ما حكم من يسرب الامتحان عامداً؟ يقول الشيخ شعبان أحمد حسن - بلجنة الفتوي: من المعلوم شرعا أن الغش في كل شيء سواء أكان في المظهر أو المعاملات أو السلوكيات حرام من الناحية الشرعية.. لقول سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "من حمل علينا السلاح فليس منا.. ومن غشنا فليس منا".. رواه مسلم.. والحرمة هنا سواء علي من غش أو ساعد علي ذلك.. فهم في الإثم سواء.. لأن ذلك يؤدي إلي ما يلي: أولا: إن هذا الغش يؤدي إلي ضياع جهد المجتهد.. فقد يصل من غش إلي درجة أعلي من درجة المجتهد.. فيضيع علي المجتهد اجتهاده. ثانيا: ذهاب الحق إلي غير صاحبه حيث يحصل من غش علي درجة أعلي.. أو علي عمل ليس له بأهل. ثالثا: تعريض المؤسسات في الدولة للخطر.. حيث يتسلق إلي المناصب وإلي الأعمال من لا يحسنها.. نظرا لما حصل عليه من درجات.. فتتعرض هذه الوظائف أو المؤسسات للضياع أو الإهمال.. وهذا كله من باب ضياع الأمانة ومخالفة الحكم بين الناس بالعدل.. فقد قال الحق - سبحانه وتعالي: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" "سورة النساء".. بل هذا أيضا هو باب من أبواب زوال الدنيا قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "فإذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة.. قال إذا وسد الأمر إلي غير أهله فانتظروا الساعة" رواه البخاري. ورابع هذه الأمور: أن الإسلام جاء ليميز المجتهد.. ويعطي كل ذي حق حقه قال تعالي "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب" "سورة الزمر". فالغش في الامتحانات يؤدي إلي هيمنة الباطل.. وانحسار الحق.. وقلب موازين المجتمع. كما أنه من أسند إليه عمل ناتج عن غشه ولم يحسن القيام به.. فالكسب الذي يأتي من ورائه حرام.. وكل لحم نبت من حرام فالنار أولي به.. وكفي بقول الله تعالي زاجرا عن ذلك "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" "سورة آل عمران". أما من يسرب الامتحان فيقول الدكتور حمدي طه - الأستاذ بجامعة الأزهر - فهو مفسد في الأرض لأنه يريد أن يفسد الهدف من الامتحان أصلا ويضيع علي وزارة التربية والتعليم حقها في تحديد مستوي الطلاب الحقيقي كما أنها دعوة للإهمال لأن الطالب الذي يتأكد أن الامتحان سيتم تسريبه ومعرفة إجابته قبل الامتحان بساعات كما حدث في امتحان اللغة العربية هذا العام أو أنه سيتم إملاء الإجابة للطلاب من خلال الموبايلات أو من خلال الميكروفونات بجوار المدارس التي بها لجان كما حدث في بعض القري. ويضيف: إن لولي الأمر أن يأخذ مثل هذه التصرفات بالشدة لأن الشدة في ذلك إصلاح للمنحرف والمفسد فيوقع عقابا شديدا علي الغاش خاصة إذا صاحب غشه عنف إو إرهاب وكذلك علي الملاحظ الذي ييسر لعمليات الغش الجماعية التي نتسامع عنها وكذلك من سرب الامتحان وأذكر في ذلك ما كان من بعض شيوخ الأزهر في الماضي عندما بلغه أن طلاب أحد المعاهد أخرجوا السلاح الأبيض في وجه المراقبين لإرهابهم فأمر المراقبين أن يدعوهم يفعلون ما يحلو لهم وبالفعل حدث غش جماعي بقوة السلاح الأبيض وفور انتهاء الامتحان وسفر آخر مراقب من المكان الذي وقعت فيها الحادثة أصدر شيخ الأزهر قرارا بإلغاء امتحان هذا المعهد هذا العام ورسب جميع الطلاب وكان درسا قاسيا لكن الجريمة لم تتكرر فكان إصلاحا. الغش في الامتحانات أصبح أزمة حقيقية خاصة بعد أن تطورت أساليبه وتنوعت فصار يتم من خلال تسريب أوراق الإجابة فضلا عن تسريب أوراق الأسئلة قبل الامتحان بوقت يصعب تدارك الموقف فيه أي أنه تجاوز أساليب البلطجة التي كان تتم من خلالها إملاء الطلاب الإجابة بالميكروفونات من جوار اللجان.