الجماهير الآن تهتم بالدوري العام بين الأندية!!.. هل تعلم أن الجماهير زمان خاصة الشباب الصغير كان اهتمامها الأكبر بدوري آخر أكثر إثارة وأكثر طرافة؟؟!!.. ستتعجب إذا قلت لك إنه دوري المدارس.. كان دوري المدارس مشتعلاً أكثر من الدوري العام.. كانت مباراة مدرسة السعيدية ومدرسة فؤاد الأول ولا مباراة الأهلي والزمالك.. رغم أن كل لاعبي الفريقين من الأهلي والزمالك.. أذكر أن ظهر لاعب اسمه "مخيمر" في نادي السكة الحديد فحاولت كل من المدرستين السعيدية وفؤاد الأول خطفه!! وفازت به مدرسة فؤاد الأول لأن مسكنه قريب من المدرسة ثم نفوذ أحمد بك رياض ناظر المدرسة.. وهو برتبة بك من الملك فاروق لحصوله علي ماجستير تربية!!! كانت تقام مباريات المدارس الثانوية علي ملعب المعلمين بجوار النادي الأهلي.. حيث هذا المربع كله من النادي الأهلي حتي كوبري قصر النيل ملك وزارة المعارف العمومية "التربية والتعليم الآن" وكان في هذا المربع منطقة وسط البلد التعليمية ومستشفي للمعلمين وحمام المعارف المشهور الذي تخرج فيه معظم أبطال مصر في السباحة لسبب بسيط وهو أنه أول حمام في مصر كان فيه تدفئة أيام الشتاء فكان التمرين فيه طوال العام.. وكانت المدارس التابعة للدولة هي "المصدر الرئيسي" لتمويل الأندية الكبري بالنجوم.. لماذا؟؟.. لأن في هذه المدارس جميعاً ملاعب كرة قانونية والتمرين كل يوم.. وكان التشجيع جنونياً للمدرسة وليس للنادي كما هو الآن.. ثم لا تنسي أن النجوم ظهرت وهم تلاميذ في المرحلة الثانوية تصوروا.. أحلي أيام عبدالكريم صقر ومحمد الجندي وغيرهما كانت في سن 16 و17 عاماً.. لعبا لمصر في هذه السن واحترفا في انجلترا وألف المدرب الانجليزي كتاباً عن محمد الجندي اسمه "المارد الأسود". لك أن تسألني ما سبب هذه النكسة الكروية التي نعاني منها الآن؟؟ أقول لك إن السبب هو قيام ثورة لها سياسة مختلفة تماماً عما كانت تسير الدولة عليه من قبل.. كانت هناك سياسة اتبعتها كل دول العالم وهي سياسة استيعاب والاستفادة من الزيادة السكانية لا محاربتها لأنك بذلك تحارب طبيعة الأشياء منذ أيام آدم.. كانت سياسة وزارة "المعارف العمومية" زمان هو إنشاء كل عام كذا مدرسة من كل الدرجات: إلزامي وابتدائي وثانوي.. بل والجامعات أيضاً.. ولكن سياسة الثورة كانت هي "وقف نزيف الأولاد".. وهذا مستحيل.. فضاعت ضرائبنا وأكل عيشنا ولم نبن المدارس المطلوبة حسب الخطة الموضوعة منذ بداية القرن الماضي.. وكان طبيعياً أن تزيد أعداد الأطفال بلا مدارس كافية لهم فبدأ الفصل يتحول إلي علبة سردين.. ثم بدأ هدم الملاعب وإقامة أسمنت يحوي فصولاً جديدة. وصل الأمر أيام علي لطفي رئيساً للوزارة أن تقرر عدم هدم أي ملعب في أي مدرسة فلم يتم تنفيذ القرار!! ثم صدر قرار آخر أكثر معقولية وهو أن كل مدرسة جديدة لابد أن يكون لها ملعب خاص وتم بناء آلاف المدارس بلا أي ملعب.. أقمنا مراكز شباب.. تحولت إلي سرادقات عزاء وصالات أفراح.. ثم يقولون رياضة.. فضوها سيرة!!