في ظل مرحلة اقتصادية غير واضحة المعالم اختلطت فيها الازمات السياسية بالاقتصادية بالأمنية وبات الغموض المسيطر الأكبر علي اي مستقبل اقتصادي لاي دولة. ومع التراجع الكبير في ايرادات بعض الدول بسبب حالة الركود الاقتصادي والمخاوف من ارتفاع أرقام الدين العام لجأت العديد من الحكومات لخفض النفقات الحكومية واخطرها رفع الدعم الحكومي عن الكثير من السلع الاساسية وتسريح العاملين في القطاعات العامة. وهو ما يهدد بنتيجة عكسية تظهر بسبب زيادة الفجوة الطبقية بين الاغنياء والفقراء. المعروف ان الاقتصاد العالمي تؤثر فيه ثلاثة عوامل رئيسية هي سعر البترول وسعر الذهب والبورصة.. وخلال الاشهر الماضية شهدت اسعار النفط تذبابات عديدة - حيث لم يتخط سعر البرميل 50 دولارا - وكان لها تداعيات خطيرة علي الدولة المنتجة والمصدرة للبترول. ولأن الأوضاع العالمية تشهد عدة صراعات وحروب أهمها الحرب علي الارهاب وتحديدا تنظيم داعش كان من الطبيعي أن تكون لتلك الجبهات المشتعلة نتائج سلبية علي الاقتصاد والأوضاع المالية. ذكرت وسائل اعلام غربية ان تكلفة الغارات الجوية التي تشنها الولاياتالمتحدة "فقط" علي معاقل تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق تصل 2.5 مليون دولار يوميا أي ما يقارب من 7-8 مليارات دولار خلال عامين. والأزمة العالمية لم تفلت منها الدول الكبري وقد اعترف خافيير سولانا الممثل الأعلي السابق للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي بتراجع الاقتصاد الأوروبي في مقال نشرته منظمة "بروجيكت سنديكيت" جاء فيه : "أوروبا لا تواجه خطر تحمل خسارة اقتصادية دائمة فحسب. بل إن ارتفاع مستويات البطالة الطويلة الأجل والاستياء الشعبي يهدد باضعاف تماسك النسيج الاجتماعي في أوروبا بشكل دائم. وعلي المستوي السياسي هناك خطر حقيقي يتمثل في توقف المواطنين عن الثقة في المؤسسات سواء الوطنية أو الأوروبية. واستسلامهم لفتنة النزعات الشعبوبة". وخلص سولانا الي أن التقشف سياسة معيبة. ودعا زعماء أوروبا أن يفهموا أن برامج التكيف تحمل أبعاداً اجتماعية الي جانب أبعادها المالية. وأن هذه البرامج غير قادرة علي الاستمرار إذا وجد المتضررون منهم أنفسهم في مواجهة أعوام من التضحيات في حين لا يبصرون أي ضوء في نهاية النفق. تقشف لاول مرة شهد العام الحالي نقلة نوعية في الحياة الاقتصادية لمنطقة الخليج العربي بصفة خاصة.. حيث تعرضت معظم بورصات الخليج منذ بداية 2016 لخسائر اجمالية قدرت بنحو 40 مليار دولار.. كما سجلت المملكة العربية السعودية عجزاً في الموازنة بلغ مستوي قياسياً عند 98 مليار دولار العام الماضي وهو ما دفعها لتبني اجراءات جديدة عليها تتعلق بخفض الانفاق الحكومي حيث اصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أوامر ملكية بتخفيض رواتب الوزراء بنسبة 20% ومزايا أعضاء مجلس الشوري - التي تتضمن الاعانات الشنوية لشراء السكن والسيارة بنسبة 15%. أما الكويت فقد بدأت منذ نهايات العام الماضي اجراءات تقشفية غير مسبوقة طالت حتي الديوان الأميري بعد أن طالب أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح حكومته بمراجعة وتخفيض ميزانية الديوان الأميري والجهات التابعة له. وبالنسبة للمواطنين فقد تراجعت القدرة الشرائية لسكان الكويت بسبب ارتفاع الايجارات وتكاليف المعيشة وزيادة الرسوم علي الخدمات والتقشف الحكومي وتراجع معدلات الرواتب والمعاشات ونقص المدخرات وهاجس العجز في الموازنة وما يستجد من ارتفاع في الخدمات والوقود والطاقة. فقراء يدفعون الثمن بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 طبقت عدة دول اوروبية نظام التقشف املا في تقليص الدين وعودة النمو لكن التجربة اثبتت ان تلك الاجراءات جاءت بنتائج عكسية.. مثلا في البرتغال كانت نسبة الدين الصافي الي الناتج المحلي الإجمالي من 62% عام 2006. إلي 108% عام 2012 وفي ايرلندا من 24% عام 2007 الي 106% عام 2012 أما في اليونان التي أصبحت الظاهرة الأبرز لأزمة منطقة اليورو فقد ارتفع معدل البطالة الي مستويات قياسية وقفزت نسبة الدين الي الناتج المحلي من 106% عام 2007 الي 170% عام .2012 تكمن خطورة سياسات ربط الحزام في انها لا تؤثر بشكل مباشر إلا علي الطبقة المتوسطة أو الفقيرة بسبب اعتماد المنتمين لها علي الدعم الحكومي والخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة. وفي حالة التقشف. يخسرون أكثر مع زيادة معدلات البطالة في صفوفهم. وفرض رسوم علي الخدمات والسلع الأساسية. ويحسم المسألة الخبير الاقتصادي بمؤسسة ستانلي العالمية ستيفن س.ر روتش بقوله : "إن التقشف قد يكون مجديا. ولكن نجاح التقشف أو فشله في النهاية علي سياسات القوة - أي حل التوتر بين المسكنات القصيرة الأجل والالتزام باستراتيجية طويلة الأجل. وعند هذه النقطة لاتزال المعركة مستعرة في الغرب". اغتيال المفكرين العرب قائمة لا تنتهي والموساد المتهم الأول محمد فهمي اغتيال الكتاب والأدباء وأصحاب الرأي يتكرر كثيراً بسيناريوهات مختلفة. وأصبحت الأفكار والمواقف السياسية التي يتبناها الكاتب عبئا ثقيلاً علي أكتافه. وربما تدفعه الي مصير مجهول. كان احدث هذه الجرائم اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتر بالعاصمة الأردنية عمان. وتذكر جريمة حتر بسلسلة جرائم أخري وقعت في السابق واستهدفت عددا من الشخصيات الثقافية والاعلامية في العالم العربي. يد الموساد في عام 1987 اغتال مسلحون مجهولون في لندن ناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي كان أحد رواد التغيير السياسي برسومه الكاريكاتيرية التي تجاوز عددها 40 ألف رسم كاريكاتيري. ورغم ان الغموض يكتنف اغتيال ناجي العلي الا أن اصابع الاتهام تشير بشكل صريح الي جهات مسئولة مسئولية مباشرة الأولي الموساد الاسرائيلي والثانية منظمة التحرير الفلسطينية كونه رسم بعض الرسومات التي تمس القيادات آنذاك. كان لاسرائيل السبق في أسلوب الاغتيالات للكتاب والمفكرين في منطقتنا ففي عام 1972 اغتال الاحتلال الاسرائيلي علي يد الموساد غسان كنفاني الروائي والصحفي الفلسطيني بتفجير سيارته في منطقة الحازمية قرب بيروت وعرف كنفاني بكتاباته التي تعني بالتحرر الفلسطيني..عوقب الأديب المصري يوسف السباعي علي أفكاره التي اعتنقها والآراء السياسية التي ساندها بالقتل. حيث اغتيل بقبرص في 18 فبراير عام 1978 أثناء قراءته إحدي المجلات بعد حضوره مؤتمرا آسيويا أفريقيا بأحد الفنادق هناك لتأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع إسرائيل. التخلص من المعارضين الموت قتلا كان أيضا من نصيب حسين مروة وهو كاتب ومفكر سياسي لبناني مروة.. كان يعد أحد قادة التيار الشيوعي في لبنان والعالم العربي. ومن أشهر مؤلفاته "النزاعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية" والذي أثار جدلا كبيرا حينها. في 1987 اغتيل مروة علي فراش المرض في منزله في سن ال 77 عاما. البعض يوجه أصابع الاتهام لحزب الله في الضلوع في اغتياله. في عام 2005 اغتيل الصحفي المولود في لبنان من أب فلسطيني وأم سورية سمير قصير بقنبلة زرعت في سيارته. وكان قصير أستاذاً للعلوم السياسية في بيروت ومن أكبر دعاة الديمقراطية في لبنان والعالم العربي..وشارك قصير عام 2004 في تأسيس حركة اليسار الديمقراطي في لبنان. وشكل أحد أبرز وجوهها وكتب قصير في عدد من الصحف اللبنانية والعربية والغربية أبرزها النهار والحياة ولوموند ديبلوماتيك و"لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية. . وقتل الأديب الجزائري مولود فرعون أحد أبناء المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي في 15 مارس 1962 علي يد متطرفين في وضح النهار حيث تم اقتياده هو وخمسة من العاملين في قطاع التعليم من غرفة الاجتماعات وأمروهم بوضع أيديهم في اتجاه الحائط وبعدها انطلقت آلة الموت تحصد الأرواح البريئة. مجهولون يهددون بقلب موازين السباق إلي البيت الأبيض ماجد فايز يعتقد كثيرون خطأ أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا يخوضها سوي مرشح الحزب الجمهوري الملياردير دونالد ترامب وغريمته الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. لكن السباق الرئاسي الذي سيجري في 8 نوفمبر المقبل يضم مرشحين من أحزاب أخري ومستقلين. بل أن اثنين منهم يظهران علي بطاقة الاقتراع في عدد كاف من الولايات يمكنهما حسابيا علي الأقل من حصد 270 صوتا من المجمع الانتخابي الأمريكي وهو الرقم السحري المطلوب للوصول الي المكتب البيضاوي. ورغم أن البعض لا يعرف اسميهما - ربما حتي داخل الولاياتالمتحدة - ومع انعدام فرص فوزهما تقريبا. إلا أن مرشح الحزب الليبرالي حاكم ولاية نيومكسيكو الأسبق وجاري جونسون ومرشحة حزب الخضر جيل شتاين قد يلعبان دوراً لا بأس به في تحديد اسم الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين. في عدد من الاستطلاعات التي جرت مؤخرا بلغ متوسط ما حصل عليه المرشحان مجتمعين حوالي 10 بالمائة من المشاركين. وفي احدي تلك الاستطلاعات حصل ترامب علي 39 بالمائة مقابل 38 بالمائة لكلينتون و9 و4 بالمائة لكل من جونسون وشتاين. لكن بعد استبعاد هذين المرشحين من الاستطلاع. تفوقت كلينتون علي ترامب بواقع 2 بالمائة لتحصل علي 44 بالمائة من أصوات الناخبين المحتملين. ويعني ذلك أن جونسون وشتاين يمكنهما قلب نتيجة الانتخابات إذا ما حرما كلينتون من نسبة معتبرة من جمهورها لصالح ترامب. لاسيما أن حزب الخضر - كما يشي اسمه - يدافع عن البيئة ويدعو إلي سياسات أكثر صرامة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري. وهي مواقف تقليدية للحزب الديمقراطي إلا أنه من المؤكد ليس بشراسة الخضر في الدفاع عنها ومن شأن هذا أن يجتذب نسبة معتبرة من الناخبين المهتمين بقضايا البيئة ومناخ الأرض. وبينما يدافع الحزب الليبرالي الذي تأسس عام 1970 عن الاقتصاد الرأسمالي الحر وحرية تكوين الجمعيات والملكية الخاصة. مما قد يتقاطع في الشق الاقتصادي مع مواقف الحزب الجمهوري إلا أن تصادمه معه في مسألة حرية الميول الجنسية قد ينفر الجمهور المحافظ ويستميل نسبة ولو ضئيلة من جمهور كلينتون. هذا السيناريو ليس بالجديد في انتخابات الرئاسة الأمريكية.. وإن كان حدث بالعكس. في انتخابات عام 1992 عندما كان يسعي الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب الي إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية منتشياً بانتصارات خارجية كبري من قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وقيادة تحالف دولي لتحرير الكويت واجه السياسي العجوز مفاجأة غير متوقعة كلفته الرئاسة. لقد قرر الملياردير روس بيرو أن يترشح مستقلا في سباق ضم الي جانب بوش حاكم ولاية أركنساس الشاب آنذاك بيل كلينتون. مواقف بيرو التي دعت الي تقليص عجز الموازنة وتخفيض الانفاق علي الضمان الاجتماعي ومعارضة السيطرة علي حمل السلاح اجتذبت شريحة من جمهور المحافظين ليحصد أصوات نحو 20 مليون ناخب بنسبة تقترب من 19 بالمائة ويهدي الرئاسة الي الرئيس الأمريكي رقم 42 بيل كلينتون. فهل يتكرر سيناريو روس بيرو في 2016؟ يتوقف ذلك علي عدة عوامل منها نسبة الاقبال في الانتخابات وقدرة جاري جونسون وجيل شتاين علي اقناع الناخبين الساخطين من كلينتون وترامب علي حد سواء.