قانون التأمين الصحي الجديد الشامل الموحد حلم كل مصري منذ السبعينيات وحتي قبيل إندلاع ثورة يناير ودائماً ما كان التمويل يقف حائط صد لتنفيذه فهو يحتاج لميزانية ضخمة قد تصل ل130 مليار بصفة مبدئية لذا لابد من تدخل الدولة بالتمويل الحقيقي خاصة وأن مشاركة مؤسسات المجتمع المدني قد يرفضها البعض لما قد تشوبها من مساوئ أهمها فتح باب المحسوبية والواسطة مع هيكلة الكادر الوظيفي بالمستشفيات حتي تخضع لمعايير الجودة العالمية مع تأهيل وتدريب الأطباء. قال الدكتور محمد العناني مدير عام مستشفي سيد جلال سابقاً ومدير مستشفي جامعة الأزهر التخصيي حالياً أنه تم مناقشة القانون أكثر من مرة خلال عهد الرئيس الأسبق مبارك وتوقف بسبب التمويل ويصعب الآن تطبيقه رغم تطبيقه في عدة دول مماثلة مثل إيرلندا فبالرغم من وجود زيادة سكنية هناك إلا أن كل المواطنين يتمتعوا بالرعاية الصحية الشاملة "hae" الفقراء يتعاملون مثل الأغنياء وأسعار الخدمة العلاجية واحدة في كل مؤسسات وهيئات الدولة ويربط ذلك سيستم معين فالقانون مطبق علي كل الشركات والمستشفيات ونجح بجدارة ولكن في مصر يصعب تطبيقه لوجود تفاوت في الخدمات بالنسبة للفقراء والأغنياء وإفتقار في ثقافة الحرص علي المصلحة العامة والوطن. حيث كل مواطن يحرص علي الاستفادة من القانون وأي ميزة حتي ولو كانت غير مناسبة له بدليل أننا نجده يتحايل علي القانون حتي يحصل علي إمتيازات مخصصة للمرضي الفقراء مثل إحضار شهادات فقر وعمل قرار علاج علي نفقة الدولة مرجعاً ذلك للفساد الإداري والمحسوبيات والواسطة كما أن مستشفياتنا تعاني من نقص في الإمكانيات لقلة الميزانية المخصصة لكل واحدة لذا لابد من ضخ مبالغ من الأموال حتي تكون المستشفيات مهيأة لتطبيق قانون التأمين الجديد. يري العناني أن دخول الجمعيات الأهلية في المشاركة في التمويل سيفتح باب الواسطة والمحسوبية والتحايل علي القانون وبالتالي ضياع حق الغلابة لصالح صاحب الواسطة خاصة الأغنياء لذا يجب إنشاء جهاز إداري لسد أي ثغرات تفتح باب المحسوبية والواسطة. إعادة هيكلة الكادر الوظيفي * يوافقه الرأي الدكتور أحمد سعفان أستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس ووكيل وزارة الصحة للمستشفيات التكاملية الأسبق قائلاً إنه إذا طبق صح مثل باقي دول العالم سيحقق إرتقاء للمنظومة العلاجية وهذا يتطلب وجود فترة إنتقالية من 8 12 عام لتطبيقه بالكامل ولكن سيصطدم بمشكلة خطيرة في المستشفيات الحكومية وهي الهيكل الوظيفي الذي يحتاج إعادة هيكلة حيث أن 70% إداريين و30% فنيين رغم أن العكس هو الصحيح خاصة وأن هناك عجز صارخ للأطباء والتمريض. قال إن وزارة الصحة لديها تمتلك 540 مستشفي عام و86 مستشفي جامعي بها عدد أعضاء من هيئة التدريس الحاصلين علي درجة الدكتوراه 30 ألف و30 ألف طبيب لذا إستحالة تطبيق القانون فوراً كما أن هناك بعد آخر حيث أن غير القادرين هم الذين يتحملوا زيادة قيمة الإشتراكات. واللجوء لمشاركة المجتمع المدني أمر غير مستحب لذا يجب توفير التمويل المطلوب هذا بالإضافة لصعوبة تطبيقه بالمستشفيات الحكومية التي تعاني من سوء الإدارة علماً بأننا نمتلك مستشفيات ذات مواصفات عالمية مثل مستشفي دار السلام وهرمل والشيخ زايد بالسادس من أكتوبر ومستشفي الشيخ زايد آل نهيان بالدويقة علماً بأن نسبة إشغال المستشفيات العامة 30% في حين أن الجامعية 110% لسوء الإدارة والذي يقف عائقاً لتطبيق النظام مشيراً أن فكرة البدء بمستشفيات مدن القناة سيكون مؤشرا وهمياً حيث أن معظم مواطنيها يعملون بشركات بترول ومن شريحة الطبقة القادرة وبالتالي ستكون معدلات النجاح غير صحيحة ولكن الأمر يتطلب عمل طفرة بالهيكل الإداري لكل مستشفي حتي تنجح المنظومة. ميزانية ضخمة * الدكتور إيهاب عماد حنفي وكيل وزارة الصحة بأسوان يؤكد أن النظام سيقدم رعاية صحية جيدة وتم دراسة تطبيقه منذ السبعينيات وحتي قبيل قيام ثورة يناير ولكن كان التمويل دائماً ما يقف حائلاً دون تطبيقه ومعمول به في كبري دول العالم مثل إنجلترا وفرنسا فهو نظام جيد يشمل متلقي العلاج برعاية صحية متميزة باشتراك بسيط وكل فئة لها إشتراك معين ويشارك في تمويله مؤسسات المجتمع المدني علي أن يطبق علي 6 مراحل حتي 2030 وتقسم فيه المحافظات علي هيئة مجموعات وبكل مجموعة يتم تجهيز مستشفياتها والمجموعة الأولي وهي محافظات القناة وشمال وجنوب سيناء وجاري حالياً تجهيز مستشفيات كل محافظة ولم يتم البدء في أي مجموعة إلا بعد إصلاح المستشفيات وإعدادها لتكون مطابقة لمواصفات الجودة العالمية مرحباً بمشاركة المجتمع المدني مما يرفع من مخصصات التمويل ويساعد علي تحسين الخدمة وكل مواطن سيشمله التأمين. * يري هشام شبل كبير أطباء بالهيئة العامة للتأمين الصحي ومدير عام مستشفيات صيدناوي وشبرا ومعهد ناصر الأسبق أن النظام له مزايا فالخدمة تقدم بغض النظر عن التمويل فهو نظام معمول به في معظم دول العالم كما أن فتح الباب لمساهمة ومشاركة المجتمع المدني أمر ضروري لزيادة موارد التمويل والحق في العلاج الذي هو حق دستوري ليس له علاقة بالغني والفقر وحسب ما تتطلبه حالة المريض فهي التي ستفرض مكان تلقيه العلاج حتي وإن كانت مستشفي خاص فندقي خاصة وأن مستشفياتنا الحكومية تعاني من تدني في الخدمة ولكن لن يطبق هذا المشروع إلا بعد تطوير ومطابقتها للجودة. فصل التمويل أهم قرار * يتابع الدكتور محمود عبدالغني مدير عام التأمين الصحي فرع الإسماعيلية الأسبق قائلاً أنه نظام يعتمد علي فكرة فصل التمويل عن تأدية الخدمة وهذا أمر مهم جداً ومرتبط بتكوين مجالس إدارات للجهات المسئولة عن تطبيق النظام بأكمله خاصة وأن تدخل التمويل مع الردارة يعوق أداء الخدمة ويعرقلها كما أن وجود جهة خاصة بالتمويل سوف يساعد علي تحسين الخدمة بطريقة تجعلها علي أحدث مستوي مما يفيد المرضي ويقضي علي عيوب التأمين الصحي الحالي علاوة علي أنه يسمح بوجود هيئة مستقلة للمراقبة والجودة مما يساعد علي أداء أفضل للخدمة ورفع مستوي المستشفيات وبالتالي القضاء علي الزحام أما أن يكون لكل فئة لها إشتراك أخطر عيب في منظومة التأمين الصحي. قال إن تدخل الدولة مطلوب لتقديم خدمة متميزة لصالح متلقي العلاج وليس مشاركات أو تبرعات من بعض رجال الأعمال حتي يكون تمويل حقيقي بمساندة حقيقية وهذا يتطلب إصلاحا إداريا وإعادة نظر للعديد من المستشفيات التي تعاني من تدني الخدمة. يوضح الدكتور علاء غنام عضو في اللجنة المشكلة لإعداد قانون التأمين الصحي الجديد أن المنظومة الجديدة شمل جميع أفراد الأسرة ويشمل الفئات التي تعمل في القطاعات غير الرسمية والأكثر احتياجاً وغير القادرين وتتحمل الدولة تكاليف تغطيتهم في التأمين الصحي بالاضافة لمحدودي الدخل فهو يحقق فكرة التكامل والعدالة في الرعاية الصحية. فهو خطوة إصلاح حقيقية للتأمين الصحي. وأضاف أن تطبيق القانون يعتمد علي ثلاثة كيانات أساسية في توفير الخدمات الصحية للمؤمن عليها وهي هيئة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل وتختص بتوفير التمويل وشراء الخدمات والهيئة العامة للرعاية الصحية التي ستعني بتقديم الخدمات الطبية والكيان الثالث هيئة الاعتماد والجودة للرعاية الصحية وتتولي وضع معايير الجودة واعتماد تطبيقها علي جميع المنشآت التي ستقدم خدمات الرعاية الصحية. وأوضح أن وزير الصحة والمالية وجهوا بتطبيق منظومة التأمين الصحي الجديد علي مراحل زمنية متعددة ويتم التطبيق كل عام بخمس أو ستة محافظات تبدأ بمحافظة بورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال وجنوب سيناء. أما عن مصادر تمويل المقترحة لهيئة التأمين الصحي الاجتماعي الشامل تتم من خلال اشتراكات المستفيدين مع تحديد الخدمات الصحية المقدمة بالإضافة لتحمل الخزانة العامة تكاليف تأمين القطاعات غير الرسمية والتمويل المجتمعي من شركات الأسمنت وشركات السجائر وتراخيص السيارات والطرق.