تجددت الاشتباكات مؤخرا بين القوات الاذربيجانية من جهة والقوات الأرمينية من جهة أخري.. والسبب احتلال ارمينيا لاقليم قرة باغ. المعروف ان هذا الاقليم تاريخيا وجغرافيا هو أحد أقاليم أذربيجان والدول جميعها تعرف ذلك ولا تنكره بما فيها أرمينيا.. اذا لماذا تصاعد الموقف خلال الفترة الماضية بعد فترة من الهدوء؟ ومن له المصلحة في ذلك. للاجابة علي هذا التساؤل لابد من القاء نظرة تاريخية علي الصراع. تاريخ الصراع شهد الاقليم خلال الفترة من 1988 إلي 1994 حربا بين أرمينياوأذربيجان أوقعت نحو 30 ألف قتيل وأدت إلي نزوح مئات آلاف الاشخاص غالبيتهم من الأذربيجانيين تم التوصل إلي وقف لاطلاق النار في مايو 1994 الا انه لم يتم التوصل إلي اتفاق سلام رغم المفاوضات التي جرت تحت اشراف "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وفي نوفمبر 2008 وقعت أرمينياوأذربيجان اعلانا يدعو إلي "تسوية سلمية" للنزاع الا ان الاشتباكات بين القوات الأرمينية والأذربيجانية تواصلت من حين لآخر. وفي أغسطس 2014 حدثت مناوشات بين الجانبين أدت لسقوط قتلي ومنذ ذلك الوقت كانت الأمور شبه هادئة حتي ليلة الأول من أبريل 2016 الحالي حيث أوقعت مواجهات بين الطرفين 18 قتيلا في صفوف القوات الأرمينية و12 لدي القوات الأذربيجانية وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسئولية عن التوتر. سبب التوتر يحمل اميل رحيم الملحق الاعلامي بسفارة أذربيجان بالقاهرة. أرمينيا مسئولية التوتر بين البلدين لانها تحتل أرضاً أذربيجانية وجدد استمرار مساعي بلاده للحل السلمي وانهاء الاحتلال الأرميني للاقليم لكنه أكد في الوقت نفسه باحتفاظ بلاده بعد حلول أخري قد تلجأ اليها في الوقت المناسب. وأ وضح في تصريحات خاصة لجريدة الجمهورية سبب اشتعال الموقف في أول ابريل الحالي. قائلا ان هذا التاريخ يعد بمثابة مناسبة وطنية في أذربيجان حيث تمكنت من تحرير احدي المناطق من قبضة ارمينيا. لذلك هي تحاول فساد فرحة هذا اليوم. وأشار إلي أن آخر الدعوات المطالبة بانهاء الاحتلال الارميني لأقليم قرة باغ الاذربيجاني وايجاد حل سلمي نهائي كانت دعوة اياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أمام قمة أسطنبول.. لكن يريفان لن تلتفت لها كما هي اعتادت. صراع المصالح بات الصراع الذي يشغل منطقة القوقاز بين أرمينياوأذربيجان محل اهتمام لكثير من القوي الدولية والاقليمية لاعادة توزيع وتقسيم مناطق النفوذ والقوي. فضلا عن المطامع الاقتصادية وأخري عسكرية. يجد الفاعلون الدوليون مبررات تورطهم في هذه المسألة في الثروة النفطية.وتوطيع مناطق النفوذ العالمي. والسيطرة علي خطوط التجارة والنفط بين أسيا وأوروبا ويلعب الفاعلون الدوليون في هذه الساحة فرادي كالولاياتالمتحدةوروسياوتركياوايران. أو جماعات عبر عمل دولي مشترك كمجموعة منسيك والتي يتناوب اعضاؤها في رئاستها "والتي تتكون من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وروسيا". تلعب تركيا دورا مؤثرا في محاولات حل الصراع حول قرة باغ انطلاقا من حق أذربيجان في هذا الاقليم. أما روسيا فتقف في صف ارمينيا رغم انها أحد الوسطاء الدوليين لحل الأزمة. لدرجة تساءل معها البعض عن مدي حقيقة الدور المحايد لروسيا في هذا الصراع. لاسيما بعد ما كشف عن امداد روسيالأرمينيا بالسلاح. ويقوم التحالف الروسي الارميني علي تطوير روسيا لأعمدة الاقتصاد الارميني وعلي رأسها انشاء محطات الطاقة. وتعاون عسكري أقامت روسيا بموجبه قاعدة عسكرية في العاصمة الارمينية بريفان. بالنسبة لايران فقد دعمت أرمينيا في أمة قرة باغ لأسباب اقتصادية أولها استيراد أرمينيا للنفط الايراني وفي الوقت تعد ايران شريان الحياة لأرمينيا في ظل محاصرة الأخيرة من الشرق بأذربيجان ومن الغرب بتركيا وثانيها أن أذربيجان. في بداية استقلالها. تحالفت مع تركيا الذي كان يعني نجاحه ازاحة ايران كلية عن المنطقة. تناقض أمريكي موقف الولاياتالمتحدة من الصراع متناقض بين رغبتها في المحافظة علي مصالحها الحيوية هناك. وبين ضغط اللوبي الأرمني. ففي الوقت الذي تنظر فيه واشنطن إلي أذربيجان علي أنها شريك سياسي واقتصادي استراتيجي في المنطقة وبوابة بين أوروبا وموارد وأسواق الشرق الأوسط وأسيا الوسطي. وأحد الموردين الرئيسيين للنفط والمنتجات النفطية في أوروبا. نري ان العلاقات بين باكو وواشنطن تتعرض في كثير من الأحيان للتوتر بسبب نفوذ اللوبي الأرميني القوي في الكونجرس. أما الدور الأوروبي فيهتم بحل مشكلة قرة باغ أو علي الأقل استمرار تجمدها. لضمان الأمن والاستقرار علي هوامش أوروبا من ناحية وضمان وصول النفط من قزوين إلي السوق الدولية. مما سبق يتبين مدي غلبة أجندة المصالح الاقتصادية علي نظيرتها الايديولجية والسياسية في تشكيل مواقف الفاعلين الدوليين. وليس أبلغ شاهد عليه من الموقف المتناقض لايران التي تتبني ازدواجية في المعايير فضلا عن التدخل السافر في الشئون الداخلية لدي بعض الدول ومنها أذربيجان.