خلال حديثي الضاحك معه وكنا علي رصيف المحل ننتزع نسمات العصر من بين انياب هجير اغسطس ونحن في عباب الرطوبة نغطس ..تدلي فجأة من اعلي فوق رأسينا "سبت" من بلكون الجيران .. ومنهن سيدات مسنات لطالما ارسلن بما لهن من طلبات .. هب صديقي واقفا بحماس مرحبا باداء المعروف .. ولكنه ابتسم عندما وقعت عيناه علي ماارسلته السيدة ..هنا توقعت انها ارسلت وجبة الغذاء لصديقي كعادتها وغيرها من الجيران .. ولم اتوقع نوع الوجبة لتعطل حاسة الشم لاصابتي بالبرد .. مد صديقي يده ليلتقط زجاجة بلاستيكية حمراء .. هنا بدأت اتوقع ان ذلك هو الكاتشب وبالتالي الوجبة بطاطس وسجق او كفته او هامبرجر ولعلها بيتزا.. وانها ساخنة للغاية .. والدليل ان يد صديقي التقطت قطعة كبيرة من القطن ليمسك بها الاناء الملتهب للوجبة الطازجة..وشعرت بنشوة اليقين عندما رفع صديقي هامته والعينين .. ونظر الي اعلي بأمتنان وحنين .. وقال لها انت كدة لم تتركي شيئا .. ومش عارف اودي جمايلك فين .. وووووو تصدع اليقين .. بكلمة السكين منها ارحم عندما قالت .. دي اللي فيها المرهم .. لم اصدق ماسمعته للحظة قبل ان تلتقط يد صديقي ضمادة عليها مرهم .. لتنهار احلام وجبة جوعي يشتهيها .. والتي كنت حتما سوف اشارك فيها .. وتناثرت في خيالي اطلال الحلم أكثر ..عندما التقطت يده البلا ستر .. فعدت للبداية وتأملت زجاجة الكاتشب فوجدتها مطهر البيتادين ..هنا تذكرت ان سيقان صديقي المسكين .. تضحضحت وتجرحت وتقرحت في حادث موتوسيكل طائش والأجل هو اللي خلاه لسه عايش .. فبادرت ام من الجيران بالحنو علي الشاب الذي يقف طوال ساعات عمله علي سيقانه المصابة .. فعلت ذلك بمشاعر الرحمة والواجب ورصيد المحبة والاحترام وقيم وعادات وتقاليد اهل مصر العظام .. ولولا ان الخيرات متبادلة بين الجيران ماكان هذا قد كان .. السيدة مثل غيرها الابناء بعيدون جدا غالبا ..اما الجيران فهم الاقرب دائما .. استعيدوا زراعة المحبة لتحصدوا ثمارها .. ومصر بخير والله