30 عاماً مضت علي رحيل أسطورة الغناء النجمة العالمية المصرية المولد الإيطالية الجنسية "داليدا".. ورغم مرور تلك السنوات الطوال إلا أن جمهورها مازال يبكي رحيلها ويردد أغانيها في كل مكان في العالم والتي وصلت إلي أكثر من "500 أغنية" بتسع لغات هي الفرنسية والإيطالية والأسبانية والألمانية والهولندية والتركية واليابانية.. والعربية حيث غنت باللهجة المصرية عشر أغنيات أشهرها سالمة يا سلامة.. وحلوة يا بلدي ألحان بليغ حمدي. حققت داليدا مجداً وشهرة ونجومية لم تصل إليها أي مطربة أوروبية حتي إنها باعت أكثر من "130 مليون اسطوانة" في جميع أنحاء العالم. وفازت ب155 اسطوانة ذهبية. وفي فرنسا البلد التي احتضنت موهبتها أطلقوا عليها لقب "أميرة الشمس".. وكرمها الرئيس الفرنسي شارل ديجول بإهدائها وسام الفنون والأداب. كما كرمتها فرنسا أيضاً بأن وضعت صورتها علي طابع بريد. وصنعت لها تمثالاً بحجمها الطبيعي ووضع علي قبرها عام 2001 بعد 14 عاماً علي رحيلها.. كما أطلق اسمها علي أحد الميادين الرئيسية في باريس بحي مونمارتو ووضع في منتصفه تمثال نصفي لداليدا. بنت شبرا ولدت بولاندا بيغلبوني والشهيرة باسم "داليدا" في 17 يناير 1933 بأحد الشوارع الصغيرة في حي شبرا من أبوين إيطاليين تعود أصولهما إلي جزيرة "كالا بريا" في جنوبإيطاليا هاجرا إلي مصر في بداية القرن الماضي بحثا عن الرزق حيث كانت مصر مزدهرة اقتصادياً.. وبلداً أمناً.. بينما تعاني إيطاليا من الحروب المتتالية في أوروبا.. فجاء والدها ليعمل عازفاً في أوركسترا الأوبرا. كادت تصاب داليدا بالعمي وهي طفلة رضيعة حيث اكتشف الطبيب بأن هناك بقعة غريبة في عينيها الصغيرتين فأمر بأن تغطي عينيها أصيبت ب"الحول" فكانت زميلاتها يسخرن منها حتي أجرت ثلاث عمليات نجحت في أن تعيد عينيها بل وتصبح من أجمل العيون. عانت داليدا مع أسرتها من الفقر بعدما اعتقل الإنجليز والدها بسبب حربهم مع إيطاليا فعاش في السجن ثلاث سنوات فاضطرت الأم أن تعمل في مهنة الخياطة حتي يجد أطفالها ما يأكلون إلي أن خرج والدها من السجن مع نهاية الحرب العالمية الثانية إلا أنه أصيب بجلطة وتوفي.. فنزلت داليدا سوق العمل وعملت كسكرتيرة في أحد مصانع الأدوية وتكتب علي الألة الكاتبة. ملكة جمال مصر كانت داليدا تمتلك حلم الشهرة والنجومية وتمنت أن تكون ممثلة مثل عمتها الممثلة إلينار ديوس حتي قرأت إعلاناً عن مسابقة لملكة جمال مصر.. فتقدمت إليها وهي تتذكر بأنها فازت فيما سبق بجائزة أجمل طفلة. وذهبت للأوبرج وارتدت المايوه لتأتي المفاجأة بالفوز بلقب ملكة جمال مصر.. وكافأتها أمها بعقابها بقص جزء من شعرها. جاء فوزها بلقب ملكة جمال مصر عام 1954إلي جانب جمالها الأخاذ جواز مرور لعالم السينما فكان أول ظهور لها في فيلم "ارحم دموعي" بطولة فاتن حمامة ويحيي شاهين إخراج هنري بركات ولعبت فيه دور فتاة تتجول علي البلاج. وفي العام التالي اختارها المخرج نيازي مصطفي لتلعب دوراً صغيراً باسم "دليلة" وهو الاسم الذي جعلته إسماً فنياً لها وذلك في فيلم "سيجارة وكأس" في دور ممرضة أمام سامية جمال وسراج منير. التقت بالمخرج الفرنسي ماركو دي جستين عندما كان يقوم بتصوير فيلم "توت عنخ أمون" في الأقصر وأسند لها دوراً صغيراً وهناك التقت بالممثل الشاب عمر الشريف في أول أعماله صراع في الوادي إلا أن المخرج الفرنسي نصحها بالسفر إلي باريس ونصحها بالغناء.. فانتقلت إلي باريس ولكنها لم تحقق النجاح في أن تكون ممثلة فاضطرت للعمل كمطربة في ملاهي الشانزليزيه وظلت ما يقرب من العامين.. وتصادف أن التقت في منزلها المتواضع بشاب وسيم يبحث عن فرصة أيضا وهو الذي أصبح النجم الان ديلون. ومع حالة اليأس والفقر أعدت نفسها للعودة إلي مصر حتي نصحها البعض بأن تتقدم في حفل مفتوح للمواهب الشابة بمسرح الأوليمبيا الشهير.. وفي تلك الليلة حققت النجاح ولفتت الأنظار وأعجب بها لوسيان موريس مدير إذاعة أوروبا وكان مؤيداً لها.. وخلال ثلاث سنوات أصبحت داليدا نجمة من نجوم فرنسا وحققت أغنيتها الأولي "بامبينو" نجاحاً لها وشهرة سريعة.. وحصلت علي جائزة الأوسكار من إذاعة مونت كارلو كأحسن مطربة تضرب أرقاماً قياسية في عدد مرات إذاعة أغانيها. أصبحت داليدا هي رمز للشباب والفتيات ووقع في حبها الكثير حتي إن أزواجها وعشاقها انتحروا حباً فيها.. فكانت قد تزوجت من لوسيان موريس مدير إذاعة أوروبا المغرم بها إلا أنها انفصلت عنه بعد شهور قليلة بعدما أحبت شخصاً آخر. فتزوج لوسيان من امرأة أخري ولكنه لم يستمر معها فحاول العودة لداليدا فرفضت فانتحر بمسدسه فكانت الصدمة الأولي في حياتها. وفي عام 1967 وقعت في حب شاب إيطالي يدعي لويجي تانجو كان يسعي للنجومية ولكنه فشل في مسابقة مهرجان ريمو الموسيقي بإيطاليا فلم يتحمل الفشل فانتحر. وفي السبعينيات ارتبطت بشاب فرنسي يدعي اليشار ولكن القصة انتهت بالفشل فانتحر هو أيضا. انتحرت داليدا ثلاث مرات.. الأولي في أوائل الستينيات عندما فشل عدد من أغانيها فأقدمت علي الانتحار وأنقذها شقيقها بأعجوبة بعدما تناولت الحبوب المهدئة. وحاولت أيضاً في المرة الثانية بعدما اكتشفت جثة حبيبها الإيطالي المنتحر. أما المرة الثالثة والأخيرة فهي التي نجحت فيها بعد أن أصيبت بالاكتئاب لوحدتها.. وعدم قدرتها علي الانجاب بسبب إسقاطها لحملها وهي مازالت شابة مما ترك أثراً في عدم إنجابها مرة أخري لتتوفي عن عمر 54 عاماً ويوم الأربعاء الماضي 3 مايو يمر علي رحيلها 30 عاما. ويتردد أيضا أن من أسباب انتحارها فشل فيلمها الأخير "اليوم السادس" للمخرج يوسف شاهين والذي كان آخر أفلامها السينمائية "الدستة" وتترك رسالة لجمهورها "سامحوني.. الحياة لا تطاق".