لم أنل شرف لقاء رجل الأعمال صلاح عطية الذي يلقبه أحباؤه بأنه من بني فرع جامعة الأزهر بتفاهنة الأشراف. أقول لم أر الرجل ولكني سمعت عنه حتي كأني أراه وأسمعه. فالرجل لم يبن فرع جامعة الأزهر في تفاهنة الأشراف التي قد تكون بلدة فقط. وإنما بني أشياء كثيرة فاضت ومازالت تفيض بالخير وتعلم الناس ماذا يعني العطاء والتفاني في خدمة الناس. أول ما سمعت عن الرجل كان من أبناء قريتنا في بني سويف أي أن جهده لم يكن مقصوراً علي الشرقية أو وجه بحري فقط لأنه يتاجر مع الله حيث تكون هذه التجارة وصف لي أحدهم الرجل الذي زار قريتنا وذكر اسمه وكيف حكي عن تاريخه العملي ومعاناته التي وصلت إلي أن اعترض الاسكافي الذي يخيط له نعله وألقي بالحذاء بعيدا لأنه يئس من إصلاحه ولم يعد صالحاً للإصلاح مطلقا لكنه كان حريصا رغم فقره أن يجعل من كسبه القليل نصيبا لله. واستمر الرجل يذكر آثار التجارة مع الله في بركة المال وزيادة وثواب المعطي عند الله ثم أعلن في النهاية عن تبرعه بمبلغ كذا من المال لبناء المعهد الأزهري بالقرية الذي يوفر علي أبنائها جهد الانتقال إلي بلاد بعيدة تصل إلي 5 كيلو مترات. ما أن انتهي الرجل حتي تبرع كل أهل القرية تقريبا كل قدر استطاعته غنيهم وفقيرهم بخيلهم وكريمهم نساؤهم ورجالهم حتي استطاع في جلسته هذه أن يجمع قيمة المعهد إلي درجة تعهد فيها البعض بالحديد وآخرون بالطوب وآخرون بالأسمنت والرمل وغير ذلك فالرجل لم يكن فاعل خير يتصدق بماله في وجوه البر لكنه كان يجيد فن الحث علي الخير وتحبيب الناس فيه ودفعهم إلي المشاركة بإيجابية ذلك لأنه يمارس فعل الخير عملياً ويدعو إليه بلغة عالية وبأسلوب راق وبنماذج مؤثرة. لذا فقد تأثرت بوفاة هذا الرجل وتأثرت كثيرا داعيا الله أن يجعلنا مثله في حب الخير. أقول تأثرت كثيرا وأن أتوقع ما قد ينال مثل هؤلاء الخيرين من الثواب بأعداد من تعلموا وحفظوا القرآن. وبلغوا عن رسول الله آية أوحديثاً وأفادوا الآخرين. إنه بأمثال هؤلاء تقام المجتمعات وينتشر التواد بين الناس وتنتزع الأضغان من النفوس. وإذا كانت الهدية تنشر التحاب بين الناس فما بالنا بالعطاء غير المحدود و الصدقة التي تعين علي حياة وتقدم علاجا وتمنح علما وتوفر عملا. رحم الله صلاح عطية وأعطاه بخير مما أعطي وقدم.