حتي الرعد تأثرت به بعض عقارات الاسكندرية في بداية الشتاء بعد ان أطاحت الامطار بالمئات منها وبغيرها من عقارات الوجه البحري وحتي القبلي. ومن المؤكد مضاعفة الخسائر ووأد الأحياء تحت ركامها لو انضم اليها اهتزاز زلزال شارد عن حزامه الطبيعي لا يفرق بين حديثها الفاقد للاصول الهندسية بتجاوزاته وتعلياته التي فاقت الحدود نتيجة تزاوج الجشع مع الفساد إبان سنوات الفوضي الماضية أو قديمها المهدد بتزايد معدلات انهياره بالتقادم كنتاج مباشر للجمود الذي سببه استمرار إعمال تشريعات الاسكان الاستثنائية القديمة التي عطلت عمليات صيانتها بتجميد قيمتها الايجارية التي لايفي اجماليها السنوي حتي لاصلاح عتبة درج أو جزء من ماسورة صرف بالعقار الواحد واطالت في نفس الوقت من امد عقودها لثلاثة اجيال تزيد علي عمر العقار نفسه. مع استمرار اعجوبة تحميل المالك مسئولية انهيار العقار. ونتج عن ذلك تحول معظم ثرواتنا العقارية القديمة لخيالات مآتة واطلال بشوارعنا الرئيسية ومقابر بأحيائنا القديمة بعد توقف الانتفاع بها أو قصره علي فرد متبقي من ورثة سكانه يقيم بها أو حتي خارجها للمساومة علي تركها ومعطلا لأي انتفاع جمعي بها. وهو مالم ينتبه له مشرعوه عند اعماله محولة شوارعنا وحتي حوارينا لاضحوكة بتعطيل تلك العقارات لتوسعاتها لاكثر من نصف قرن لتبدو للناظر اليها من اعلي بخرائط جوجل كأسنان منشار متطرم. هذا التشريع الذي بدا بمظهر الرحمة في البداية ثم انقلب اثره بغل وجور علي فئة الملاك بعد ذلك فعطل البناء للايجار وعقد أزمة الاسكان بتجميد الزمن واعاقة التطور الانشائي بتضمين بنوده اسسا مريبة ومعارضة للشرائع السماوية والناموس الطبيعي للحياة وكل القوانين الوضعية بدساتير الدنيا كلها بتدخله بين طرفي العلاقة الايجارية للاخلال بعقودها وبحقوق الملكية بالالتفاف عليها وتعدي الجور ذلك حتي اصبحنا نري بالعقار الواحد وحدة مؤجرة ابديا بملاليم واخري مؤقتة مشابهة بمئات الاضعاف بل ووصل الحال ببناء السكان لاجزاء من العقار الذي يستأجره ولا عزاء للمالك! وبينما قضي هذا التشريع الاستثنائي علي حافز المستأجر القادر علي البناء فقد عطل وخلافا للشرع انتفاع باقي الناس بحوالي مليوني وحدة سكنية مستأجرة ومغلقة للمساومة علي تركها "تربو قيمتها السوقية علي تريليون جنيه" تتقادم بلا استخدام وتزيد من ركاب قطار العنوسة وعناء الدولة في تدبير تكلفة المليون ونصف المليون وحدة سكنية خلاف اضعاف ما يمكن اضافته لخزانتها لو تحسنت القيم الايجارية لباقيها. وتتفاقم حسرتنا ليس علي تلك الخسائر فحسب. بل وعلي ما آلت اليه نصف ثروتنا العقارية من تردي وكآبة بالقياس لثروات الدول المناظرة التي حولت قديمها لتحف معمارية رائعة الجمال طبعوا صورها الملونة والمجسمة علي كروتهم السياحية لتوخيهم العدالة في تشريعاتهم فإلي متي ننتظر وهل سينتبه المجلس الجديد لكل ذلك؟