا يمثل وجود الطريق وحده قيمة أو إنجازاً.. وإنما القيمة الحقيقية في إنجاز وجهد الرجال.. فطوال عام ونصف. كان هناك أكثر من 30 ألف عامل ومهندس وفني يواصلون العمل بلا انقطاع من أجل الانتهاء من هذا المشروع الذي يدخل في إطار المشروع القومي للطرق. وهو المشروع الذي يحمل الأمل لاستثمار أكبر ولسهولة في الحركة وتوفير في الوقت. وعندما كان الرجال يعملون في شبكة الطرق ويسابقون الزمن. فإن شباباً آخر من مصر قادوا ملحمو أخري في أكبر مشروع قومي للكهرباء ب500 مليار جنيه لاستكمال بناء الشبكة القومية للكهرباء. وتذكرون ونذكر كيف كان انقطاع الكهرباء قبل ذلك متواصلاً. وكيف كانت مخاوفنا من أن ندخل في دائرة من الإظلام. والانقطاع المتواصل للكهرباء. ولقد نجحوا في ذلك في أقصر وقت ممكن. وأثبتوا أن إرادة الرجال في مصر كفيلة بقهر الصعاب. وأن هناك رجالاً يعملون بعيداً عن رفاهية الفيس بوك. وحوارات النشطاء وتعليقاتهم الساخرة المحبطة!! وفي العاصمة الإدارية الجديدة التي بدأت ملامحها في الوضوح. فإن مصر ستكون علي موعد مع مدينة من نوع آخر. ومع شكل جديد للمدن الحضارية. ومع ثورة في التنفيذ والإنجاز. * * * 1⁄4 ويحدث هذا ويتحقق بسواعد مصرية وجدت الفرصة للانطلاق وبإرادة جديدة علي النجاح وبرؤية أوضح في التخطيط والقدرة علي إصدار القرار. ويسألني مذيع في أحد برامج الفضائيات.. وكيف تري روح أكتوبر في كل ذلك. وكيف نستعيدها ونحقق مزيداً من النجاحات. وليس في الإجابة صعوبة ولا اجتهادات.. الطريق واضح. وهو أننا في حاجة إلي إدارة ناجحة وإرادة قوية. الإدارة الناجحة هي القادرة علي توظيف الخبرات والكفاءات وتحويل الزيادة السكانية إلي مصدر قوة وإنتاج. والإرادة القوية هي التي تعبر بنا مشاكلنا الحالية لتحولها إلي قوة دفع وإبداع. وخُدُوا بالكم دي مصر.. والمعدن النفيس لا يحتاج إلا إلي إزالة ونفض الغبار من حوله فقط. [email protected]