أحسن الأزهر صنعا عندما لم يذهب شيخه الإمام الأكبر أحمد الطيب أو يبعث بأحد المسئولين لديه للرد علي ما قاله الباحث إسلام بحيري مع عمرو أديب في برنامجه "كل يوم" لقد ظل إسلام علي مدي يقترب من الساعتين يتحدث عن امتلاء الأزهر بالإخوان ورفضهم تجديد الخطاب الديني وفساد الفكر والتعليم في الأزهر الذي يصر علي تدريس أفكار تحض علي القتل وتكفير الآخر ولم يأخذ البرنامج في اعتباره مسبقا أن يكون متواجدا من الأزهر من يقارع الحجة بالحجة وهذه أبسط قواعد العمل الإعلامي انني أعتبر أن هذا اللقاء هو واحد من سلسلة الفوضي والبلطجة الإعلامية التي نعيشها منذ ثورة 25 يناير 2011 بل انني أتصور في هذه الأجواء لو أن أحدا من الأزهر كان قد حضر اللقاء مع إسلام لكنا قد شهدنا "سيرك" من المهاترات علي الهواء سبق أن شاهدنا نموذجا له من قبل وكان بحيري أحد أطرافه وفي النهاية فإنه كان سيقلل من مكانة الأزهر ويسقط من هيبته كمؤسسة لها وضعيتها وتاريخها في العالم أو ملطشة أمام أي إنسان عثر علي بعض السلبيات فيها وهنا يكون هناك فرق بين أن يتعرض الأزهر لهجوم من شخص مثل إسلام وبين أن يهاجم الأزهر إنسان مثله بالقطع ستكون الصورة مهتزة بل إن حضور ممثل كبير عن الأزهر وتبريره ما قاله إسلام سوف يعني بالضرورة أن إسلام سوف يكون له حق الرد وإلا غضب من عمروأديب وذهب إلي قناة أخري تريد الدخول في هذا المعترك لكسب مادة إعلامية وإعلانات ونوعيات مشاهدين عطشي للتراشقات وادمان الاستمتاع به قبل النوم يوميا. لقد أعلن عمرو أديب أن الأزهر أبلغه بوجود إمام لأحد المساجد جاهز للتوجه إلي البرنامج للرد علي ما قاله إسلام بحيري وكانت المفاجأة أن عمروأديب رفض حضور هذا الإمام وتساءل في استنكار كيف يقبل برنامجه أن يكون إمام في جامع هو الذي يرد علي ما قاله إسلام بحيري في الوقت الذي فهمنا منه أن هذا الإمام هو ممثل الأزهر وأنه كإمام جدير بتفنيد ما قاله بحيري والرد عليه لقد رفض استقبال هذا الإمام وقال لابد أن يكون القادم من الأزهر شخصية كبيرة ليس بالضرورة إمامه الأكبر ولكن مسئولا لديه أو ممثلا في جهازه الإعلامي وأنه مستعد لاستقباله ولو بعد عام ويبقي حق الأزهر قائما في الرد علي الاتهامات الموجهة إليه أو تظل هذه الرسالة الإعلامية ناقصة. في رأيي فإن ما حدث هو حلقة في سلسلة الهجوم علي الأزهرالشريف كمدخل مجاني لهز مكانته وهدمه أمام العالم مسلميه ومسيحييه بعد أن استعصت أركانه الثابتة علي الهدم بعد ثورة 25 يناير وبعد أن كانت مؤسسات أخري قد سقطت ويبدو أن المحاولات ستظل قائمة ومستمرة في الانقضاض عليه وكانت لحظة وصول بابا الفاتيكان إلي مصر ملائمة لشغل الإمام وصرفه عن ترتيب وإعداد التفاصيل اللائقة باستقباله ولقد كنت أتصور أنه بدلا من استضافة اسلام بحيري ليكون هو المنقذ للأزهر ونقده لعلاج سلبياته فإذا به يجعل من هذه الاستضافة منبرا لنيل براءته من تهمة سجنه والانتقام مما حدث له كنت أتصور أن البديل أمام عمرو أديب أن يدعو بالاتفاق مع رجالات الأزهر إلي مؤتمر عام أو مائدة مستديرة لمناقشة مشاكل الأزهر تراعي تاريخه واحترام مكانته وفي هذا المؤتمر تطرح كل الاتهامات الموجهة للأزهر ويتم الرد عليها والتي منها أن إدارته الحالية راعية لداعش -هكذا قال إسلام- والموقف من إعادة النظر في اختيار شيخ الأزهر ومدته وحصانته الوهمية والعداء له عداء للإسلام والمذهب الأشعري وتوضيح حقيقة الموقف من بعض رجاله المنتمين للإخوان ويديرون شئونه وانهم يبيحون دماء الناس ثم كيفية التعامل مع بعض كتب التراث التي تدرس مواقف الأئمة الأربعة من الأحاديث النبوية الضعيفة وأن يتم طرح قضية فصل كليات العلوم الحديثة عن العلوم الدينية التي هي أساس الدراسة بالأزهر وأن يجري تحليل دقيق لحالة المعاهد الدينية الأزهرية بدلا من تشويه صورته باستقبال مكالمة لمواطن يتحدث فيها عن خلو المعاهد من الدارسين وأنه أخرج أبناءه منها وهي دعوة مريبة علي الهواء.