يبدو ان القانون الموحد للصحافة والإعلام لن يكون له نصيب في المناقشة والإصدار خلال الفصل التشريعي الحالي.. فما بين مجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس الدولة ووزارة العدل.. قانون حائر غير مكتمل الملامح.. مواد حذفت ومواد عدلت ومواد أعيدت صياغتها.. حتي عندما أرسل قسم الفتوي والتشريع مشروع القانون لبعض الجهات لأخذ رأيها.. لم يرسله إلي نقابة الصحفيين وإنما أرسله إلي المجلس الأعلي للصحافة.. وهذه مخالفة صريحة للدستور الذي ينص في مادته علي انه "لا تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة واحدة.. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها.. كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي.. ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".. عجز هذه المادة من الدستور يؤكد ان من يؤخذ رأيه في القوانين المتعلقة به هو النقابة وليس المجلس الأعلي.. والمجلس الأعلي للصحافة الحالي لم يطلب الدستور رأيه.. وإنما نص الدستور في مواده 210 و211 و212 بأن يؤخذ رأي المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها. وهذه المواد الثلاث تحديداً تقودنا إلي عوار دستوري آخر وهو ان الدستور نص علي أن يؤخذ رأي هذه الهيئات الثلاث في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها.. فكيف يؤخذ رأيها في القانون المطروح وهي لم تشكل أصلاً؟؟.. بل ان هذا القانون الذي يجب أن يؤخذ رأي هذه الهيئات فيه يتضمن تشكيلها!! ولذلك يجب أولاً أن يصدر قانون بتشكيل الهيئات الثلاث ونظام عملها ومهامها قبل اصدار القانون الموحد للصحافة والإعلام كما نصت المواد الثلاث سالفة الذكر.. وهذا سيستغرق وقتاً طويلاً.. ثم تأتي عملية اختيار رؤسائها وأعضائها.. وبعد تشكيل المجلس والهيئتين يعاد إليها القانون المقترح وتحذف منه المواد المتعلقة بتشكيل ومهام هذه الهيئات.. ويجب إعداده بترو وتأن لاستعادة المزايا والمكتسبات التي تم تعديلها أو التقليل منها أو حذفها.. خاصة المد الوجوبي لسن 65 لأن معظم الصحفيين يتأخر تعيينهم بصحفهم لسن قد يصل إلي 40 عاماً والمشروع المقترح الآن جعل المد جوازيا بعد الستين بقرار من رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة كما كان في القوانين السابقة. ونأتي للوضع الملتبس القائم الآن وهو وضع المجلس الأعلي الحالي الذي أصدر الرئيس السابق عدلي منصور قراراً بتشكيله في أغسطس 2013 وكلفه في قرار بقانون في ديسمبر 2013 بمهمة رئيسية هي تعيين رؤساء التحرير لمرة واحدة ولمدة لا تزيد علي سنتين.. ونص القرار بقانون أن يمارس المجلس مهامه خلال الفترة الانتقالية الحالية لحين إقرار الدستور الدائم للبلاد وانتخاب مجلس النواب وصدور التشريع اللازم في شأن تنظيم الصحافة.. ونحن الآن لسنا في فترة انتقالية.. فقد تم اصدار الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية وانتخاب مجلس النواب.. أما قولهم لم يتم إصدار التشريع اللازم في شأن تنظيم الصحافة.. فقد سلبهم الدستور هذا الحق ومنحه للهيئات المزمع تشكيلها.. ولذلك فوضع هذا المجلس غير دستوري وغير قانوني وأي قرارات تصدر عنه تعد باطلة.. ولذلك فما المانع من أن يصدر تعديل لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة بما يمنح رئيس الجمهورية إعادة تشكيل المجلس الأعلي للصحافة كما حدث من قبل بتعديل هذه الأحكام خصيصاً لهذا المجلس.. حتي تكتسب القرارات الصادرة من المجلس الجديد صفة الدستورية والقانونية لحين صدور قانون بتشكيل الهيئات الثلاث الجديدة وصدور القانون الموحد الذي ذكرت انه قد لا يلحق بالفصل التشريعي الحالي.