"سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    ارتفاع أسعار النفط 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز على بيانات اقتصادية    خبير علاقات دولية: انتشار الصراعات أحد أسباب تزايد معدلات الإنفاق العسكري عالميا    مباشر مباراة أرسنال ضد تشيلسي في دربي لندن - (0-0)    تطورات مثيرة في مستقبل تشافي مع برشلونة    فريق سيدات يد الأهلي يتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    حسام حسن يستقر على ضم ثنائي جديد من الأهلي    الونش دهس السيارات.. حادث تصادم على طريق جسر السويس و3 مصابين (تفاصيل)    خالد الجندي عن مسجد السيدة زينب بعد تطويره: تحول إلى لوحة فنية (فيديو)    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    عمرو نبيل مؤسس شُعبة المصورين يضع روشتة علاج لإنهاء أزمة تصوير جنازات المشاهير والشخصيات العامة    «الرقابة الصحية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنوفية لمنح شهادة «جهار _ إيجيكاب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    بشرى سارة.. تعديل كردون مدينة أسوان وزيادة مساحته ل 3 أضعاف    يبقى أم يرحل؟ جوريتسكا يتحدث عن مستقبله مع بايرن ميونيخ    العميد يؤجل طلب إضافة عناصر لجهاز المنتخب لبعد مباراتي بوركينا فاسو وغينيا    صدمة في ليفربول| غياب نجم الفريق لمدة شهرين    البرلمان الأوروبي يوافق على القواعد الجديدة لأوضاع المالية العامة لدول الاتحاد الأوروبي    خرجت بإرادتها لخلافات عائلية.. إعادة فتاة الصف الثانية بعد 48 ساعة اختفاء.. صور    "تعليم البحيرة": تخصيص 125 مقرًا للمراجعة النهائية لطلاب الإعدادية والثانوية - صور    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    المشدد 15 عامًا ل4 مدانين بالشروع في قتل سائق وسرقته بكفر الشيخ    .. وبحث التعاون مع كوريا الجنوبية فى الصناعات البحرية    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    أوكرانيا: روسيا ستقصف أماكن غير متوقعة.. ونحن نستعد لصد أي هجوم    مصر رئيساً لاتحاد المعلمين العرب للدورة الثالثة على التوالي    بدء حفل فني على مسرح قصر ثقافة العريش بحضور وزيرة الثقافة    عمرو يوسف يكشف عن حقيقة وجود جزء ثاني من «شقو»    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بكلمة وزير الأوقاف عن غزة بمؤتمر رابطة العالم الإسلامي    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    "بقى فخم لدرجة مذهلة".. خالد الجندي يشيد بتطوير مسجد السيدة زينب |فيديو    بشرى لأهالي سيناء.. 36 ألف وحدة سكنية و200 فيلا برفح والشيخ زويد    تعديل رسوم التراخيص والغرامات للعائمات الصغيرة بقناة السويس    دراسة: الوجبات السريعة تسبب تلف الدماغ عند الأطفال    غدا.. تدشين مكتب إقليمي لصندوق النقد الدولي بالرياض    للحوامل.. نصائح ضرورية لتجنب المخاطر الصحية في ظل الموجة الحارة    حذر من تكرار مصيره.. من هو الإسرائيلي رون آراد الذي تحدث عنه أبو عبيدة؟    كشف ملابسات سير النقل الثقيل في حارات الملاكي بطريق السويس الصحراوي    التوقيت الصيفي 2024.. مواقيت الصلاة بعد تغيير الساعة    إبداعات فنية وحرفية في ورش ملتقى أهل مصر بمطروح    مؤشر الأسهم السعودية يغلق منخفضا    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    مجرد إعجاب وليس حبا.. رانيا يوسف توضح حقيقة دخولها فى حب جديد    النسب غير كافية.. مفاجأة في شهادة مدير إدارة فرع المنوفية برشوة الري    محافظة الجيزة تزيل سوقا عشوائيا مقام بنهر الطريق بكفر طهرمس    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    رئيس الوزراء يحدد موعد إجازة شم النسيم    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترتيبنا يتحسن 35 مركزاً في مواجهة الفساد .. و6 طرق للمواجهة
مصر.. تتخلص من "الرشوة"
نشر في الجمهورية يوم 13 - 07 - 2017

كشفت احصائيات الاجهزة الأمنية المختصة. انخفاض معدلات الفساد بصورة كبيرة. وتراجع مركز مصر 35 درجة في نسب الفساد العالمي بعد الضربات المتلاحقة للأجهزة الرقابية ضد قلاع الجريمة. مما يؤكد أننا نسير علي الطريق الصحيح. الذي حدده الرئيس عبدالفتاح السيسي.. وهو ما انعكس في صورة رضا المصريين. الذين سجلوا فرحتهم علي مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاج "مصر- بتنضف" و "الرئيس يحارب الفساد".
لكن مازال هناك بعض الأيادي الملوثة بالرشوة. سواء من كبار أو صغار الموظفين. الذين يرفعون شعار "إبرز تنجز" متخذين من الروتين والبيروقراطية وسيلة لابتزاز المواطنين.
"الجمهورية" تفتح هذا الملف الشائك مع خبراء الاقتصاد والقانون وعلم النفس والاجتماع ورجال الدين لكشف أسباب انتشار هذه الجريمة. وكيفية القضاء عليها لمنع عمليات استنزاف جرائم المال العام وغلق الباب في وجه "الفساد الإداري".
خبراء الاقتصاد:
الروتين .. "الباب الخلفي" لإهدار المال العام
تدمر الاستثمار.. وترسخ لمبدأ سيادة "القوة"
د. خالد الشافعي: تغليظ العقوبات علي "الراشي والمرتشي" ضرورة قصوي
أكد د. خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ان جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والسلطات تؤثر بشكل سلبي علي الاستثمارات في مصر حيث تجعل المستثمرين يتخوفون من المخاطرة في إنشاء المشاريع في بلد تنتشر بها الرشوة والمحسوبية وبالتالي البيروقراطية.
يضيف الشافعي هناك عوامل أدت إلي انتشار الرشوة بشكل واسع مما جعلها مكوناً ثقافياً راسخاً في الوعي المجتمعي.. ومنها غياب الرقابة وعدم وضوح الاختصاصات الوظيفية وتضارب القوانين واللوائح بكل أنواعها وسوء التنظيم في الجهاز الإداري والمالي وضعف التنسيق في العمل. بالإضافة لانتشار البيروقراطية والروتين والتعقيد الإداري. مما يدفع بعض أصحاب المعاملات إلي عرض الرشوة لتيسير أمورهم وتذليلها. فضلاً عن انخفاض مستوي الدخل بالمقارنة بمستوي التضخم أو الأسعار المحلية والعجز عن إشباع الاحتياجات المعيشية الضرورية من أهم أسباب انتشار الرشوة.
كما أن سوء توزيع الثروة والموارد الاقتصادية في المجتمع حيث تستحوذ فئة صغيرة علي نسبة كبيرة من الثروة والدخل بينما تعيش الغالبية العظمي تحت خط الفقر مما تسبب في حدوث فجوة بين الأغنياء والفقراء ويكون هذا المناخ مساعداً علي تغذية الميول نحو الفساد ويعد انتشار المحسوبية والعلاقات الاجتماعية في التوظيف علي حساب الكفاءة مؤثراً رئيسياً بالإضافة لعدم وجود العقوبات الرادعة للراشين والمرتشين والمتلاعبين بالأموال العامة وارتفاع درجة مساهمة القطاع العام في النشاط الاقتصادي باعتبار أنه كلما ارتفعت درجة سيطرة هذا القطاع علي الأنشطة الاقتصادية المتعددة ازداد الميل نحو الفساد. وذلك لما ينطوي عليه القطاع من بيروقراطية وضعف عملية الرقابة والمساءلة وصعوبة الكشف عن الرشوة.
الآثار السلبية
ويشير د. خالد الشافعي إلي أن انتشار الرشوة وتفشيها في المجتمع ينتج عنه آثار سلبية علي الفرد وعلي المرافق الحكومية. وعلي المجتمع بأسره. فهي لا تظهر آثارها مباشرة باكتشافها بل مع مرور الوقت تتبين وتتضح. فهي تتراكم مع بعضها البعض ويظهر خطرها فيما بعد.
ومن أهم الآثار المترتبة علي انتشارها طغيان الفساد الإداري والمالي واختلال التوازن الاجتماعي بحثث يصبح المجتمع قائماً علي تبادل المصالح والمنافع فيما بين أفراده.
اختلال التوازن الاقتصادي
وتابع: لكل نظام اقتصادي وظائف أساسية لابد من القيام بها. ومن هذه الوظائف التسنيق بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة بمعني تحديد أنواع السلع التي ينبغي إنتاجها وكيفية استخدام عوامل الإنتاج واختيار أفضل الطرق لاستخدام الموارد ثم توزيع العائد علي الذين ساهموا في الإنتاج وفي شكل الأجور التي يتقاضاها العمال وأرباح أصحاب رءوس الأموال وما إلي ذلك باختصار توزيع العائد علي مختلف أعضاء المجتمع والآثار السلبية للرشوة علي الاقتصاد والتنمية تتلخص في الآتي:
كيفية القضاء علي هذه الجريمة؟
ويطرح د. خالد الشافعي الخبير الاقتصادي حلولاً للحد من هذه الظاهرة والقضاء عليها من أبرزها تفعيل دور جميع الجهات ذات الصلة بمكافحة الرشوة. ويبدأ دورها قبل وقوع الجريمة وليس بعدها حتي لا تتفاقم الأمور وبذلك يهدر المال العام مع تفعيل الردع العام والخاص بإنزال العقاب بالمجرم سواء كان راشياً أو مرتشياً أو "وسيطاً" وتسريع الحكم في هذه الجريمة حتي تظل حاضرة في ذهن المجتمع وأفراده والعمل علي تحسين الوضع الاقتصادي للموظفين ومن أهم أسباب الرشوة هي الأجور المتدنية التي لا تتناسب مع متطلبات المعيشة وغلاء الأسعار والتوزيع العادل للدخل القومي والثروات وتطوير الأنظمة والقوانين الاقتصادية وذلك بما يكفل خلق مناخ استثماري ملائم يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني والحرص علي مواكبة التطور وتفعيل الأعمال الإدارية الإلكترونية والمراجعة المستمرة للأنظمة والإجراءات.
رجال القانون:
"مُخلة بالشرف" وعقوبتها تصل للسجن المؤبد
اللواء عاصم جنيدي: المشرع المصري جرمها.. حفاظاً علي نزاهة الوظيفة العامة
في البداية يعرف المستشار شوكت عز الدين. الرشوة بأنها إتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة. وهي تقضي وجود شخصين موظف أو مستخدم يطلب أو يقبل مقابل قيامه بعمل أو إمتناعه عن عمل من أعمال وظيفته.
وعلي هذا الأساس تكون العبرة في جريمة الرشوة بسلوك الموظف لا بسلوك الطرف الآخر "الراشي" فتقع الرشوة من قبل الموظف ما عرض عليه قبولاً صحيحاً منتوياً العبث بأعمال وظيفته ولو كان الطرف الأخر غير جاد في عرضه. ولا تقع الرشوة إذا لم يكن الموظف جاداً في قبوله كما لو تظاهر بالقبول يسهل القبض علي من يحاول إرشاءه متلبساً بعرض الرشوة.
"الرشوة" هي فعل يرتكبه موظف عام أو شخص ذو صفه عامة عندما يتاجر بمقتضيات وظيفته وذلك حين يطلب لنفسه أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن ذلك العمل أو الاخلال بواجبات وظيفته.
يضيف المستشار عز الدين: الرشوة قد يقترفها المستخدمون أيضاً في المشروعات الخاصة حينما يقبلون لأنفسهم أو لغيرهم أو يقبلون أو يأخذون وعداً أو عطايا بدون علم مخدوميهم ورضائهم وذلك لأداء أعمال قد كلفوا بأدائها أو بالامتناع عن القيام بها.
وتعد الرشوة مظهراً من مظاهر التدهور الأخلاقي والقيم. وقد قيل بحق إن "من أثري بأفعال خبيثة أصبح فقيراً في شرفه"
ولقد أعتني المشرع المصري بتجريم الرشوة وجعل لها باباً خاصاً في قانون العقوبات وهو الباب الثالث وردت فيه المواد من 103 إلي .111
مبيناً فيها حالات الرشوة والعقوبات المنصوص عليها في كل حالة. وتتراوح عقوباتها ما بين السجن العادي والمشدد أو السجن المؤبد بالاضافة إلي الغرامات المقررة.
ويقول اللواء عاصم جنيدي. أن جريمة الرشوة هي علاقة أخذ وعطاء تنشأ باتفاق بين الموظف العام وبين صاحب المصلحة علي حصول الموظف علي رشوة أو حتي علي مجرد وعد بالحصول عليها لقاء قيامه بعمل من أعمال وظيفته يختص به أو امتناعه عن القيام بهذا العمل.
وأكد أن القانون لا يشترط لمعاقبة المرتشي تحقيق نتيجة مادية معينة فهي جريمة سلوك تقع بمجرد طلب الفائدة أو قبول الوعد بها. فلا يشترط أن يحصل الموظف عليها بالفعل ومن الممكن أن يشترك طرف ثالث في جريمة الرشوة ليتوسط بينهما ويطلق عليها "الوسيط".
يضيف اللواء جنيدي أن جريمة الرشوة من أخطر الجرائم المخله بحسن سير الوظيفة العامة لأنها تدفع الموظف العام إلي تغليب المصالح الشخصية علي المصالح العامة. كما أنها تؤدي إلي الإخلال بالمساواة بين المواطنين أمام المرافق العامة. لأنها تجعل الراشي هو من يحصل علي خدماتها ومنافعها. بينما يحرم منها من لا يقدر أو لا يرغب في دفع الرشوة. بالاضافة إلي أنها تؤدي إلي الإخلال بالمساواة حتي بين الموظفين أنفسهم. لأن الموظف المرتشي ينال دخلاً يفوق ما يناله زميله غير المرتشي. وهذا ما قد يشجعه علي تقليده رغبه منه في زيادة دخله. ولهذا ينتشر الفساد في مرافق الدولة ويفقد المواطنون ثقتهم في عدالة أجهزتها ومن هنا يجرم المشرع المصري الرشوة بصورها المختلفة حفاظاً علي نزاهة الوظيفة العامة وسلامة المرافق الحكومية من الفساد.
علماء الدين:
أعظم الكبائر.. و"نار" يوم القيامة
اتفق علماء الفقه علي إن جرائم الرشوة تعد من الجرائم الكبري لأنها تؤدي إلي ضياع الحقوق بين المواطنين ولأنها مظلمة يوم القيامة وتعطي الحق لمن ليس له حق ويعتبر ذلك إثما.
يقول د. محمد فوزي عبدالحي استاذ التفسير بجامعة الأزهر. أن الرشوة من أعظم الكبائر التي حرمها الإسلام فهي تؤدي إلي ضياع الحقوق وإعطاء بعض الناس ما ليس لهم من حق. فالراشي إنما يتوصل بالرشوة إلي الاستيلاء علي ما ليس له بحق.
أضاف: حرم الإسلام الرشوة صراحة في نصوص القرآن والسنة. قال تعالي: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" فهذه الأية صريحة في تحريم مصادقة الحكام أو القضاة أو الولاة وأعطائهم المال وصولاً إلي ما ليس للمرء بحق من وظيفته أو حيازة أرض أو الحصول علي مسكن أو الفوز بمناقصة أو القبول في معهد أو كلية وتخطي غيره من أهل الاستحقاق. ولذلك فإن رسول الله لعن الراشي وهو الذي يعطي الرشوة والمرتشي وهو آخذ الرشوة. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لعنة الله علي الراشي والمرتشي".
قال إن أهل العلم استثنوا حالة واحدة حيث يجوز المرء فيها إعطاء الرشوة دون وقوعه في الأثم مع تحمل المرتشي الأثم كله وهي حالة ما إذا وقع عليه ظلم أو ضاع منه حقه. كان له دفع الرشوة لرفع المظلمة أو ضياع الحق أمراً واقعاً محققاً لا متوهاً أو مظنوناً. والشرط الثاني أن يكون قد استنفد كل السبل لرفع المظلمة واسترداد الحق ولكن باءت كل محاولاته بالإخفاق.
ولا ننسي في هذه المناسبة ان نحذر أكل المال الحرام لمن يقبلون الرشوة. فقال النبي صلي الله عليه وسلم "إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم نار يوم القيامة" كما قال صلي الله عليه وسلم لصاحبه كعب أبن عجره. "أنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبت من سحت. النار أولي به" وفي حديث أبن مسعود "لا يعجبنك جامع المال من غير حله.. فأنه إن تصدق لم يقبل منه وما بقي كان زاده إلي النار".
وطالب د. محمد فوزي عبدالحي علي كل مواطن صالح أن يعرف حق المواطنين. فلا يتعدي عليهم وبذلك تصل الحقوق إلي أهلها وتتربي الأجيال علي الوفاء بالأمانات واحترام القوانين ومجانبة الحرام. وهو ما يعطي أجيال المستقبل أملاً وإيماناً بأوطانهم ومجتمعهم. كما يأمنون علي مستقبل أولادهم مما يعزز الدفع بهم إلي مضمار العلم والعمل والجد والمثابرة لتيقن كل مواطن بحصوله علي ما يستحق من أجر أو عمل أو مكان أو منصب وفق عمله وكفاءته وخبراته وعلمه. وبذلك تتحسن جودة الحياة بإرتفاع جودة العمل وشيوع روح العلم والاجتهاد في كافة المجالات. وقال الله تعالي "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً".
وأكد د. حامد أبو طالب استاذ الفقه بجامعة الأزهر. أن الإسلام حرم أخذ الحقوق بغير حق ويمثل ذلك نوعاً من الظلم وكذلك يحرم أخذ أموال الناس بالباطل أو انتقاص حقوقهم مستعيناً في ذلك بجريمة أخري وهي الرشوة. ويقصد بالرشوة إعطاء شيء من مال أو من غير المال بقصد ترضية قلب الشخص الأخر لإعطائه حقاً ليس للراشي.
وأضاف أن هذه الجريمة فضلاً عن أنها أخذ حق الغير بدون وجه حق فأنها تمثل خطراً علي المجتمع لأن المرتشي من أخذ ما ليس له ولعن رسول الله صلي الله عليه وسلم والدائن هو الشخص الذي يساعد الراشي في توصيل الرشوة للمرتشي والذي يسمي "الوسيط" لأنه يفسد الشخص الذي يأخذ مال الرشوة ويتسبب في أخذ الراشي حق الغير.
وأخيراً.. لا شك في أن الرشوة أسلوب ردئ وسيئ يسبب ظلما في المجتمعات وعلينا جميعاً أن نحاربه بكل وسيلة ممكنة.
أساتذة علم النفس والاجتماع:
انحراف سلوكي.. فساد أخلاقي.. وانعدام ضمير
محمد بدر: "المرتشي" شخص "وضيع".. شعاره "البحر يحب الزيادة"
يري محمد بدر أخصائي علم الاجتماع أن فساد المسئولين سببه الجشع وأساسه الحاجة المادية ويحدث عادة عندما يقبل الموظف الرشوة أو يطلبها أو ممارسة ابتزاز لتحقيق مآرب خاصة أو باستغلال الوظيفة العامة واختلاس أموال الدولة.
وتتنوع أشكال الفساد فمنها الفساد المالي الذي ينتشر في شكل الرشوة. والاختلاس. والتهرب الضريبي والإسراف في استخدام المال العام. علاوة علي الفساد الأخلاقي الذي تشير إليه الانحرافات السلوكية للموظف كأن يسيء إلي مصلحة الجمهور أو أن يطلب هدية أو مقابلاً مادياً.
يضيف: للفساد أوجه كثيرة فهو ظاهرة متشعبة الجوانب.. وقضايا الفساد كما تظهرها المعطيات الواقعية لا ترتبط بالضرورة بالعوز المادي أو بالتنشئة الاجتماعية سوي أن المرتشي شخص "وضيع" ولكن المجتمع يحتاج إلي ضرورة التفكير في إجراء دراسات واقعية اجتماعية تعكس الواقع الفعلي للظاهرة للكشف عن العوامل المتسببة فيها لتكون الأساس الذي يعتمد عليه في تحديد سبل ضبط الفساد أو السيطرة عليه.
يري محمد بدر أن مكافحة الفساد تتطلب بداية العودة إلي الضمير أو الواعظ الداخلي للإنسان. والذي من شأنه أن يسمح للإنسان بأن يراقب نفسه بنفسه. وهذه الخطوة الأساسية مسئولية أطراف عديدة أهمها الأسرة المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام.
كما تتطلب ان يتم الانتقاء بالقيادة علي مستوي كافة القطاعات وفق معايير المهنية والالتزام بأداء الواجب فالمسئول الصالح يمكن أن يكون قدوة في محيطه في ترسيخ مبدأ المواطنة الصالحة والعكس صحيح.
يقول د. أحمد داود الخبير النفسي إن جرائم الرشوة من وجهة النظر النفسية سواء كانت كبيرة أو صغيرة يعود إلي أسلوب التربية في المقام الأول فالطفل وهو صغير يتربي برطيقة خاطئة وببعض المفاهيم المغلوطة مما تجعله يلجأ إلي وسائل وأساليب ملتوية للهروب من العقاب لذلك الرشوة فساد أخلاقي وسلوكي نابع من التربية.
أضاف ان العامل الأساسي عند بعض الذين لجأوا إلي جرائم الرشوة هو الحاجة المادية بالإضافة إلي الفقر الذي يساعد علي انتشار هذا النوع من الجرائم لمواجهة احتياجات الشخص ومتطلباته الشخصية مما يدفعه للجوء إلي الحل السريع وهو استغلال منصبه أو المتاح في عمله لتزويد دخله.
أوضح داود ان بعض هؤلاء المرتشين لا يحتاجون إلي المال ولكنهم يتقاضون رشوة بمبالغ كبيرة جداً مثل قضايا الفساد الشهيرة وهذا في المقام الأول يرجع إلي الفساد الأخلاقي الذي يأخذه إلي تطبيق مثل "البحر يحب الزيادة" بالإضافة إلي انعدام الضمير الذي يرجع تكوينه في البداية إلي التربية في الطفل علي صحوة الضمير ليس الخوف أو الهروب من العقاب.
أشهر القضايا
"هلال" حصل علي عضوية "الأهلي"
و16 تأشيرة حج.. لتقنين 2500 فدان
اتخذ بعض الفاسدين من وظائفهم وسيلة للتربح والاستيلاء علي المال العام. وأموال المواطنين بالتزوير والمماطلة المتعمدة وابتزاز أصحاب الحقوق.
من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام خلال الفترة الأخيرة قضية وزير الزراعة و"الرشوة الكبري بمجلس الدولة" و"وكيل مصلحة خبراء العدل". و"مفتش الصحة" و"مسئول وزارة التخطيط" وقضايا أخري كثيرة أتهم فيها مسئولون في الضرائب وإداريون في الأحياء ومهندسون وموظفون عموميون وأمناء شرطة جميعهم استغلوا مناصبهم لجمع الأموال وكشفت الأجهزة سر هؤلاء للرأي العام ليكونوا عبرة لغيرهم.
ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض علي وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال بعد 10 دقائق من مغادرته مجلس الوزراء عقب تقديم استقالته وأمرت النيابة بحبسه ومدير مكتبه الراشي والوسيط وتبين ان القضية خاصة بحصول مسئولي وزارة الزراعة أشياء عينية ممثلة في بعض الهدايا وطلب بعض العقارات من المتهم مقابل تقنين إجراءات مساحة أرض قدرها 2500 فدان في وادي النطرون.
من بين هذه الهدايا "عضوية عاملة في النداي الأهلي ب 140 ألف جنيه لأحد المتهمين ومجموعة ملابس من محلات راقية ب 230 ألف جنيه. وهاتف محمول ب 11 ألف جنيه. وإفطار في أحد الفنادق في شهر رمضان بتكلفة 14 ألفاً و500 جنيه وطلب سفر لأسر المتهمين وعددهم 16 فرداً لأداء الحج بتكلفة 70 ألف ريال للفرد. وطلب وحدة سكنية بأكتوبر ب 8 ملايين و250 ألف جنيه".
كما ضبطت الرقابة الإدارية مسئول المشتريات بمجلس الدولة عقب تقاضيه رشوة. وبتفتيش منزله عثروا علي 24 مليون جنيه مصري بالإضافة إلي 4 ملايين دولار أمريكي و2 مليون يورو ومليون ريال سعودي وكمية كبيرة من المشغولات الذهبية بخلاف العقارات والسيارات التي يملكها.
كما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من ضبط وكيل مصلحة الخبراء بوزارة العدل أثناء تقاضيه رشوة 350 ألف جنيه بأحد الأندية في مصر الجديدة.
وجاءت عملية القبض عليه عقب تقدم صاحب شركة مقاولات ببلاغ للرقابة الإدارية يتضمن طلب وكيل مصلحة الخبراء مبلغاً مالياً مقابل كتابة تقرير خاص بإحدي مديونيات الجهات الحكومية لصالح المبلغ وبعد تقنين الإجراءات واستئذان النيابة العامة تمكنت الرقابة الإدارية من ضبط المتهم أثناء تقاضيه مبلغ ال 350 مليون جنيه.
تمكنت الرقابة الإدارية من ضبط مدير المشتريات بوزارة التخطيط عقب تقاضيه 3.1 مليون جنيه كرشوة من إحدي الشركات الموردة لأجهزة حواسب آلية ومعدات إلكترونية وكابلات لوزارة التخطيط مقابل تسريب معلومات عن عروض الشركات المنافسة وتسهيل صرف المستخلصات المالية والتي تزيد قيمتها علي 100پمليون جنيه مما يؤثر علي تنافسية العطاءات ويؤدي إلي حصول الوزارة علي الأجهزة والمعدات بأسعار مغالي فيها.
كما ضبطت الرقابة الإدارية تشكيل عصابي مكون من مأموري ضرائب ومحاسبين قانونيين وممولين بعد طلبهم مليون جنيه رشوة مقابل تقديم واستخدام فواتير مزورة منسوبة لبعض الشركات بقيمة 249 مليون جنيه. بهدف إسقاط الضرائب المستحقة للدولة.
وتمكنت الرقابة الإدارية من ضبط مدير عام المشوعات الصغيرة بأحد البنوك تقاضي وآخرون 2 مليون جنيه علي سبيل الرشوة مقابل منح وتخصيص قروض بموجب مستندات مصطنعة.
واستغل المتهمون مبادرة البنك المركزي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمنح الشباب قروضاً منخفضة الفائدة بالتلاعب بالمستندات في منح قروض بلغ ما أمكنم حصره منها حتي الآن حوالي 25 مليون جنيه وتم ضبطهم حال اقتسامهم مبلغ الرشوة التي حصلوا عليها.
وتم ضبط مفتش آثار بالجيزة متلبساً بتقاضي رشاوي بقيمة مليون و150 ألف جنيه وذلك من واضعي يد علي قطعة أرض مساحتها 61 فداناً تبلغ قيمتها 280 مليون جنيه مملوكة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي وتم وضعها تحت إشراف وزارة الاثار بعد وجود شواهد أثرية تدل علي وجود آثار في الأرض .
فيما ألقت الأجهزة الأمنية علقبض علي أمين شرطة بأحد أقسام الشرطة زعم انه يعمل بوحدة تنفيذ الأحكام علي خلاف حقيقة عمله كسائق تابع للقسم. وأوهم سمسار عقارات بسلطته ونفوذه في عدم تنفيذ حكم حبس ضده في قضية نفقة مقامة من زوجته. وقام بمساومته وطلب منه 5 آلاف جنيه مقابل عدم التنفيذ واتفق نجل السمسار مع الأمين علي ان يعطيه ألفين فقط وان هنذه العملية لا تستحق أكثر من ذلك فوافق المتهم علي المبلغ إلا أن ابنه أبلغ الشرطة عن واقعة ابتزاز والده وأثناء عملية دفع المبلغ المالي بإحدي المقاهي بمنطقة حدائق حلوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.