لن ينسي المجتمع بسهولة صورة برج الأزاريطة المائل بالإسكندرية.. فقد جسدت ببساطة فساد كثير من الأوضاع والأجهزة والضمائر بما يوجب "صحوة" لابد أن تدق أجراسها بمنتهي القوة والحسم. تتكاتف في ذلك وتتكامل سائر مؤسسات الدولة لكي يقوم كل جهاز بدوره علي الوجه الأكمل الذي يرضي اللَّه ورسوله. .. ليس الفساد في برج الأزاريطة وحده.. وإنما هناك المئات. بل الآلاف من الأبراج تظهر بين عشية وضحاها. حتي أسماها البعض "أبراج اليوم الواحد" استناداً إلي عنصر السرعة الفائقة بين دق الأساسات وبين البرج الشاهق. حال اكتماله. عندما تتحدث تقارير رسمية عن 90 في المائة من عقارات مصر. قد بنيت بالمخالفة.. فالمؤكد أن عواراً شديداً قد أدي إلي هذه النتيجة. بما يوجب مراجعة شاملة لسائر التشريعات المنظمة للبناء وأهمها بالطبع القانون سييء السمعة "119" الذي يذكرنا بفيلم "جعلوني مجرماً" أو بالأحري "جعلوني مخالفاً". الأمر الثاني: أن قبضة الدولة تراخت لسنوات طويلة مضت اختلت خلالها القيم.. وصار لازماً الآن.. وقد نجحت حملة الدولة في استعادة أرض الشعب.. أن تكشر الدولة عن أنيابها. بحيث يتساوي أمام القانون.. وأمام المخالفات.. والإجراءات في مواجهتها كل الناس. أقول كل الناس.. غنيهم وفقيرهم.. كبيرهم وصغيرهم.. فإن القانون إذا ساد وقويت شوكة القائمين علي تنفيذه. تحقق العدل. وعمَّت المساواة. وأحس كل مواطن بأن يد القانون تطاله. .. الأمر الثالث.. حتمية قيام كل مؤسسات الدولة بواجبها نحو بناء الإنسان.. وإعادة منظومة القيم بما يعلي من قيمة الالتزام.. ويؤكد الانضباط وينشر قيمة احترام القانون.. وسيادته علي الجميع. فإن من يخالف لابد أن فيروس المخالفة قد تسلل إليه من ركن ضعيف.. وبالتالي فإن بناء الإنسان وتحصينه. سوف يحد من شيوع المخالفة.. والتفاخر بالمجاهرة بها. .. الأمر الرابع.. لابد من نظرة جديدة لموظفي المحليات. فإن اتهامهم بالفساد "عمال علي بطال" يجعلهم مثل الابن الذي يناديه والده كل صباح "تعال يا فاشل".. تعال يا فاسد.. عندئذي ننزع عنه ما فطره الله عليه من نزوع للخير.. وميل للالتزام. إن قضية أبراج اليوم الواحد لا تتعلق بحالة أو حي أو محافظة بذاتها. وإنما بمجتمع كامل حان له أن يتطهر.