لم نكن بحاجة للتسرُّع في الإعلان عن هوية تمثال المطرية المكتشف مؤخراً نظراً لأن الغالبية احتاروا ما بين أن ينتمي التمثال لرمسيس الثاني أو للملك بسماتيك الأول حتي لا نقع تحت طائلة النُكت والسخرية العالمية ويكفينا أننا استخرجنا الرأس بطريقة خاطئة وسط مشهد عشوائي وبدون ترتيب!! * ومن المعروف أن البحث العلمي الرشيد في الكشف عن الآثار يستدعي عدم الإفصاح عن أسراره إلا بعد انتهاء أعمال التنقيب تماماً.. خاصة أن العالم بالخارج يدرسون الحضارة المصرية القديمة بشغف شديد ويدركون تاريخنا القديم جيداً. * وأعتقد أن النص المصري القديم ليس الوسيلة الأساسية والمرجع النهائي للتأكيد علي أن الكشف الأثري ينتمي أو يتعلق برمسيس الأول أو الثاني أو حتي الملك بسماتيك ولو كان الرابع عشر!! * وفي تصوري أن لدينا عناصر أخري يمكن استغلالها للاستدلال علي أن الأثر ينتمي تحديداً لملك معين من إحدي الأسر المصرية القديمة... بالإضافة إلي دراسة المنطقة المحيطة بالكشف الأثري وما تم كشفه من قبل بنفس المنطقة خلال الفترات السابقة.. بجانب طبيعة الطبقات بالمنطقة. * بالتأكيد الكشف الأثري الأخير أفضل دعاية سياحية لمصر دفعت العالم لأن تتجه أنظاره مرة أخري ناحيتنا.. ولكن من الملاحظ أن الجانب الألماني المشارك في الكشف لم يفصح حتي الان بمعلومات عن طبيعة الكشف انتظاراً لم يسفر عنه البحث العلمي الدقيق وتأكيداً من جانبهم بأن الكلمة والتصريح لديهم التزام.. بدلاً من الارتكاز علي طريقة "الفشخرة" و"البعبعة"!! * ربما اختلط الأمر علي بعض الأثريين فيما يتعلق بالتمثال المكتشف خاصة أنه تم في عام 1992 الكشف عن خرطوش ملكي يرجع غالباً لعصر رمسيس الأول باعتباره رأس ملوك الأسرة 19 بمنطقة الرشاح بالأميرية القريبة من المطرية ولذلك جاء الإعلان مبكراً عن أن التمثال خاص بالملك رمسيس. ** ويؤكد الخبير الأثري د.خالد غريب رئيس قسم الآثار اليونانية والرومانية بجامعة القاهرة علي أن مدينة أون التي تقع بمنطقة عين شمس وعرب الحصن وعزبة المطاريد والرشاح والمطرية والمسلة والتي تم فيها الكشف عن العديد من الآثار الفرعونية تعتبر خلاصة ثقافة وحضارة مصر والتي أثارت اعجاب العالم وبالتالي اكتشفنا أن الفُرس عندما خرجوا من مصر عام 404 قبل الميلاد وبعد احتلالهم الأول لمصر حاولوا سرقة التماثيل المطروحة بالمدينة لإذلال المصريين في حين أن البطالمة ظلوا يفتخرون بأنهم قاموا بإعادتها لأصلها!! * والاكتشاف الذي سبق وأن تم الإعلان عنه وبخاصة سور المدينة يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المنطقة كانت امتداداً لتواجد أسرة الرعامسة!! ** ومن المؤكد أن هذه المنطقة تعيش علي بحر من الآثار وبالتالي لولا الفساد الذي جري طوال سنوات سابقة ما تم إقامة مثل هذه المباني الأسمنتية التي تم السماح لها بالحصول علي تراخيص البناء والكهرباء والمياه.. وبالتالي بما يدعونا للبحث مستقبلاً في كيفية إخلاء المنطقة ونقل الأسر لمناطق أكثر رُقياً في الخدمات حتي نتمكن من استعادة مدينة أون الفرعونية!!