رؤية: جمال هليل * المؤكد أن حصول مصر علي ثلاث ميداليات في أولمبياد ريو أسعد كل المصريين ويكفينا أن الثلاثي هداية ملاك وسارة سمير ومحمد ايهاب فرضوا اسم مصر علي جدول الترتيب. ويكفينا أننا دخلنا دنيا التصنيف الأولمبي حتي ولو من خانة البرونز. لنتفوق علي دول كثيرة دخلت السباقات وخرجت خاوية الوفاض!! قد نختلف حول الحصيلة التي حققناها. ويراها البعض أنها أقل بكثير من مستوي المشاركة الذي وصل الي أعلي معدل تاريخي للمصريين وهو 120 لاعباً ولاعبة بعد استبعاد أثنين للاصابة والمنشطات.. وقد يراها البعض أقل من المتوقع الذي تم الاعلان عنه في القنوات الشرعية للجنة الأولمبية المصرية.. وأيضا يبالغ البعض في الرقم الذي تم صرفه علي أعداد الفرق المشاركة رغم أن مبلغ 120 مليون جنيه وهي تكلفة أعداد اللاعبين واللاعبات لا توازي ما يصرف علي لاعب أولمبي واحد في أمريكا مثلاً. * المهم أن ثلاث ميداليات حتي ولو كانت برونزيه هي مكسب كبير وحقيقي للمصريين لاسباب كثيرة. فالفوز بميدالية يتساوي لو كانت ذهبية أو فضية أو برونزية.. لأن الابطال يصطفون أعلي منصة التتويج سويا وترفع أعلام بلادهم وهذا هو المهم.. لأن فوز أي مصري بميدالية يعني رفع علم مصر أمام العالم كله في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للتواجد الدولي وأثبات أن مصر قادرة علي تحقيق المستحيل والصمود والتحدي والفوز رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد منذ عدة سنوات!! * والفوز بالميداليات الثلاث رفع سقف طموحات المصريين في وقت تخرج فيه الحناجر لتهتف ضد ارتفاع الأسعار أو الأزمة الاقتصادية رغم أن العالم كله يصرخ من نفس الاسباب!! * والفوز أعطي النموذج الحي لكل الشباب المصري أن الأمل موجود ما دامت الحياة تذب في أوصالنا فإذا كان محمد صلاح والنني هما النموذج الحي للعطاء والاخلاص الرياضي والتفوق الكروي أمام كل الشباب المصري.. فلا شك أن هداية ملاك بطلة التايكوندو وسارة سمير ومحمد ايهاب في الأثقال هم الآن النموذج الحي في العطاء الرياضي.. وهم الخط الرئيسي الذي يسير علي هداه كل الرياضيين المصريين لتحقيق بطولات مستقبلية في جميع الألعاب. هزيمة صلاح والنني لا اكون مجاملا إذا قلت إن ما حققه الثلاثي ملاك وسارة وايهاب يفوق ما يحققه كل يوم محمد صلاح النجم الكروي في أيطاليا ومحمد النني النجم الكروي في انجلترا لأن تحقيق البطولة الأولمبية هو قمة العطاء والانجاز الرياضي وعندما يكون الانجاز في لعبة مغمورة مثل الاثقال أو التايكوندو.. فلا شك أنه تفوق اكبر واكبر لأنه لاعب الكرة تسبقه شعبيته التلقائية لمجرد أنه يمارس اللعبة الشعبية الأولي ويحقق منها الملايين لنفسه قبل الشعبية.. ولكن من يمارس الأثقال أو الملاكمة أو الجودو والمصارعة والتايكوندو.. فإنما هو يجاهد في سبيل الوطن بلا مقابل.. ويضحي بوقته كما فعلت سارة سمير التي ضحت بالامتحانات في الثانوية كل ذلك من أجل الوطن فقط وليس من أجل المال.. وها هي هداية ملاك ابنة القوات المسلحة أعطت وتفانت وفازت ويظنها البعض أهدرت وقتها.. لكنها حققت أكبر مكسب يسعي اليه انسان وهو خدمة الوطن من جهة.. وتحقيق الشهرة ودخول التاريخ من أوسع أبوابه. لأن اسماء الثلاثي ملاك وسارة وايهاب قد حفرت بالفعل في سجلات وتاريخ الرياضة المصرية مدي الحياة ليتوارث هذا الفخر أبناؤهم وأحفادهم قبل أن يفتخر به كل المصريين الذين كانوا متعطشين للميداليات في ريو.. البنت .. والولد * ولأننا نتحدث عن المشاركة الأولمبية المصرية في دورة ريو.. فمن الضروري أن تتحدث عن دور اللاعبة المصرية التي حفظت ماء الوجه للبعثة المصرية. ونتحدث عن أهمية اللاعبة المصرية وإصرارها علي الفوز لرفع علم بلدها.. ولكي تعرف دور البنت المصرية في الرياضة وهو ليس أقل من دور المرأة المصرية التي ساندت مصر في الثورة.. فلابد أن نتحدث عن نسبة مشاركتها في البعثة المصرية. شاركت من مصر 37 لاعبة في مختلف الألعاب الفردية.. حققت لاعبتان فقط الميداليات.. أي أن بناتنا حققن الميداليات بنسبة تعادل 5.18% فقط من نسبة المشاركات. وبناتنا عددهن 37 لاعبة من بين عدد البعثة البالغ 120 لاعباً ولاعبة.. وبذلك تكون مشاركة البنات في البعثة المصرية بنسبة أقل من الثلث.. ورغم ذلك حققت البنات ضعف ما حققه الرجال وهو مؤشر يحتاج لتحليل فني من اللجنة الأولمبية المصرية ووزارة الرياضة. هل السبب يرجع لتفوق اللاعبة المصرية علي اللاعب في الاصرار والارادة والتحدي والتفرغ للتدريب؟! هل السبب تغير عنه في الماضي الذي كنا نقول عنه أن البنت المصرية لا تستطيع استكمال مشوارها الرياضي بسبب الطقوس الاجتماعية والدينية؟!! هل السبب يرجع لقوة المنافسة في الرجال عنها في الرياضة الحريمي؟!! اسباب التفوق والإخفاق * نتيجة التحليل ستعطينا مؤشرا يرشدنا للاهتمام أكبر بالرياضة النسائية مادمنا نستطيع التقدم فيها ويرشدنا أيضا لتلافي الأخطاء التي تبعد لاعبينا الرجال عن منصات التتويج وهذا دور وزارة الشباب واللجنة الأولمبية والاتحادات.. فلا يجب أن تمر دورة كبيرة مثل الدورات الأولمبية والبطولات العالمية دون التحليل الكامل لأسباب الأخفاق أو التفوق ووضع الروشتة الكاملة لعلاج السلبيات وتحاشيها في البطولات التالية.. وأظن أن تفوق البنت المصرية علي نفسها وتحقيق ميداليتين في تلك الدورة حدث يستحق التوقف.. تماما مثلما هو حدث يفرض علينا بحث سبب إخفاق الرجال وان كان خروج الفرق الجماعية من الدور الأول في اليد والطائرة متوقعاً لأن المنافسة الجماعية في الدورات الأولمبية من الأمور الصعبة والتي تفوق مثيلاتها في الألعاب الفردية التي تلعب فيها القرعة والحظ دوراً كبيراً!! دور الإعداد الجيد * إذا كان الفوز بالميداليات يتوقف في المقام الأول علي الاعداد الجيد للبطولة.. فهذا يعود بنا للنادي الذي تربي فيه اللاعب ويتدرب تحت إشرافه.. صحيح أن المنتخبات من مسئولية الاتحادات التي نجح بعضها في تحقيق الميداليات وفشل بعضها بنسب متفاوتة.. لكن يبقي الاتحاد هو المسئول عن الاعداد النهائي للمنتخبات.. وتبقي الأندية هي الممول الرئيسي للمنتخبات.. من هنا كان لأندية الجيش الدور الأكبر في تحقيق الميداليات.. فليس من قبيل الصدفة أن يكون أصحاب الميداليات الثلاث من أندية الجيش. وهنا لابد أن تتضمن الدراسة العلمية والأبحاث في وزارة الشباب بندا يوفر كل الامكانات اللازمة لتلك الأندية التي أصبحت قاعدة حقيقية لتخريج الابطال. آن الأوان أن نتساءل عن دور الأندية الكبيرة مثل الأهلي والزمالك والترسانة والاسماعيلي والمصري والاتحاد وغيرها في تخريج نجوم الألعاب الأخري!! فالأندية لا تهتم إلا بكرة القدم والسلة والطائرة وربما السباحة والكاراتيه.. لكن أين المصارعة والملاكمة والتايكوندو والجودو وغيرها من الألعاب؟!! ليت القانون الجديد للرياضة يهتم بالأندية التي تخرج عناصر المنتخبات. فتصرف لها إعانات مثلا أو تكافأ بأية وسيلة. ولا أعرف كيف سيتم تكريم أندية الجيش التي صنعت الأبطال الثلاثة.. وكيف ستحاسب الأندية الكبيرة التي ألغت تلك الألعاب أساسا بل وليست أعضاء في الجمعيات العمومية لاتحادات مثل المصارعة والملاكمة والجودو وغيرها!! ألا ترونها فضيحة؟!!