25 عاماً مضت علي إقامة مهرجان الموسيقي العربية والذي أصبح عيداً سنوياً للموسيقي العربية الرصينة الأصيلة تقدم خلاله فنون تراثنا المصري والعربي والذي يمتد لأواخر القرن قبل الماضي إلي جانب الموشحات الاندلسية.. وأصبح المهرجان حائط صد بالفعل للخزعبلات الموسيقية التي تظهر بين الفينة والأخري علي الساحة تأخذ من عقول ووجدان ومشاعر شبابنا الذي ينساق لهذا النوع من الموسيقي الهابطة والتي تعبر عن ثقافة الشارع الضحلة. جاءت فكرة مهرجان الموسيقي العربية والذي تحتفل هذا العام بيوبيله الفضي بالمصادفة عندما اقامت الفنانة الراحلة د. رتيبة الحفني عام 1991 احتفالية كبري لعدة أيام احتفالاً بمرور 25 عاماً علي انشاء فرقة الموسيقي العربية.. وقامت بدعوة عدد من أساطين الموسيقي وباحثيها من مصر والدول العربية ليدلوا بأرائهم وأبحاثهم ويلقوا محاضرات عن موسيقانا في مؤتمر للموسيقي العربية.. واقيمت علي هامشه حفلات للموسيقي العربية التقليدية في شكل أشبه بالمهرجان. الدورة الأولي ومع الاقبال غير المتوقع علي الحفلات ظهرت فكرة اقامة مهرجان للموسيقي العربية.. وتطورت الفكرة في ذهن د. رتيبة الحفني.. واعتبرت أن تلك الاحتفالية هي الدورة الأولي له وما لبث أن استعدت د. رتيبة للدورة الثانية بدعوة عدد من الفرق العربية لتقديم فنون وتراث بلادها الأصيل مع بعض الاسماء من النجوم المصرية والعربية لتقديم اعمال التراث إلي جانب بعض أعمالهم المرتبطة بالموسيقي التقليدية. وتحول المهرجان إلي تظاهرة موسيقية كل عام من حفلات غنائية ومؤتمر للموسيقي العربية يتناول همومها من خلال عدة محاور كل عام والأدهش أن المؤتمر الذي كان هو الاساس اصبح هامشياً بجانب حفلات الموسيقي العربية التي تشهد اقبالاً منقطع النظير بسبب مشاركة كبار نجوم الغناء. الفيلم الوثائقي في حفل افتتاح اليوبيل الفضي عرض فيلماً وثائقياً استعرض لقطات لأهم النجوم المشاركة في دورات المهرجان علي مدي 25 عاماً مصاحباً بأصواتهم الغنائية.. ويعتبر هذا الفيلم وثيقة هامة لكل المشاركين في دورات المهرجان نحيي خلاله صاحبة فكرته د. إيناس عبدالدايم رئيس المهرجان. والفنانة جيهان مرسي مدير المهرجان والتي عكفت علي تفنيذه كمخرجة.. ولكن حفل الافتتاح افتقد الصورة الغنائية التي كانت تكتبها وتشرف علي تنفيذها د. رتيبة الحفني في حفلات الافتتاح والذي كان لابد ان يكون حاضراً بدلاً من الفقرة الغنائية التي شارك فيها مدحت صالح وعلي الحجار وريهام عبدالحكيم وأمينة خيرت كل منهم بأغنية لا أحد ينكر ان مهرجان الموسيقي العربية نجحت حفلاته بنسبة 90% خاصة الحفلات التي أحياها النجوم العرب أمثال حفلات عاصي الحلاني وعبده شريف واصالة ومروان خوري وفؤاد زيادي وصفوان بهلوان وكريمة الصقلي.. ومن نجوم مصر أنغام وهاني شاكر وغادة رجب ومحمد الحلو وعلي الحجار وايمان البحر درويش وريهام عبدالحكيم.. ولكن معظم هؤلاء النجوم المصريين والعرب يقدمون في الحفلات أعمالهم الخاصة بل ان البعض يروج لألبوماته الجديدة بغنائها في الحفل.. أما الموسيقي الشرقية الرصينة فقد أخذت حيزاً صغيراً يكاد لا يذكر. هناك استثناء في حفلات فؤاد زيادي الذي تخصص في تقديم اعمال غنائية لمحمد عبدالمطلب ومحمد قنديل. وصفوان بهلوان الذي قدم تراث محمد عبدالوهاب. وعبده شريف الذي غني للعندليب الأسمر وحقق نجاحاً ملفتاً بأدائه المبهر لاغاني عبدالحليم حافظ.. اما بقية النجوم فكانت أغانيهم الخاصة هي أساس حفلاتهم. كورال الأطفال من أجمل ما قدمه المهرجان حفلات كورال أطفال تنمية المواهب والذين كانوا يقفون يومياً لمدة ساعتين علي مسرح شيد بساحة الاوبرا الخارجية يقدمون خلاصة ما درسوه علي مدار سنواتهم بالأوبرا من أعمال خالدة لكبار عمالقة الغناء أبرزت موهبتهم الفطرية الصاعدة.. وبرغم الجهد الكبير الذي يقام يومياً إلا أن الاعلام كان بعيداً عنهم بسبب الاهتمام بما يعرض داخل مسارح الاوبرا من مشاركة النجوم.. اما ما ميز المهرجان هذا العام حضور المشير حسين طنطاوي إحدي الحفلات. ومازلت اتساءل عن القافلة الكبيرة التي تم تكريمها في بداية المهرجان والتي بلغت 16 شخصية مما اضاع معني التكريم للمكرمين بسبب كثافته. حتي أنني اعتقدت ان تلك الدورة هي الأخيرة للمهرجان فقام المنظمون علي زيادة الشخصيات المكرمة. ولم يقف الأمر عن هذا الحد حيث تم تكريم طابور طويل من أعضاء اللجنة الفنية واللجنة العلمية باعطائهم شهادات تقدير مما دفع الملل للجمهور بسبب كثرة الشخصيات الصاعدة للمسرح وأخذت وقتاً طويلاً. وما أدركه أن أعضاء اللجنتين يعملون بمقابل مادي.. فلماذا اذن التكريم.. فقد أخذوا مقابل جهدهم وإذا كان ضرورياً تقديرهم فيكون التقدير والتكريم منحصراً في إدارة المهرجان. تعرضت وصلة المطربة غادة رجب للتأخير حيث صعدت للمسرح عند الساعة الحادية عشرة والنصف وهي المطربة الوحيدة التي ظهرت لجمهورها متأخرة بسبب تعدد فقرات الحفل وطول برنامجها مما ساهم في اطالة وقت السهرة مثل كثرة اغاني برنامج المطرب محمد محسن.. والمقطوعات الموسيقية لعازف القانون ماجد سرور والتي أهدأت ثورة غضبه من إدارة المهرجان منذ دورة العام الماضي.. ومع اقتراب منتصف الليل بدأ الجمهور بترسب من المسرح مثلما يفعل في كل حفلات المهرجان إلا أن حضور النجوم في الحفل بينهم ميرفت أمين والهام شاهين ودلال عبدالعزيز ورجاء الجداوي.. وأيضا الفنان سمير صبري والمخرج السينمائي عمر عبدالعزيز ساهم في أن يظل الجمهور لنهاية الحفل خاصة أن غادة رجب أبدعت أيضا في اغانيها وغنت للجمهور ب - ح - ب- ك.. بحبك أوي أوي حيث أدت أغانيها في انسجام ودلع وتمايل مع فرقة والدها د. رضا رجب. شهد المهرجان مشاركة نجوم برامج المسابقات الغنائية بالفضائيات بينهم المطرب الفلسطيني محمد عساف نجم برنامج أراب أيدول والذي يشارك للعام الثاني علي التوالي. وأيضاً مواطنته الفلسطينية منال موسي نجمة برنامج "ذا فويس" منال موسي الذي جاءت قادمة من دبي لتغني أغنية واحدة لاسمهان "ليالي الأنس في فيينا" مما تقع علامة استفهامه علي مشاركتها المحدودة وهناك الأردنية "نداء شرارة" نجمة ذا فويس" والتي كانت في أشد حالات توترها قبل صعودها للمسرح بسبب رهبة المسرح الكبير وجمهوره. ولا مازال مؤتمر الموسيقي العربية يصدر توصياته في نهاية فعالياته وأبحاثه حيث قدم عشر توصيات هامة تمنحها الدعوة لجمع وتدوين وتصنيف التراث الموسيقي في البلدان العربية ودعم ورعاية للمواهب في مجالات الغناء والعزف والتلحين وعمل جائزة عربية دورية تمنح للمبدعين في مجالات التلحين والعمل علي نشر الابحاث المقدمة في جميع دورات المهرجان. ولكن للأسف تنضم تلك التوصيات لعشرات وعشرات التوصيات التي صدرت علي مدي الدورات الماضية لتقترب التوصيات إلي 500 توصية لم تنفذ منها إلا اقل القليل.. فما فائدة توصيات بدون متابعة لتنفيذها.