لا صوت يعلو علي صوت الدولار والتعويم وحزمة الإجراءات الاقتصادية التي تستهدف مواجهة التضخم المرعب.. وعلي رأسها استحداث أوعية ادخارية جديدة بفائدة تتراوح بين 16 و20 بالمائة.. وهي القرارات التي تأخرت كثيراً من ناحية.. وجاءت منقوصة من ناحية أخري. ففي هذا المكان وبالتحديد في الثامن من أغسطس الماضي طالبت برفع سعر الفائدة إلي 16 بالمائة علي الأوعية الادخارية وإلي 18 بالمائة علي شهادات الاستثمار لمواجهة التضخم وللتغلب علي ظاهرة اكتناز الدولار باعتباره أو ما يعرف بالدولرة.. ومن قبل توقعت أن يقترب الدولار في السوق السوداء من عشرين جنيها لأسباب لا أظنها تخفي علي أحد.. وطالبت بتحرير تداول العملات الأجنبية.. ليس فقط للقضاء علي السوق السوداء ولكن أيضاً لتشجيع ما تبقي لنا من انتاج وطني والحد من الاستيراد السفيه الذي يستنزف مواردنا المحدودة من العملات الصعبة. وعلي الرغم من انني لست خبيراً اقتصادياً.. فإن الأحداث التي عشنا تفاصيلها قبل أيام أثبتت صحة ما توقعته وسلامة ما طالبت به وربما لهذا السبب أسمح لنفسي بطرح بعض الملاحظات علي حزمة القرارات الاقتصادية التي بدأ تطبيقها الأسبوع الماضي وعلي رأسها بالطبع تعويم الجنيه أو سعر الصرف والأوعية الادخارية الجديدة. الحقيقة المؤكدة التي يشعر بها المواطن العادي هي ان التضحم وصل إلي معدلات غير مسبوقة.. تتجاوز بكثير البيانات الحكومية الرسمية المعلنة.. وبإحساس مواطن يكتوي بالغلاء الفاحش أري ان معدل التضخم لا يقل عن عشرين بالمائة.. وهو ما يجعل المدخرات بالجنيه المصري تتآكل رغم الفوائد البنكية.. ويجعل الدولار يحتفظ بمكانته كاختيار آمن رعم قرارات تعويم الجنيه. في منتصف عقد الثمانينيات كان العائد علي شهادات الاستثمار 18 المائة وهو ما يزيد قليلاً علي معدلات التضخم في ذلك الوقت.. وكان الدولار لا يجد من يشتريه أو يحتفظ به قبل أن يتفتق ذهن عباقرة الاقتصاد في ذلك الوقت عن خفض معدلات الفائدة إلي أقل من النصف بحجة خفض عبء الدين المحلي علي الحكومة.. ومنذ ذلك الوقت توالي انهيار الجنيه وظهرت الدولرة وتراجع الانتاج لحساب الاستيراد. لقد آن الأوان لمراجعة فائدة أهم وعاء ادخاري يمول مشروعات التنمية وهو شهادات الاستثمار.. وقبل ذلك يجب وضع آلية أكثر صرامة لمحاصرة التهريب الذي أصبح علنياً.. لأنه بغير ذلك سوف تستمر السوق الموازية للعملات.. وسوف يصل سعر الدولار خارج البنوك إلي أرقام غير مسبوقة ومغرية جداً لأصحاب المدخرات الدولارية المحدودة.